«ستارلينك» طوق نجاة للسودانيين في ظل انقطاع الإنترنت والاتصالات

«ستارلينك» طوق نجاة للسودانيين في ظل انقطاع الإنترنت والاتصالات

في بلدة تمبول الواقعة في الجزء الشرقي من ولاية الجزيرة بوسط السودان، تجمّع 50 شخصا من مختلف الأعمار في باحة منزل يحملون هواتفهم الذكية حول طبق هوائي لاستقبال إشارة الإنترنت.

بعد قرابة العام على الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع التي تسيطر على تمبول منذ 3 أشهر، وفي ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت في السودان، تشكّل أجهزة "ستارلينك" للاتصال بالإنترنت عبر الفضاء طوق نجاة للسودانيين، إذ تساعدهم في التواصل وتحويل الأموال، وفق وكالة فرانس برس.

وقال السوداني عصام أحمد البالغ 63 عاما وقد رسمت على وجهه ابتسامة، "تحدثت مع ابني بالسعودية".

وتابع أحمد أن نجله أرسل له أموالا عبر "بنكك" وهو (تطبيق إلكتروني لتحويل الأموال)، وحوّلها إلى شخص هنا في السوق، سوف يستلمها منه (نقدا) لشراء احتياجات المنزل.

خارج باحة المنزل، وقف ثلاثون شخصا ينتظرون دورهم للحصول على اتصال بالإنترنت.

نظام ستارلينك الذي يتصل بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية تابع لشركة "سبايس إكس" المملوكة لرجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، وتنتشر خدماته في البلدان التي تعاني حروبا وتتأثر فيها خدمات الاتصالات والإنترنت.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، الحليفين السابقين، في 15 أبريل 2023 والتي أسفرت عن آلاف القتلى وملايين النازحين داخل وخارج البلاد، انهار النظام المصرفي السوداني. 

ولا تصل الرواتب إلى الغالبية العظمى من الموظفين، وبات السودانيون يعتمدون بشكل كبير على المعاملات عبر الإنترنت من خلال تطبيق بنك الخرطوم "بنكك".

وأصبحت أجهزة "ستارلينك" تمثّل شريان الحياة بالنسبة للذين لم يغادروا البلاد أثناء الحرب، حتى يتواصلوا مع الأقارب والمعارف في الخارج ويحصلوا على المال.

ساعة الإنترنت بثلاثة دولارات

وتنتشر أجهزة "ستارلينك" في المناطق التي شهدت وتشهد أعمالا عسكرية مركّزة، على الرغم من حظر شراء أو تداول هذا النوع من الأجهزة في البلاد بقرار من جهاز الاتصالات الحكومي.

وتقطع السودانية أريج أحمد البالغة من العمر 43 عاما ومعها نجلها صلاح (12 عاما) أسبوعيا مسافة 5 كيلومترات سيرا على الأقدام من قريتها وحتى المركز الذي يوفّر خدمة الاتصالات والإنترنت "لكي نحصل على تحويل من زوجي المقيم في دولة قطر".

وقال شخص يعمل في بيع أجهزة "ستارلينك"، وقد طلب عدم ذكر اسمه، "تأتي (الأجهزة) عن طريق التهريب من ليبيا وجنوب السودان وإريتريا"، مشيرا إلى أن سعر الجهاز الواحد يصل إلى 1,8 مليون جنيه سوداني، أي ما يعادل 1500 دولار أميركي تقريبا.

في قرية تبعد 60 كيلومترا شمال مدينة الحصاحيصا في ولاية الجزيرة، يؤكد محمد بالله الذي يدير مركزا لخدمة "ستارلينك" أنه "يمكن الحصول على خدمة الإنترنت لمدة ساعة مقابل ما يعادل 3 دولارات أميركية".

وتابع "خلال 3 أيام عمل فقط، يمكن تعويض سعر الجهاز، بعد ذلك كل ما تحقّقه هو ربح لك"، لافتا إلى أن الغرض الرئيسي من استخدام الخدمة هو "تحويل واستقبال الأموال".

في مخيم عطاش للنازحين قرب مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور في غرب البلاد، قال السوداني محمد بشارة عبر رسالة نصية لفرانس برس "لولا وجود هذا الجهاز لم نكن لنعرف كيفية تدبير النقد". ويراسل بشارة نجله المقيم في ليبيا مرة كل أسبوعين.

فائدة للدعم السريع

ويروي مواطنون أن قوات الدعم السريع التي يتعرّض أفرادها لاتهامات شتى من منظمات وأفراد بارتكاب أعمال نهب وسرقة، تستفيد من الأرباح التي يحقّقها نظام "ستارلينك".

في قرية قنب الحلاوين على الضفة الغربية للنيل الأزرق بالجزيرة، قال مواطن إن أفراد الدعم السريع "يأتون صباحا بجهاز ستارلينك ويستخدمونه في ساحة أحد الأندية ثم يغادرون عصرا بعد جني الكثير من الأموال".

في قرية أخرى على الضفة الشرقية من النيل الأزرق، تفرض رسوم على مقدمي خدمة الاتصالات هذه. 

وقال صاحب مركز تقديم خدمة "ستارلينك"، إن قوات دقلو "تفرض رسوما علينا بشكل يومي تصل إلى 150 ألف جنيه سوداني" (حوالي 140 دولارا).

ويبدو الجيش في مناطق سيطرته أكثر تساهلا.

وأعلنت بلدية أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، في نهاية فبراير أن الفريق أول البرهان قدّم بضع أجهزة "ستاريلينك" كهبات، من أجل "أن يحصل السكان على الإنترنت مجانا".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية