"تغير المناخ" يكشف عن وجه مفزع في الإمارات وسلطنة عمان والبحرين

أدى إلى 21 حالة وفاة بينهم 12 طفلاً

"تغير المناخ" يكشف عن وجه مفزع في الإمارات وسلطنة عمان والبحرين

اجتاحت عاصفة عاتية دولة الإمارات وسلطنة عُمان والبحرين، خلال الأيام القليلة الماضية، أدت إلى هطول أمطار غزيرة بشكل غير مسبوق غمرت الطرق السريعة والمنازل وعطلت حركة الطيران والمرور وتسببت في وقوع خسائر بشرية ومادية.

وكشفت ظاهرة التغيرات المناخية عن وجه أشد قسوة في شبه الجزيرة العربية، حيث أدت أمطار رعدية غزيرة إلى فيضانات وسيول في الأودية والشعاب، ما أدى إلى فزع وتضرر العديد من السكان.

دولة الإمارات

وبتطرف مناخي استثنائي ونادر، شهدت دولة الإمارات هطول أمطار غزيرة تعد هي الأكبر منذ 75 عاما، بالتزامن مع بدء تسجيل البيانات المناخية في عام 1949 بالبلاد.

ووصف المركز الوطني للأرصاد (رسمي)، الكميات القياسية للأمطار بـ"الحدث الاستثنائي" في التاريخ المناخي لدولة الإمارات، إذ شهدت البلاد أحوالا جوية متقلبة شملت أمطاراً كثيفة ورياحاً شديدة، أطلق عليها "منخفض الهدير".

وهدير هو اسم ذو أصل عربي، يعني رفع الصوت وتكراره بشكل مميز، ويشير إلى الأصوات العالية والصاخبة، وفي المناخ يعد الهدير هو الصوت العميق والقوي خلال الطقس العاصف.

وأدى هطول الأمطار إلى تعطيل مناطق واسعة بالإمارات، حيث أدى إلى اضطراب حركة الطيران وخاصة في مطارات دبي والتي طلبت من المسافرين عدم التوجه إلى المطار إلا في حالات الضرورة القصوى.

ونقل رواد منصات التواصل الاجتماعي، صورا ومقاطع مصورة، لسيارات عائمة في بحيرات من الأمطار بالشوارع، إضافة إلى نشوب حريق ضخم في بناية شاهقة الارتفاع قرب برج خليفة بدبي.

تعزيز مخزون المياه الجوفية

ورغم الخسائر المادية، أفاد خبراء المناخ بأن هطول الأمطار بهذه الغزارة والكثافة سيساهم في زيادة المتوسط السنوي للأمطار في الإمارات، وكذلك في تعزيز مخزون المياه الجوفية بالدولة بشكل عام.

وأعلنت حكومة دبي تمديد فترة العمل عن بُعد لجميع الجهات التابعة لها وكذلك المدارس بسبب الأحوال الجوية، كما شجّعت مؤسسات القطاع الخاص على تطبيق نظام العمل عن بُعد واتخاذ التدابير اللازمة لضمان السلامة للجميع.

ومساء الخميس، أعلنت السلطات الإماراتية، انتهاء المنخفض الجوي "هدير" والذي تأثرت به مختلف مناطق الدولة، وذلك بعد انحسار الأمطار وتحسن الأحوال الجوية تدريجياً.

وثمنت وزارة الداخلية دور الجهات المعنية التي ساهمت في تقليل التداعيات الناجمة عن الحالة الجوية غير الاعتيادية، من خلال الاستجابة المتكاملة التي اتسمت بالاستباقية والاحترافية وساهمت بإيجابية في حماية الأرواح والممتلكات وتعزيز الاستقرار والسلامة في المجتمع.

وأكدت الوزارة أن جهود فرق العمل الميدانية عملت بصورة وقائية، وستواصل فرق الدفاع المدني والإسعاف والإنقاذ والدوريات الشرطية مهامها في تأمين طرق وأماكن جريان المياه والأودية ومخارج السدود وتنظيم حركة السير وسحب المياه المتراكمة.

هطول الأمطار أمر نادر في الإمارات وبعض الدول الخليجية المعروفة بمناخها الصحراوي الجاف، إذ يمكن أن ترتفع درجات حرارة الهواء في الصيف لأكثر من 50 درجة مئوية.

تلقيح السحب

وعقب وقوع هذا الحدث المناخي الاستثنائي، اتجهت الشكوك إلى الجهود التي تبذلها الإمارات لاستمطار السحب، حيث يتم فيها تلقيح السحب بمواد كيميائية لزيادة هطول الأمطار في بيئة تشكل ندرة المياه فيها مصدر قلق، غير أن المركز الوطني للأرصاد بالإمارات قال إنه لم تكن هناك مثل هذه العمليات قبل هبوب العاصفة.

وتُصنف دولة الإمارات من بين الدول الأكثر عرضة للتأثيرات المحتملة لتغير المناخ في العالم، ما يترتب عليه تعرضها لارتفاع أكثر في درجات الحرارة وسقوط الأمطار وانتشار الجفاف وارتفاع مستوى مياه البحار، وهبوب العواصف.

ورغم ذلك تلعب الإمارات دورًا مركزيًا في اقتصاد الطاقة في العالم باعتبارها مورداً للوقود الأحفوري، ما يجعلها  داعمًا مهمًا في إيجاد حلول لتقليل الانبعاثات، مع الاستمرار في تزويد العالم بالطاقة التي يحتاج إليها.

كما تشارك بفاعلية في مكافحة تغير المناخ لأنها تدرك مخاطر ضعف الاستجابة تجاه هذه القضية الكونية، والمسؤولية العالمية الكبيرة التي على عاتقها تجاه الحلول والبدائل.

وبحسب الإفادات الرسمية، تقع الإمارات على مدار السرطان؛ حيث تتعامد أشعة الشمس مباشرة على إمارة أبو ظبي بالأخص، وبالتالي فإن المناخ بشكل عام حار وجاف.

سلطنة عمان

وبصورة أشد قسوة وعنفا مناخيا، أعلنت السلطات في سلطنة عمان، أن المنخفض الجوي المطير أدى إلى 21 حالة وفاة بينهم 12 طفلا، فيما يتم البحث عن مفقودين اثنين آخرين.

ووفق التقديرات الرسمية، تعاملت شرطة عُمان مع عدد من البلاغات، ما أسفر عن إنقاذ أكثر من 1630 شخصًا وإجلاء أكثر من 630 شخصًا آخرين.

ونفذ سلاح الجو العماني عمليات لإنقاذ السكان الذين حاصرتهم السيول الجارفة في منازلهم، وتم إجلاؤهم ونقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج اللازم.

وقررت السلطات تعليق العمل في جميع وحدات الجهاز الإداري للدولة والعاملين في القطاع الخاص في 5 محافظات (شمال) الأكثر تضررا في البلاد.

وبحسب بيان لوزارة الزراعة وموارد المياه العمانية، فإن إجمالي كمية مياه الأمطار التي احتجزها 49 سدًّا من سدود الحماية من مخاطر الفيضانات بعدد من ولايات سلطنة عُمان، بلغ أكثر من 179 مليون متر مكعب وذلك خلال الفترة من 14 إلى 17 أبريل الجاري.

وغالباً ما تتسبب الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات مفاجئة في سلطنة عمان، ما يؤدي إلى امتلاء مجاري الأنهار الجافة القريبة، وفيضانها، وهو ما ينجم عنه سيول تجرف الأشخاص والمركبات التي تعترض مسارها.

البحرين

وأدى المنخفض الجوي في البحرين إلى هطول أمطار غزيرة ورياح شديدة، تسببت بتدفق سيول ضخمة وأضرار لحقت بالمحلات والمنازل والسيارات والمنشآت.

وتداول رواد منصات التواصل الاجتماعي، صورا ومقاطع مصورة تظهر تدفق المياه في الشوارع، وتضرر العديد من المحال التجارية والمنازل، إضافة إلى سيارات شوهدت عالقة في الشوارع بسبب الأمطار الغزيرة.

أغلقت السلطات البحرينية عدداً من الشوارع والطرقات والأنفاق احترازياً، وتم تحويل الحركة إلى شوارع أخرى، بسبب تدفق السيول وغزارة الأمطار، وسط تحذيرات للمواطنين بضرورة توخي الحيطة والحذر.

كما أعلنت وزارة التربية والتعليم في المملكة، تعليق الدراسة في المدارس الحكومية والخاصة ومؤسسات التعليم العالي ورياض الأطفال والحضانات، حرصاً على سلامة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.

ومن جانبه دعا ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد، إلى حصر الأضرار الناتجة عن تجمع مياه الأمطار وتعويض المتضررين، وإخضاع المناطق المتضررة إلى برامج للتطوير على صعيد البنية التحتية وشبكات التصريف، لضمان رفع كفاءتها لمواجهة مختلف الظروف.

دراسة شاملة

وأعلن المركز الإقليمي للتغيّر المناخي في السعودية، البدء بدراسة مناخية شاملة لأسباب وقوع المنخفض الجوي "هدير" والذي أثّر في دول مجلس التعاون الخليجي، ومعدلات الأمطار المتطرفة الناجمة عنه. 

وتتوقع دراسات مناخية أن منطقة الخليج العربي ستعاني على نحو متكرر من هطول أمطار غزيرة لمدد قصيرة، ما يؤدي إلى تشكيل فيضانات مفاجِئة تجري بسرعة عبر الأودية في اتجاه البحر أو المحيط.

وأضافت أن التوسع العمراني بقيادة النمو السكاني المُتسارع في هذه المنطقة أدى إلى تغيير مسارات تدفُّق المياه الطبيعية، ما يعوق أحياناً مرور مياه الفيضانات بكفاءة، ومن ثَم يتسبب في خسائر في الأرواح، وأضرار في البنية التحتية والممتلكات، وإغراق أنظمة الصرف الصحي واحتمال تفشي الأمراض.

وأشارت أصابع الاتهام في حدوث المنخفض الجوي إلى ظاهرة "النينيو" وهي سلسلة من أحداث الاحترار والتبريد تحدث على طول خط الاستواء في المحيط الهادي.

وتتنامى هذه الظاهرة المناخية عندما يكون هناك انخفاض في كمية المياه الباردة التي ترتفع إلى سطح البحر، ما يؤدي إلى زيادة درجات حرارة سطح البحر وبالتالي ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي فوقه، وتؤدي أيضا لظاهرة التطرف المناخي، والتي قد تبدو في بعض البلدان فيضانات واسعة، وفي بلدان أخرى موجات جفاف وسلسلة حرائق.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية