طريق التلاميذ في قرية عوريف في الضفة الغربية محفوفة بالمخاطر والخوف

طريق التلاميذ في قرية عوريف في الضفة الغربية محفوفة بالمخاطر والخوف

يعيش تلاميذ مدرسة عوريف الثانوية في شمال الضفة الغربية المحتلة، في خوف دائم من هجمات المستوطنين الذين تصاعد عنفهم منذ السابع من أكتوبر، على مدرستهم التي تقع قبالة مستوطنة يتسهار اليهودية المقامة على تلة مجاورة.

يعلو سياج من الأسلاك الشائكة الصدئة مدخل مدرسة عوريف الثانوية التي يتوسطها العلم الفلسطيني، وجدرانها الخارجية، فيما باتت مستوطنة يتسهارا على تخوم المدرسة وقرية عوريف التي تبعد 10 كيلومترات جنوب غرب مدينة نابلس.

يقول مازن شحادة نائب مدير المدرسة "نحن نتجول باستمرار بين الطلاب لإعطائهم التعليمات، ونطلب منهم أن يأتوا إلى المدرسة في مجموعات وليسوا منفردين، لأن هجمات المستوطنين تحدث أحيانًا عند الفجر، وأحيانًا حوالي الساعة السادسة مساءً"، بحسب وكالة فرانس برس.

ويضيف "نقوم كل يوم بتفقد المنطقة المحيطة بالمدرسة خوفًا من احتمال وجود عبوات ناسفة مثلما حدث في أحد الأيام كانت فيه قنبلة معلقة بسلك بين الأشجار".

في مكتب مازن شحادة، تحول بلاط الأرض إلى اللون الأسود بسبب النيران، من آثار حريق متعمد، وعلى سطح المدرسة ألواح شمسية مكسورة فيما زجاج نوافد غرف التدريس محطم، وقد ألقيت حجارة من مختلف الاحجام من المستوطنة على سطح المدرسة، بحسب قوله.

وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967، ويعيش الآن نحو 490 ألف إسرائيلي في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.

ويواجه الفلسطينيون منذ فترة طويلة مضايقات من المستوطنين، لكن عدد الهجمات ارتفع بشكل كبير منذ هجوم حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر والذي أدى إلى حرب مدمرة في غزة، وفقا للأمم المتحدة.

الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية

يتذكر أحد التلاميذ ويبلغ 15 عاماً هجوما على المدرسة قائلا "كنا في الصف، هاجمنا المستوطنون من الجزء الخلفي للمدرسة، وألقوا الحجارة على النوافذ".

ويضيف أن "الجنود (الإسرائيليين) كانوا يقفون فوق خزان المياه ويطلقون الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية باتجاه المدرسة".

الآن، يخشى التلاميذ حدوث هجوم في أي لحظة.

ويقول قيس "عند أقل ضجة أو صوت طلقة نارية أو انفجار قرب البلدة يتبادر إلى الذهن أن الجيش (الإسرائيلي) أو المستوطنين هاجموا المدرسة".

ومنذ الحرب في غزة، قتل 519 فلسطينيا على الأقل بنيران القوات الإسرائيلية ومستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وفق مصادر رسمية فلسطينية.

وقتل خلال الفترة ذاتها 14 إسرائيليا في هجمات نفذها فلسطينيون في الضفة الغربية، وفقا لتعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى معطيات إسرائيلية رسمية.

وقد تم إضافة المزيد من نقاط التفتيش والمنشآت العسكرية الإسرائيلية الأخرى منذ بداية الحرب، ما أدى إلى تعقيد الرحلة إلى المدرسة.

يقول تلميذ يبلغ 12 عاما "أحياناً يضايقنا الجيش، ويطلق علينا قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية ويمنعنا من الذهاب إلى المدرسة".

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" استحال العام الدراسي الذي انتهى يوم الأربعاء "كابوسا" للطلاب الفلسطينيين، وأظهرت دراسة أجرتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أن نحو 27,5 % من تلاميذ المدارس الابتدائية لا يشعرون بالأمان في المدرسة.

                                

في الفترة بين 7 أكتوبر و7مايو، قُتل 60 تلميذا قاصراً، وأصيب 345 آخرون، واستهدفت 68 مدرسة بأعمال تخريب، وفقاً لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية.

وتفيد الوزارة بأن 125 تلميذا اعتقلوا أيضا.

وردا على سؤال حول هذه الاعتقالات، قال الجيش الإسرائيلي إنها جزء من "أنشطته لمكافحة الإرهاب".

والأسبوع الماضي، قتل تلميذ يبلغ 15 عاماً عندما كان يغادر مدرسته على دراجة هوائية عندما أصابته رصاصة أثناء عملية عسكرية إسرائيلية أدت إلى قتال عنيف مع المجموعات الفلسطينية المسلحة في جنين شمال الضفة الغربية.

كيف يمكنهم التعلم؟!

في عوريف، وبسبب الهجمات المتكررة من قبل المستوطنين، أوضح مسؤولو المدرسة أنهم أضافوا أسلاكًا شائكة إلى الأسوار، ولوحة قماشية عند المدخل ضد رشق الحجارة بكلفة 62500 يورو.

وفي الصفوف وضعت ستائر أرجوانية سميكة فوق النوافذ، ويتم إجراء تدريبات على عمليات إخلاء بانتظام.

ويقول مازن شحادة "يشعر الطلاب بأنهم محاصرون وأنهم يدخلون إلى السجن عند وصولهم ما يؤثر على حالتهم النفسية وأدائهم الأكاديمي" مشيرا إلى أن "معظم الطلاب المجتهدين والأذكياء غادروا".

وتخلى آخرون عن المدرسة لمساعدة آبائهم بعدما منعت إسرائيل دخول الفلسطينيين للعمل في إسرائيل فتوقف دخلهم.

من بقي من التلاميذ يحضر الصفوف في المدرسة لثلاثة أيام في الأسبوع أما بقية الأيام فيتم فيها التعليم عن بعد بسبب المخاوف الأمنية وعدم قيام السلطة الفلسطينية بدفع رواتب المعلمين كاملة.

لكن، لا يملك جميع التلاميذ أجهزة إلكترونية أو نفاذا إلى خدمة الإنترنت اللازمة للتعلم عن بعد، على ما يقول رفعت صباح، مؤسس مركز إبداع المعلمين وهو مؤسسة خيرية.

ويضيف "في مثل هذا السياق، عندما يشعر الطلاب بالخطر في كل لحظة، كيف يمكنهم التعلم؟ التأثير النفسي كبير على الطلاب والمعلمين".

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية