سوريون يوصلون وجبات طعام مجّانية للمحتاجين في رمضان

في مبادرة لتغيير الصورة النمطية عنهم

سوريون يوصلون وجبات طعام مجّانية للمحتاجين في رمضان

 

قبل دقائق من غروب الشمس، يخترقُ يوميًا خلال شهر رمضان سرب من الدراجات النارية شوارع دمشق باتجاه مناطق فقيرة، بهدف توزيع وجبات طعام مجّانية، في مبادرة يسعى من خلالها هواة ركوب هذه الآليات إلى تغيير الصورة النمطية عنهم.

ويُشرف قائد فريق "دراجي سوريا الأمل" طارق عبيد على عمليات دخول الدراجات إلى الأحياء الأشدّ عوزًا وتوزيع الطعام على المنازل والعوائل.

ويقول عبيد (52 سنة) "نستهدف الأماكن الأشدّ فقراً، وصار الناس يعرفوننا ويبتسمون لنا ويحبّوننا".

ويُضيف "نسعى أن نوظّف رياضة ركوب الدراجات النارية في عمل إنساني وأخلاقي".

وعلى وقع أزمة اقتصادية متمادية وأوضاع معيشية خانقة، يتناوب نحو خمسين متطوعًا من هواة ركوب الدراجات النارية في دمشق وريفها لدى جمعيات خيرية وإنسانية تسهم في إعداد الطعام للمحتاجين.

بعد تقطيع الخضار وغسل الأرّز وطبخ اللحم يوميًا، تعلّب الجمعيات وجبات غذائية وتُعدّها لينقلها موكب الدراجات النارية بطريقة استعراضية عبر شوارع المدينة.

ويتابع عبيد "كان الناس يبتعدون عن الدراجات النارية حين يرونها. أما اليوم فصاروا يستبشرون فينا ويبتسمون حين يرون لباسنا الأزرق الموحّد أو يسمعون أصوات آلياتنا".

وبدأ الفريق الذي يضمّ أعضاء مسيحيين ومسلمين والذي يؤكد أن ليس لديه أي انتماء سياسي أو ديني، نشاطاته خلال فترة انتشار كوفيد-19.

ونقل الدرّاجون خلال تلك الفترة أسطوانات أكسجين إلى المصابين الذين كانوا يحتاجون إليها.

بعد انتهاء الجائحة، حوّل الفريق جهده نحو نشاطات إنسانية أخرى، مثل مساعدة المنكوبين بعد الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في فبراير 2023 والمشاركة في نشاطات للأطفال في دور الأيتام وتوزيع الطعام على العوائل الفقيرة في شهر رمضان.

ابتسامة طفل واحد

أثناء استعدادهم للانطلاق إلى إحدى دور العجزة في أطراف دمشق، يشرح الدرّاجون أن استخدام الدراجات النارية يساعد على التنقلّ بالمناطق المزدحمة والحارات الضيقة، وعلى الوصول بسرعة إلى المكان المقصود.

يضع جورج حفتة (37 سنة) خوذته على رأسه وينطلق مع الفريق، قائلًا "رغم أن الدراجة تستهلكُ كميات أقل من المحروقات، نواجه صعوبة في تأمين البنزين ونغطي نفقاتنا بأنفسنا".

وتعيش سوريا نزاعاً دامياً منذ عام 2011 تسبّب في مقتل أكثر من نصف مليون شخص وألحق دماراً واسعاً بالبنى التحتية واستنزف الاقتصاد وبات غالبية السكان تحت خط الفقر.

ويسهم في الصورة النمطية السلبية التي تسود إجمالا عن الدرّاجين في سوريا، إقدام عدد من النشالين على استخدام وسيلة التنقل هذه للسلب والفرار سريعا، بحسب فرانس برس.

ويُتابع المتطوّع "نحاول أن نعيد هذه الرياضة إلى مكانتها الصحيحة في المجتمع، من خلال تأدية واجبنا الاجتماعي بمسؤولية، وننسى كلّ تعبنا عندما نرى ابتسامة طفل واحد".

ويرتدي معظم أعضاء الفريق خواتم معدنية كبيرة في أصابعهم، فيما أطلق آخرون لحاهم.

يصل "حفتة" ورفاقه أخيراً إلى دار الكرامة للمسنين في منطقة قريبة من دمشق، ويترجّلون عن دراجاتهم ويتوزّعون مباشرة مع أكياس الوجبات الغذائية على الغرف والطوابق.

ويشارك عامر توتنجي في عملية التوزيع التي طالت منذ بداية شهر رمضان عشرات العوائل والأشخاص.

ويقول الرجل الذي يبلغ 31 عامًا "نستغل الدراجة النارية لأنها أصغر حجماً وأكثر مرونة في الوصول والتوزيع الدراجة تحوّلت من وسيلة نقل شخصية إلى وسيلة لمساعدة الناس".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية