نقيب الصحفيين المصريين لـ«جسور بوست»: معركة فلسطين أثبتت أن تحرير الصحافة ينقذ الأوطان
نقيب الصحفيين المصريين لـ«جسور بوست»: معركة فلسطين أثبتت أن تحرير الصحافة ينقذ الأوطان
التحول الديمقراطي في أي بلد بالعالم يتخذ من الصحف ووسائل الإعلام منصة وساحة للحوار المجتمعي بين المواطنين
العمل الصحفي في مصر مقيّد ولا بد من سعي ونقاش جاد وتفاوض مستمر لتوسيع مجال العمل العام ومساحات الحرية
لم آتِ لافتعال أزمات وحريص على إقامة علاقات متوازنة مع السلطة تليق بقيمة الصحفيين دون تبعية أو صدام
تقديم الشكر للرئيس المصري على قراره زيادة بدل الصحفيين لا يعني الموافقة على كل السياسات العامة
لم أتخلَ عن قناعاتي وانحيازاتي لكني في إجازة من المعارضة السياسية خلال فترة تولى منصبي كنقيب للصحفيين
لم أكن يوماً من أنصار الثورة الدائمة ولست من فريق تحميلها ذنباً لم تقترفه وألعب الآن دور "المفاوض الكبير"
نقابة الصحفيين بمصر سعت إلى تحرر الصحفيين من سيطرة رؤساء التحرير وملاك الصحف
من المهم بناء جسور تواصل مع السلطة خاصة أنها تملك وتدير نحو 80 بالمئة من المؤسسات الصحفية
أنأى بالنقابة عن خوض أي تجاذبات سياسية أو حزبية وأخوض العمل بمنطق مهني ونقابي فحسب
من مصلحة السلطة السياسية أن تكون لديها أجنحة قوية ومعارضة حقيقية ونقابات صلبة
في منطقة تموج بالنزاعات والحروب المكتومة والمعلنة، تصبح الصحافة هي واحة الحرية الوحيدة في صحراء الاستبداد والهزائم، والمهنة التي تؤمن أن الصمت ليس خياراً مطروحاً في زمن إسكات الأصوات المنتقدة والمعارضة.
وفي يومها العالمي تتجلى مقولة الصحفي والكاتب المصري مصطفى أمين، إن "الصحافة الحرة تقول للحاكم ما يريده الشعب، وليس أن تقول للشعب ما يريده الحاكم"، ولذلك تعد أوضاع الصحافة مؤشراً رئيسياً على التزام الدول بمسار الديمقراطية والحريات العامة في العالم.
ويأتي الاحتفال العالمي بحرية الصحافة والذي يجرى في الثالث من مايو من كل عام، لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، إلى جانب مناقشة قضايا أخلاقيات المهنة والدفاع عن وسائل الإعلام من الاعتداءات على استقلالها.
"جسور بوست" تحاور بهذه المناسبة نقيب الصحفيين في مصر خالد البلشي، بشأن العديد من القضايا المهنية والنقابية المحلية والعربية، لا سيما في ظل تصاعد الأزمات والتوترات بالمنطقة.
والبلشي (52 عاما) هو صحفي ونقابي بارز وأحد وجوه المعارضة الشهيرة بمصر، أسس وترّأس تحرير العديد من الصحف والمواقع الإخبارية أبرزها البديل والكاتب والوادي والبداية ودرب، وحصل على جائزة نيلسون مانديلا للحريات عام 2017، وتم انتخابه نقيباً للصحفيين في مارس 2023.
**قدّمت كشف حساب في جولة داخل الصحف عقب استكمال نصف مدة ولايتك الانتخابية.. ماذا حققت وما أبرز مستهدفاتك؟
كان الهدف الرئيسي هو استعادة النقابة دورها كبيتٍ لكل الصحفيين، وهذه الرسالة كانت يجب أن تصل لجميع الأعضاء على اختلاف مرجعياتهم وتنوعهم الأيديولوجي بشكل يحقق مصالحهم المهنية والنقابية في المقام الأول، ثم يأتي بالتوازي استعادة نقابة الصحفيين لمكانتها الوطنية كصرح مدافع عن حرية الرأي والتعبير ومنبر للنشاط والتأثير في المجتمع.
عادت النقابة لممارسة الأنشطة المتعلقة بالحريات واستيعاب مئات الصحفيين في الفعاليات الاجتماعية والثقافية والسياسية مثل حفلات الإفطار والحفلات الغنائية والندوات الثقافية الخاصة بالقضية الفلسطينية وغيرها، وصولا لسلالم النقابة التي استعادت رمزيتها كموطن رئيسي للتعبير عن الرأي وصوت ضمير المجتمع حيال القضايا الوطنية والإقليمية والدولية.
نقيب الصحفيين في مصر خالد البلشي
على صعيد القضايا المهنية، هناك العديد من الشواغل المتعلقة بحرية وتعددية العمل الصحفي، وملف الأجور، وعلاقات العمل داخل المؤسسات الصحفية، وتعيين الصحفيين المؤقتين في الصحف القومية، واستمرار الحبس في قضايا الرأي، ورفع الحجب عن المواقع الصحفية، وغيرها، إضافة إلى تفعيل الأدوات والجهود النقابية في المطالبة بإطلاق سراح بعض الصحفيين المحبوسين، وبعض النشطاء الذين تم القبض عليهم خلال تنظيم فعاليات احتجاجية على سلالم النقابة دعما للقضية الفلسطينية.
بشكل عام لا يزال الطريق طويلا وشاقا ويحتاج إلى مزيد من العمل الجاد الدؤوب في ما يتعلق بالقوانين الخاصة بالعمل الصحفي، خاصة قانون حرية تداول المعلومات والبيانات، وإصدار نصوص لمنع الحبس في قضايا النشر، وتعديل قانون الإجراءات الجنائية الخاصة بالحبس الاحتياطي، لا سيما أن هناك نحو 20 صحفيا محبوسا حتى الآن.
**ما هي أبرز التحديات التي واجهت نقيب صحفيين جاء من معسكر المعارضة؟
ربما لا تزال العلاقات مع أجهزة الدولة في حاجة إلى مزيد من الجهود لإثبات أننا لم نأتِ لافتعال أزمات أو تفجير أوضاع أو تسجيل مواقف على السلطة، ونحرص على إقامة علاقات متوازنة تليق بقيمة الصحفيين دون تبعية أو صدام في الوقت نفسه، وأظن أن ذلك تأكد لدى النظام السياسي وقطاع واسع من الجمعية العمومية للصحفيين، لا سيما أن النقابة لعبت دورا بارزا في القضية الفلسطينية منذ الأحداث الأخيرة، وأصبحت رقما مضافا وصوتا معبرا عن موقف الدولة المصرية في التعامل مع هذه القضية الحاضرة في قلوب العالم العربي.
**لعبت النقابة خلال العام الماضي دورا عربيا لافتا وخاصة مع القضية الفلسطينية.. ما تقييمك لأوضاع الصحافة العربية؟
الحقيقة أن جميعنا في أزمة كبرى والمنتصر الوحيد فيها هي الصحافة الفلسطينية التي أعادت الزخم والثقة لوسائل الإعلام العربية، وأعادت الاعتبار لقيمة حرية الصحافة، وبعثت برسائل للغرب في غاية الأهمية، مفادها أننا ما زلنا قادرين على صناعة صحافة مختلفة، وهزيمة جميع أدوات السيطرة الغربية، والوقوف في مواجهة التزوير والتزييف وفضح ازدواجية الإعلام الغربي الذي كان يدعي المهنية والموضوعية.
كما بعثت الصحافة الفلسطينية أيضا برسالة أخرى مهمة مفادها أن قمع الصحافة أو محاولة النيل منها هو في الواقع إجهاض لدورها كسلاح في الدفاع عن حرية الأوطان، فعندما تتحرر الصحافة جديا تقف في الصفوف الأولى للمعركة بكل قوة وشجاعة، وتصبح أول الداعمين والمنتصرين للقضية.
**برأيك هل الاشتباك مع ملف تعديل قانون نقابة الصحفيين يحتاج إلى إرادة سياسية من السلطة أم إرادة صحفية من أصحاب المهنة؟
في اعتقادي أن تعديل قانون النقابة رقم 76 لسنة 1970 يحتاج إلى جهد مكثف من الجماعة الصحفية لتقوم بواجبها على الوجه الأكمل في المطالبة بتعديل القانون والاستعداد بتجهيز كل التعديلات قبل أن تأتي هجمة مباغتة في أي لحظة، لأن ذلك حق أصيل للصحفيين، كما أنني لست من أنصار الرأي الذي يعول على المناخ السياسي ويجنح نحو انتظار اللحظة المواتية، لا سيما في ظل التغييرات الهيكلية التي طرأت على العمل الصحفي بوجود آلاف الصحفيين الإلكترونيين، وهي التطورات التي تستلزم إجراء تعديلات على قانون نقابة الصحفيين.
**ما رأيك في اعتقاد البعض أن تعدد المواقع الإخبارية وحركة التغييرات الصحفية في المؤسسات القومية مؤشر على اتساع مجال الحريات بمصر؟
بالفعل هي مؤشرات جيدة إلى حد ما، ولكن يظل أمامنا الكثير لتحرير العمل الصحفي من القيود، وما يترتب على ذلك من إعادة النظر في ملف حجب المواقع ومراجعة قواعد وآليات الحجب، وربما كانت أزمة تغطية الصحفيين والمصورين لجنازات الفنانين والمشاهير عرضا لمرض غياب الحريات والقيود المفروضة على الإعلام، والتي حالت دون التعاطي الجاد والحقيقي لقضايا المجتمع مقابل الإقبال على صحافة الجنازات و"التريند".
ورغم الخطوات الإيجابية، ما زلت أرى أن العمل الصحفي في مصر مقيد، ولا بد من سعي ونقاش جاد وتفاوض مستمر لتوسيع مجال العمل العام ومساحات الحريات الصحفية، وخاصة أن التحول الديمقراطي في أي بلد بالعالم يتخذ من الصحف ووسائل الإعلام منصة وساحة للحوار المجتمعي بين المواطنين.
والتغييرات الصحفية الأخيرة في المؤسسات القومية لقيت ترحيبا وانتقادات في الوقت نفسه، حيث رآها البعض خطوة للأمام في اتجاه إعلاء قيمة التغيير وتمكين الشباب في المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة، والبعض الآخر انتقد غلبة أهل الثقة على أهل الكفاءة والخبرة في التعيينات، في النهاية تظل المعايير والآليات التي يتم الاختيار على أساسها تحتاج إلى مراجعة كبيرة وأن تكون معلنة بوضوح حتى لا يثار حولها علامات الاستفهام وشبهات المحاباة، وفي كل الأحوال طريق الدفاع عن الحريات ممتد وطويل، والنقابة تبذل جهودا في هذا المسار لإيمانها بأنه لا توجد صحافة بلا حريات ولكن تظل النتائج حتى الآن شديدة المحدودية ونتمنى أن يحدث الكثير مستقبلا.
**يعاني قطاع من الصحفيين أوضاعا مالية شديدة السوء.. ما الذي يعطل إصدار لائحة عادلة للأجور؟
أولا يَصعب الحديث عن تحسين الأوضاع الاقتصادية والمالية لأصحاب مهنة مُعطلة أو تعاني من القيود، خاصة أنها الأزمة مركبة تتعلق بالحريات بالأساس لأن تراجع الحرية يؤدي إلى تضرر المنتج الصحفي وما يترتب على ذلك من عدم إقبال القراء على شراء الصحف.
ورغم ذلك سعت النقابة إلى اتخاذ خطوات في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتمت زيادة الحد الأدنى لعقود التعيين في المؤسسات الصحفية من 1200 جنيه إلى 3500 جنيه، وحاليا يتم العمل على زيادته إلى 6000 جنيه وفقا للحد الأدنى للأجور في الدولة، ومؤخرا خاطبت النقابة جميع المؤسسات الصحفية بكافة تنوعاتها بتطبيق الحد الأدنى للأجور 6000 جنيه بدءا من أجر شهر مايو.
كما سيتم العمل على وضع قواعد وضوابط لضمان حصول الصحفيين على الأجر المنصوص عليه في العقود، لأنه من غير المعقول أن الفئة التي تعبر عن هموم المواطنين تتقاضى أجوراً أقل من المواطنين.
وبالفعل استجابت الصحف القومية والصحف التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية إلى زيادة الحد الأدنى للأجور بالفعل، وتخوض نقابة الصحفيين معارك لزيادة الرواتب في بعض الصحف الخاصة والحزبية والتي لم تستجب حتى الآن إلى هذا القرار، كما بذلت النقابة جهودا لزيادة بدل التكنولوجيا وبالفعل شهد زيادة لمرتين متتاليتين خلال عام، ولا يزال جموع الصحفيين لديهم طموح بزيادة أخرى.
يأتي ذلك إلى جانب دعم النقابة لجميع التحركات الاحتجاجية للصحفيين لزيادة أجورهم وتحسين أوضاعهم الاقتصادية، وذلك في جريدة الوفد والبوابة نيوز ومجلة الإذاعة والتلفزيون، و"BBC" البريطانية، ووكالة أنباء رويترز وغيرها، كما ستحتل أزمة الأوضاع الاقتصادية مكانة كبيرة في جدول أعمال المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين لبحث سبل التعامل مع هذا الملف الشائك.
وبالنسبة لملف تحسن أوضاع الصحفيين المفرج عنهم مؤخرا، لن أكشف سرا إذا أعلنت الآن أن النقابة نجحت في التواصل إلى اتفاق مع إحدى الجهات في الدولة لتوفير 100 ألف جنيه شهريا لتقديم دعم مالي لفترة انتقالية وفرص عمل وخدمات صحية وغيرها بهدف دمج وتأهيل الصحفيين الذين سبق حبسهم على خلفية قضايا سياسية.
**وماذا تم في ما يتعلق بتنظيم علاقات العمل، خاصة في ظل تزايد معدلات الفصل التعسفي للصحفيين؟
تفعيل الذراع التفاوضية للنقابة في أزمات الفصل التعسفي للصحفيين يبدأ من التواصل مع رؤساء التحرير وملاك الصحف وصولا إلى مرحلة التقاضي أمام المحاكم، وجزء كبير من حل هذه الأزمة يكمن في تحسين السوق الصحفي، والذي قد يؤدي بالتبعية إلى تنظيم علاقات العمل داخل المؤسسات الصحفية.
ولكن الوجه الآخر لهذه الأزمة كان في تخيير الصحفيين بقبول العمل في أوضاع شديدة السوء أو الفصل التعسفي لمنع الحصول على بدل التكنولوجيا، ولذلك سعت النقابة إلى تحرر الصحفيين من سيطرة رؤساء التحرير وملاك الصحف من خلال إقرار لائحة جديدة للبدل تقر بحق جميع الصحفيين المقيدين في جدولي "تحت التمرين" و"المشتغلين" في الحصول على البدل دون قيد أو شرط، وكذلك تمنع أي مؤسسة من التقدم بطلب إلى النقابة لوقف بدل أي صحفي، إلى جانب أنها تعطي حق الحصول على البدل للبالغين سن المعاش ما لم يتم الانتقال من جدول المشتغلين إلى جدول المعاشات، يأتي ذلك إلى جانب تفعيل البروتوكول المُوقع بين نقابة الصحفيين والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لإتاحة إمكانية فتح الملف التأميني للصحفيين بشكل شخصي وبمعزل عن إرادة المؤسسات.
**إلى أين وصلت ترتيبات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين؟
بسبب تعقيد التفاصيل والملفات قررنا تأجيل انعقاد المؤتمر العام السادس إلى شهر يونيو المقبل بدلا من انعقاده في مايو الجاري، ليتزامن أيضا مع عيد الصحفيين الموافق 10 يونيو، وحاليا نعمل على طرح استبيان بين الصحفيين بشكل عام لتحديد أولويات المشكلات والمطالب، إضافة إلى تشكيل 3 لجان رئيسية، أولها تختص بمستقبل الصحافة سواء الدوريات الورقية أو المواقع الإلكترونية، والثانية تختص بالتشريعات والحريات، والثالثة تختص بالأوضاع الاقتصادية سواء فيما يتعلق بالصحف أو الصحفيين أنفسهم.
وسيكون مايو الحالي هو شهر العمل على جميع ترتيبات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين، والذي سينطلق أيضا بالتزامن مع احتفالية توزيع جوائز الصحافة المصرية والذي تنظمه نقابة الصحفيين سنويا.
**ماذا عن جهود التأهيل الداخلي ورفع كفاءة مبنى نقابة الصحفيين بعد أن ظل شبه مغلق طوال 4 سنوات أو أكثر تقريبا؟
أولا حرصت بشكل شخصي على تحسين الأوضاع الاقتصادية للموظفين العاملين بالنقابة بزيادة الأجور، وخاصة أن معظمهم كان يتقاضى الرواتب بنظام المكافأة، ثانيا انتهينا من رفع كفاءة المبنى وإصلاح كل وحدات التكييف بتكلفة لا تتجاوز 3 ملايين جنيه بعد أن كانت التكلفة المطروحة تتراوح بين 22 و38 مليون جنيه، إلى جانب إصلاح واجهات النقابة من جميع الجهات بتكلفة تبلغ نحو مليوني جنيه بعد أن كانت التكلفة المطروحة تتجاوز 12 مليون جنيه، وتم تقليص وتقليل النفقات بهذا الشكل من خلال العلاقات الشخصية انطلاقا من قيمة النقابة، حيث ارتضت بعض شركات المقاولات الحصول على تكلفة الخامات فقط دون إضافة هامش ربح، خاصة أن رمزية نقابة الصحفيين لا تزال تحتفظ بمكانة كبيرة في المجتمع.
كما تمت استعادة كفاءة مركز التدريب بعد أن كان مجمدا وتقادمت جميع برامجه التكنولوجية، وأصبح الآن جاهزا للعمل، والأسبوع المقبل سيتم افتتاح مركز التدريب بالكامل وجميع الاستديوهات التابعة له أمام الصحفيين في احتفالية كبرى، يأتي ذلك إلى جانب إحياء النشاط النقابي بكل أشكاله وإجراء انتخابات صندوق التكافل والشُعب والروابط المتخصصة بعد فترة جمود طويلة.
نحاول أيضا خلق موارد مالية ذاتية من خلال تأجير بعض القاعات، وفرض دمغات على بعض الخدمات النقابية، والتعاقدات التدريبية الخارجية، وتم بالفعل تسجيل أول بودكاست مدفوع في مركز التدريب، كما نسعى لترشيد النفقات، وسأقولها للمرة الأولى وأظن أنها ليست مبعثاً للتفاخر، فمنذ أن توليت هذا المنصب في مارس 2023 لم ينفق مكتب نقيب الصحفيين جنيها واحدا لحساب الضيافة، وجميع نفقات هذا البند كانت من حسابي الخاص لتقليص الإنفاق بشكل عام داخل النقابة.
**البعض يرى أن خالد البلشي انشغل خلال العام الأول من ولايته بطمأنة السلطة على حساب انحيازاته الفكرية والمهنية بالدفاع عن حرية الصحافة.. فما تعليقك؟
أقولها بوضوح: أرحب بنتائج هذه الرسائل إذ تسببت في إطلاق سراح بعض الصحفيين المحتجزين أو أعادت سلالم النقابة إلى دورها كمنبر للتعبير عن الرأي أو أدت إلى السماح بتنظيم مؤتمرات لدعم ونصرة القضية الفلسطينية والصحفيين وحقوق العمال أو خوض إضرابات عن العمل للمطالبة بتحسين أوضاع الصحفيين داخل مؤسساتهم، وهناك فرق كبير بين رسائل الطمأنة للسلطة ورسائل واضحة تفيد بأنني ممثل ومدافع عن مصالح الجماعة الصحفية بكل تنوعاتها، ولذلك من المهم بناء جسور تواصل مع السلطة، خاصة أنها تملك وتدير نحو 80 بالمئة من المؤسسات الصحفية بمصر.
عندما أشكر الرئيس عبدالفتاح السيسي على قراره زيادة بدل التكنولوجيا للصحفيين فهذا لا يعني بالمناسبة أنني موافق على كل السياسات العامة، لكني أنأى بالنقابة عن خوض أي تجاذبات سياسية أو حزبية وأخوض العمل بمنطق مهني ونقابي فحسب.
وأنا منتخب كنقيب للصحفيين بـ50% +21 صوتا فقط من أصوات أعضاء الجمعية العمومية المشاركين في الانتخابات، وهذا يعني أن ما يقرب من النصف الآخر للجمعية العمومية لم يكن يريد خالد البلشي أو كان متخوفا من أسلوب إدارته، وهذا يلقي بعبء أكبر على كاهلي بضرورة تمثيل وتحقيق مصالح كل الأعضاء باختلافهم وتنوعاتهم بعيدا عن انحيازاتي الفكرية وتوجهاتي السياسية.
وأكررها بشكل قاطع “لم أتخل عن مواقفي أو قناعاتي، لكني في إجازة من المعارضة السياسية خلال فترة تولى منصب نقيب الصحفيين، وهذا بالتوازي لا يعني عدم معارضتي للسياسات التي تنال من حرية الصحافة، وهذه المساحة التي أرتضي العمل بها داخل نقابة الصحفيين”.
**هل تعتقد أن منصب نقيب الصحفيين جعل خالد البلشي الإصلاحي هو الأعلى صوتاً من خالد البلشي الثوري؟
لم أكن يوما من أنصار الثورة الدائمة أو الفعل الثوري المستمر، في المقابل لست من الفريق الذي يُحمل الثورة ذنب أو تبعات ما حدث بعدها، ومن وجهة نظري فإن الثورة هي احتياج شعبي في لحظة يعاني فيها المجتمع من تحلل ويحتاج فيها إلى تغيير حتمي، وبعيدا عن هذه المقارنات فإن أدوات التفاوض تتغير من ظرف سياسي وزمني إلى ظرف آخر، وأنا بحكم منصبي الآن أصبحت في موضع "المفاوض الكبير" ولست أحد فريق التفاوض، فيمكن أن ألعب دور المهاجم المتشدد أحيانا أو دور المدافع المناور أحيانا أخرى، ولكن دور المفاوض الرئيسي يجعل النقيب كرُمَّانة الميزان بين كل هذه الأدوار في الدفاع عن مصالح الجماعة المهنية التي يمثلها، ومن مصلحة السلطة السياسية الحالية أن تكون لديها أجنحة قوية ومعارضة حقيقية ونقابات صلبة، لأن ذلك سيسهم حتما في التطوير والتنمية والتقدم بالمجتمع.
اليوم العالمي لحرية الصحافة
يحتفل العالم في الثالث من مايو من كل عام بـ"اليوم العالمي لحرية الصحافة"، وهو يوم حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، لتحيي عبره ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي الذي تم في اجتماع للصحفيين الأفارقة في 3 مايو 1991.
كان هدف هذا الإعلان تذكير الحكومات بضرورة احترامها حرية الصحافة، كما نصَّ هذا الإعلان على ضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحفيين، وكذلك يعتبر الثالث من مايو يوماً لتأمل الصحفيين والإعلاميين قضايا حرية الصحافة وأخلاقياتها.
وتخصص الأمم المتحدة هذا اليوم للاحتفاء بالمبادئ الأساسية، وتقييم حال الصحافة في العالم، وتعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية في التعبير، والتذكير بالعديد من الصحفيين الذين واجهوا الموت أو السجن في سبيل القيام بمهماتهم في تزويد وسائل الإعلام بالأخبار اليومية.