"الإيكونوميست": تفكك "الاقتصاد العالمي" يدفع كوريا الجنوبية واليابان لعلاقات أكثر ودية

"الإيكونوميست": تفكك "الاقتصاد العالمي" يدفع كوريا الجنوبية واليابان لعلاقات أكثر ودية

منذ وقت ليس ببعيد، كانت العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية كئيبة، فبين عامي 2018 و2021، تشاجرا حول التعويضات عن إساءة اليابان للكوريين كعمال بالسخرة خلال الحرب العالمية الثانية، وتلا ذلك فرض قيود تجارية متبادلة ومقاطعة للسلع، وتعرض تبادل المعلومات الاستخبارية للخطر.

ووفقا لمجلة "الإيكونوميست"، بعد مرور 3 سنوات، أصبحت الأمور أكثر ودية، ففي 27 مايو الماضي التقى رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، ورئيس وزراء اليابان كيشيدا فوميو، مع رئيس وزراء الصين لي تشيانج، في أول قمة ثلاثية منذ 4 سنوات، وعقد الزعيمان محادثة مماثلة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن العام الماضي، ومن المقرر أن يفعلا ذلك مرة أخرى في يوليو المقبل.

ومن المفيد أن ينسجم "يون" و"كيشيدا" بشكل أفضل بكثير مما كان عليه أسلافهما، لكن الصداقة المكتشفة حديثًا تتجاوز الشخصيات، فهي تعكس إدراكاً متزايداً مفاده أنه في وقت حيث تتجه الولايات المتحدة والصين إلى الداخل، فإن القوتين التصديريتين لديهما العديد من المصالح والتحديات المشتركة.

وكما هو الحال مع الدول الأخرى، تحاول اليابان وكوريا الجنوبية التوصل إلى كيفية التعامل مع العلاقة المضطربة بين أمريكا والصين، حيث يوفر لهم "العم سام" الأمن في مواجهة التهديدات الصينية والكورية الشمالية، ومع ذلك فإن الصين هي أكبر شريك تجاري لهم، وكل من البلدين لديه الكثير ليخسره إذا أدارت القوى العظمى ظهورها للتجارة العالمية، وأسواقها المحلية صغيرة نسبيا، ونظرا لشيخوخة سكانها، فهي بطيئة.

وتشكل الصادرات 22% من الناتج المحلي الإجمالي لليابان و48% من صادرات كوريا الجنوبية، وهي أعلى بكثير من 12% لأمريكا، أقل من ربع مبيعات شركتي سامسونج وتويوتا، الشركتين الأكثر قيمة في كوريا الجنوبية واليابان على التوالي، هي مبيعات محلية.

وبالتالي فإن كلا البلدين من أشد المدافعين عن التجارة العالمية، ويعني ثقلهما في سلاسل التوريد الصناعية أنهما قادران معًا على تهدئة أسوأ غرائز القوى العظمى.

ولأن السياسة الصناعية الأمريكية تعتمد على اجتذاب شركات تصنيع الرقائق والبطاريات وشركات السيارات الكهربائية في شرق آسيا إلى شواطئها، فإن ضغوطها من الممكن أن تساعد في الحد من العناصر الأكثر حمائية في السياسة التجارية الأمريكية.

ورغم أن المستفيدين من قانون خفض التضخم الأمريكي ممنوعون من استخدام الجرافيت الصيني، فإن شركات صناعة البطاريات في كوريا الجنوبية تراهن مؤخراً على مهلة لمدة عامين.

وسوف تتراجع اليابان وكوريا الجنوبية أيضاً عندما لا تتوافق مصالحهما الاقتصادية مع المصالح الأمريكية، فلدى كل منهما مخاوف بشأن بكين الأكثر عدوانية، لكنهما أكثر حرصًا من أمريكا على البقاء منفتحين أمام الأعمال التجارية.

ويرغب البيت الأبيض في تطبيق قيود أكثر صرامة على صادرات الرقائق والأجزاء اللازمة لتصنيعها إلى الصين، لكن أياً منهما لا يحرص على عرقلة مصدريه في سوق ضخمة، ومنذ أن عارض "بايدن" استحواذ شركة نيبون ستيل على شركة الصلب الأمريكية، أصبح المسؤولون التنفيذيون اليابانيون والكوريون أكثر خوفا من أن تنقلب الحمائية الأمريكية ضدهم أيضا.

وربما نتيجة لذلك، أصبحت اليابان وكوريا الجنوبية تمارسان المزيد من الأعمال التجارية مع بعضهما البعض (كما أن الروابط مع تايوان، وهي شركة تصنيع كبيرة أخرى، تتعزز أيضاً).

وقد اتفقوا بشكل مشترك على بناء سلسلة توريد للهيدروجين، وتقوم الشركات بما في ذلك سامسونج بإنشاء مرافق في اليابان، حتى أن رئيس مجموعة إس كيه، ثاني أكبر تكتل تجاري في كوريا الجنوبية، تاي وون تشي، اقترح إنشاء سوق موحدة على النمط الأوروبي بين البلدين، وهو طموح يستحق الثناء، وإن كان بعيد المنال.

الصداقة الهشة

يدور نزاع حول الاستثمار عبر الحدود، حيث تضغط اليابان على شركة تكنولوجيا كورية جنوبية لحملها على سحب استثماراتها من مشروع محلي بسبب مخاوف تتعلق بالأمن السيبراني.

لن يظل "يون"و"كيشيدا" في منصبيهما إلى الأبد، ويمكن أن تتوتر العلاقات مرة أخرى، سيكون ذلك مؤسفا، فقد انتهت الحرب العالمية الثانية منذ ما يقرب من 80 عامًا، والآن أصبحت اليابان وكوريا الجنوبية دولتين ديمقراطيتين تعيشان في منطقة خطيرة، ويتعين على الحكومات أن تتوقف عن الخلاف حول الماضي وأن تعمل معاً في الحاضر.. إن العلاقات الأكثر دفئًا ستكون مفيدة لكليهما وللعالم.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية