قرار ملزم للجمعية العامة للأمم المتحدة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة

قرار ملزم للجمعية العامة للأمم المتحدة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة

يعتمد حل الأزمة الفلسطينية ومستقبل عضوية الدولة الفلسطينية في النظام القانوني للأمم المتحدة، على فهم أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1947 هو قرار ملزم. ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ملزم أيضًا بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181.

نظرًا لأن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة هي توصيات وليست ملزمة قانونًا وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، فقد قبل العالم أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 كتوصية وليس ملزمًا قانونًا.

ما يجعل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 ملزما هو أن القرار 181 قد تبين أنه معاهدة دولية، من شأنها إنهاء استعمار الانتداب الفلسطيني بعدما قبلت المملكة المتحدة التوصيات الواردة في القرار على النحو التالي:

يوصي إلى المملكة المتحدة.. وإلى جميع أعضائها الآخرين باعتماد وتنفيذ خطة تقسيم الأراضي «على النحو المبين في القرار، بين دولتين مستقلتين، إحداهما عربية والأخرى يهودية، فضلا عن إنشاء نظام دولي خاص لمدينة القدس».

 

نشأت توصية قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 من خلال رسالة أرسلتها المملكة المتحدة إلى الأمم المتحدة.

في 2 أبريل 1947، أرسلت المملكة المتحدة رسالة إلى القائم بأعمال الأمين العام للأمم المتحدة تطلب فيها إدراج قضية فلسطين في جدول أعمال الدورة العادية التالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلاوة على ذلك، طلبت عقد دورة استثنائية للجمعية العامة في أقرب وقت ممكن بغرض تشكيل وتوجيه لجنة خاصة للاستعداد للنظر في مسألة ملحة خلال دورتها العادية المقبلة. كما أشارت الرسالة إلى أن حكومة المملكة المتحدة ستقدم تقريرًا عن إدارتها للانتداب على فلسطين إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وستطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة تقديم توصيات، بموجب المادة الـ10 من ميثاق الأمم المتحدة، بشأن حكومة فلسطين المستقبلية.

بعد رسالة المملكة المتحدة، شكلت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة خاصة وأوعزت إليها بالتحقيق في جميع المسائل والمشكلات المتعلقة بأزمة فلسطين، وإعداد مقترحات لحلها.

وأعدت اللجنة الخاصة تقريرا يتضمن عددا من التوصيات بالإجماع وخطة للتقسيم. 

وقد كُتبت خطة تقسيم الانتداب على فلسطين في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 وفقا لتقرير اللجنة الخاصة.

عندما أرسلت المملكة المتحدة الرسالة في 2 أبريل 1947، كانت الرسالة خاضعة للمادة 10 من ميثاق الأمم المتحدة. عندما ذُكر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 في نص إنهاء الانتداب على فلسطين، أصبح هذا القرار يندرج داخل الفصل الثاني عشر من ميثاق الأمم المتحدة، نظام الوصاية الدولي.

 

جدير بالذكر أنه في كل عملية لإنهاء الاستعمار، خاضعة للفصل الحادي عشر والفصل الثاني عشر من ميثاق الأمم المتحدة، لا بد من إبرام معاهدة لإنهاء الاستعمار.

عندما قبلت المملكة المتحدة بصفتها السلطة المنتدبة، التوصية الواردة في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181، تحولت التوصية المقبولة إلى معاهدة لإنهاء الاستعمار والانتداب البريطاني على فلسطين.

 

وعندما يرد في نص القرار «ينتهي الانتداب على فلسطين في أقرب وقت ممكن ولكن في أي حال في موعد لا يتجاوز 1 آب/أغسطس 1948» بوصفه معاهدة لإنهاء الاستعمار، اكتسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة طابع الكافة وأصبح قاعدة آمرة وملزمة.

 

بمجرد أن يصبح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 معاهدة دولية لإنهاء الاستعمار ذات طابع آمر للكافة، لم يعد تنفيذ نص القرار توصية بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكنه أصبح ملزمًا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ثم يطلب القرار «أن يتخذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التدابير اللازمة على النحو المنصوص عليه في خطة تنفيذه».

 

نظرًا لأن القرار 181 وضع الحدود لدولتين، عندما طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من مجلس الأمن تنفيذ القرار، فقد تضمن ذلك أيضًا في الفقرة 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تحمي سلامة أراضي دولة فلسطين المستقبلية.

أعلنت إسرائيل استقلالها على أساس قرار الجمعية العامة رقم 181؛ ثم نشب نزاع مسلح بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، ولم تنفذ خطة التقسيم كما وردت في القرار.

طالما أصبحت إسرائيل عضوًا في الأمم المتحدة من خلال أراضيها على النحو المحدد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181، وطالما أن الغزو محظور في ميثاق الأمم المتحدة، وعلى الرغم من أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لا يملك سلطة تغيير أي أراضٍ دولية على النحو المبين في ميثاق الأمم المتحدة، فإن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 كمعاهدة دولية لإنهاء الاستعمار لا يزال ملزمًا حتى اليوم لمجلس الأمن لتنفيذه.

--------------------------------------

أ.د. محمد شوكرو جوزيل

رئيس مركز دراسات السلام والمصالحة



ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية