أمطار الإمارات والتغير المناخي

أمطار الإمارات والتغير المناخي
محمد الحمادي

 

استضافت الإمارات في نوفمبر 2023 واحدة من أهم اجتماعات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) وأكثرها نجاحًا والتي تم خلالها تحقيق العديد من الإنجازات على المستوى العالمي، وبما يلبي طموح العاملين في مجال التغير المناخي، وهذا لم يكن ليحدث لولا إيمان حكومة الإمارات بتحديات التغير المناخي ورغبتها الصادقة في إيجاد الحلول التي تُجنِب كوكب الأرض والبشرية مخاطر التغير المناخي، وهذا ما دفعها إلى إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم.

وبعد أقل من خمسة أشهر من تلك الاجتماعات وفي الأسبوع الماضي واجهت الإمارات تأثيرات التغير المناخي وشهدت واحدة من أقوى موجات المطر في تاريخها، فكمية الأمطار التي هطلت على مختلف مدن الإمارات لم تشهدها منذ 75 عامًا حسب أقدم تسجيل متوفر لكمية الأمطار في المنطقة، وما تسببت به تلك الأمطار من أضرار للممتلكات والبنية التحتية يؤكد أن تلك الأمطار ليست التي تعرفها الإمارات، فعلى الرغم من أن الإمارات تمتلك واحدة من أفضل البنى التحتية في العالم حيث تأتي في المرتبة السابعة عالميًا وفي المركز الأول بين الدول العربية فإن تأثير الأمطار كان واضحًا في العديد من مناطق الإمارات، وعلى الرغم من مستوى الأضرار فإن الجهات المعنية تمكنت من تدارك الأضرار وإصلاح أغلبها خلال أربع وعشرين ساعة وواصلت العمل على مدى الأيام التالية وخصوصًا في المناطق الأكثر تضررًا. 
وهنا يتضح تأثر الإنسان الفرد بهذه التغيرات المناخية وتأثيراتها المختلفة، فقد عطلت الأمطار الغزيرة حياة الناس بشكل كبير ولو كان لساعات قليلة فقدْ فَقدَ الناس في بعض المناطق حقهم في حرية الحركة وحقهم في الحصول الغذاء والمياه والحق في الصحة وكذلك الحق في السكن بسبب تضرر المساكن التي أغرقتها مياه الأمطار ومياه الوديان.

فعليًا كانت كمية الأمطار التي هطلت كبيرة جدًا وغير معتادة حتى في الدول ذات الطبيعة المطرية، فقد قدرت كمية الأمطار التي شهدتها الإمارات خلال الأيام الثلاثة من 14 حتى 17 أبريل 2024 بأكثر من 6 مليارات متر مكعب بمعدل 99.6 مليمتر، وهذا ما أرهق البنية التحتية وأثر على حياة الناس.

على الرغم من أن الإمارات واحدة من أكثر الدول التزامًا وعملاً على حماية كوكب الأرض ومواجهة نتائج التغير المناخي فإنها تأثرت بتلك التغيرات، وما حدث في الإمارات ودول خليجية أخرى يؤكد من جديد ضرورة العمل العالمي من أجل مواجهة تغيرات المناخ التي يتسبب بها البشر وعلى الدول الصناعية الكبرى أن تتحمل مسؤوليتها في الحد من الانبعاثات الكربونية الضارة وتلتزم بالقرارات الدولية وبما أكدت عليه اتفاقية باريس في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ أن من واجب كل الدول "عند اتخاذها الإجراءات الهادفة إلى التصدي لتغير المناخ احترام التزامات كل منها بشأن حقوق الإنسان وتعزيزها ومراعاتها".



ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية