في مرمى الإنسانية.. إدراج إسرائيل على قائمة العار يكشف عن جرائم حرب وانتهاكات حقوق الإنسان في غزة

في مرمى الإنسانية.. إدراج إسرائيل على قائمة العار يكشف عن جرائم حرب وانتهاكات حقوق الإنسان في غزة

 

كما تخترق أشعة الشمس غيوم الشتاء الكثيفة، تأتي قرارات الأمم المتحدة كأملٍ وسط الظلام، تسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان وتسعى إلى تحقيق العدالة. في خطوةٍ تاريخية، أدرجت الأمم المتحدة إسرائيل على "قائمة العار" بسبب حربها الأخيرة على غزة ورفح، مما يسلط الضوء على جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحق المدنيين. 

هذا الإدراج ليس مجرد إجراء بيروقراطي، بل هو صرخة دولية تدعو إلى المساءلة وإحقاق العدالة.

ويمثل إدراج إسرائيل على قائمة العار إدانةً دولية واضحة للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية خلال حربها الأخيرة على غزة ورفح. هذا القرار يعكس التزام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان ورفضه لأي أعمال تتسبب في معاناة المدنيين الأبرياء، وهذا الإدراج هو بمثابة تحذير للعالم بأسره بأن الجرائم ضد الإنسانية لن تمر دون عقاب، وأن العدالة ستظل تطارد مرتكبيها.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أبلغ مسؤولين إسرائيليين بأن المنظمة تعتزم تصنيف إسرائيل ضمن القائمة السوداء للدول التي تقتل الأطفال، وإدراجها ضمن ما يعرف بـ"قائمة العار". 

هذه النية استنفرت جهودًا إسرائيلية مكثفة لمنع إدراجها على القائمة السوداء، التي تضم الأطراف المتورطة في نزاعات ترتكب فيها انتهاكات جسيمة بحق الأطفال. إذا صدر القرار الأممي رسميًا، فإنه سيبقى ساري المفعول لمدة 4 سنوات، مما يثير قلقًا كبيرًا لدى تل أبيب نظرًا لتداعياته العملية، وأبرزها احتمال إضرار بإمدادات الأسلحة إلى إسرائيل، تأتي هذه الخطوة في سياق سلسلة من القرارات الدولية ضد إسرائيل. 

وفي سياق متصل، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تقريرًا يشير إلى أن قطاع غزة أصبح أخطر مكان في العالم على الأطفال، حيث يفتقر 900 ألف طفل في غزة إلى الماء الكافي. 

كما ذكرت أن 90% من أطفال غزة يعانون من نقص الغذاء اللازم للنمو السليم.  

القناة 13 الإسرائيلية نقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن تل أبيب تبذل جهودًا مكثفة لمنع صدور القرار، المتوقع هذا الأسبوع، لكن فرص نجاح تلك الجهود تبدو ضئيلة. 

التقديرات الناتجة عن النقاشات داخل مجلس الأمن القومي والجيش الإسرائيلي تشير إلى أن الأمم المتحدة ستعلن فعلاً أن الجيش الإسرائيلي هو منظمة تؤذي وتقتل الأطفال، مما سيضعها ضمن قائمة تشمل الأطراف المتورطة في تجنيد الأطفال، واستغلالهم جنسيًا، وقتلهم، وتشويههم، والهجمات على المدارس والمستشفيات، وغيرها من الانتهاكات. 

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 15 ألف طفل قتلوا خلال الحرب، ونزح حوالي 900 ألف طفل آخرين لا يحصلون على ما يكفي من الماء والغذاء والدواء.  

في قطاع غزة، أضافت اليونيسف، أن أشهرًا من الأعمال القتالية والقيود المفروضة على المساعدات الإنسانية أدت إلى انهيار النظامين الغذائي والصحي، مما أسفر عن عواقب كارثية على الأطفال وأسرهم.

ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، أدت الحرب الأخيرة على غزة ورفح إلى مقتل الآلاف نصفهم من الأطفال، وإصابة الآلاف بجروح بليغة، كما تسببت الغارات الجوية المكثفة والهجمات العشوائية في تدمير البنية التحتية وتشريد الآلاف من منازلهم، مما حول حياة العديد من العائلات إلى جحيمٍ لا يُطاق. 

هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي حكايات ألم ومعاناة لأناس فقدوا أحباءهم وأحلامهم تحت ركام الحرب.

انتقادات لصلاح وسط حملة

دول قائمة العار

وسبق وأدرجت الأمم المتحدة دولا على قائمة العار، منها أفغانستان، فخلال خلال الصراع المستمر في أفغانستان، أدرجت الأمم المتحدة القوات الأمريكية وقوات طالبان على قائمة العار بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل العشوائي للمدنيين وتجنيد الأطفال واستخدام الأسلحة المحظورة.

وتشير التقارير إلى مقتل آلاف المدنيين ونزوح الملايين نتيجة لهذه الصراعات.

أيضًا تأتي السودان من ضمن تلك الدول، ففي ظل صراع دارفور، أدرجت الأمم المتحدة السودان على قائمة العار نتيجة للانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها القوات الحكومية والجماعات المسلحة، بما في ذلك القتل الجماعي والاغتصاب وتجنيد الأطفال. هذه الانتهاكات أدت إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين.

أيضًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أدرجت الأمم المتحدة العديد من الجماعات المسلحة على قائمة العار بسبب ارتكاب جرائم تجنيد الأطفال وجرائم جنسية واسعة النطاق. 

وتشير التقارير إلى نزوح أكثر من 1.7 مليون شخص وسقوط آلاف الضحايا نتيجة لهذه الجرائم. 

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل ثلاث رهائن

خطورة الإدراج على قائمة العار

بدورها قالت الحقوقية الأردنية نسرين زريقات، إن إدراج إسرائيل على القائمة السوداء خطوة إيجابية من المجتمع الدولي، تحمل في طياتها دلالات عميقة وخطيرة، فهو يشير إلى اعتراف دولي بالانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الدول أو الجماعات المسلحة، ويشكل ضغطًا سياسيًا ودبلوماسيًا على هذه الكيانات. 

وتابعت في تصريحات لـ"جسور بوست"، كما يعزز من جهود المجتمع الدولي في مكافحة الإفلات من العقاب ويشجع على إجراء تحقيقات مستقلة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، مؤكدة أن هذا الإدراج يؤدي إلى زيادة الوعي العالمي حول الانتهاكات التي تحدث في مناطق النزاع، ويحث الرأي العام الدولي على اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد مرتكبي هذه الجرائم، يمكن أن يسهم هذا الإدراج في تعزيز الضغوط الدولية على إسرائيل لتغيير سياساتها واحترام حقوق الإنسان، مما يخلق بيئة أكثر أمانًا للمدنيين ويعزز من فرص السلام والعدالة. 

وأتمت، إن إدراج إسرائيل على قائمة العار للأمم المتحدة ليس مجرد توثيق للانتهاكات، بل هو نداء إنساني للمساءلة والعدالة، ويجب على المجتمع الدولي أن يستجيب لهذا النداء ويعمل بجدية على حماية حقوق الإنسان ومنع تكرار هذه الجرائم، فالتاريخ يثبت أن الضغط الدولي والمساءلة قد يؤديان إلى تغييرات جوهرية ويحققان العدالة للضحايا، في النهاية، تبقى الإنسانية هي البوصلة التي توجهنا نحو مستقبل أكثر عدلاً وسلامًا.

نسرين زريقات

أهمية الإدراج وتداعياته على إسرائيل

وبدوره علق الحقوقي الفلسطيني محمود الحنفي قائلًا: إن إدراج أي دولة على قائمة العار لا يأتي إلا بعد تحقيقات مكثفة وشهادات موثوقة تؤكد ارتكاب تلك الدولة لانتهاكات جسيمة بحق الأطفال، وهذا الإدراج يرسل رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن حماية حقوق الإنسان ليست مجرد شعارات، بل هي التزام حقيقي يتطلب المساءلة والمحاسبة، كما يعزز من جهود الضغط الدولي لتحسين الأوضاع الإنسانية ووقف الانتهاكات المستمرة. 

وعن تداعيات الإدراج أوضح الحنفي لـ"جسور بوست"، من الناحية العملية، فإن إدراج إسرائيل على قائمة العار يمكن أن يؤدي إلى تداعيات واسعة النطاق، من المحتمل أن يؤثر هذا القرار على العلاقات الدبلوماسية والعسكرية، حيث قد تواجه إسرائيل ضغوطًا متزايدة من الدول المانحة والموردين العسكريين، كذلك، يمكن أن يشجع هذا الإدراج على زيادة حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات من قبل الشركات والمنظمات الدولية، ولنكون أكثر دقة في فهم تداعيات هذا القرار، يمكننا النظر إلى أمثلة سابقة لدول أدرجت على قائمة العار على سبيل المثال، أفغانستان والعراق شهدتا تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة، مما أدى إلى إدراجهما على هذه القائمة، هذا الإدراج أدى إلى تكثيف الضغوط الدولية لتحسين الأوضاع الإنسانية وتقديم المساعدات، كما ساعد في توثيق الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.

محمود الحنفي

وتابع، كمختص في حقوق الإنسان، أرى أن إدراج إسرائيل على قائمة العار يمثل خطوة حيوية نحو تحقيق العدالة للأطفال الذين عانوا من ويلات الحرب، ويتعين على المجتمع الدولي أن يواصل الضغط لضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، كما يجب تعزيز الجهود الإنسانية لتوفير الدعم اللازم للأطفال النازحين وضحايا الحرب. 

وأتم، إدراج إسرائيل على قائمة العار بسبب حربها الأخيرة على غزة ورفح يحمل دلالات قوية على الصعيدين الحقوقي والإنساني، إنه تذكير صارخ بأن انتهاكات حقوق الإنسان لن تمر دون مساءلة، وأن حماية المدنيين، وخاصة الأطفال، يجب أن تكون أولوية قصوى في النزاعات المسلحة.

 ونأمل أن يكون هذا القرار خطوة نحو تحقيق العدالة والإنصاف للضحايا، وتعزيز جهود السلام والاستقرار في المنطقة.

تحليل استجابة إسرائيل لإدراجها على قائمة العار واحتمالية الاعتراض 

وبدوره قال خبير القانون الدولي مصطفى سعداوي: يعد إدراج إسرائيل على قائمة العار تطورًا قانونيًا وسياسيًا مهمًا يستحق التحليل والدراسة بعناية لفهم تأثيره على العلاقات الدولية والتوترات الإقليمية، من المتوقع أن تكون استجابة إسرائيل لإدراجها على قائمة العار بعدم الموافقة ومحتمل أن تكون على شكل اعتراض رسمي، حيث ترى إسرائيل هذا الإجراء تدخلاً في شؤونها الداخلية وتجاهلًا للتحديات الأمنية التي تواجهها، وتمتلك إسرائيل خيارات متعددة للتعبير عن اعتراضها على هذا القرار، بما في ذلك اللجوء إلى القانون الدولي والمنظمات الدولية للدفاع عن مواقفها، ويمكن أن تقدم شكوى رسمية للأمم المتحدة أو للمحاكم الدولية المختصة. 

مصطفى سعداوي 

وتابع في تصريحاته لـ"جسور بوست"، على الرغم من استجابة إسرائيل المحتملة لإدراجها على قائمة العار، فإن الاعتراضات الرسمية ليست ضمانًا لأخذ رأيها بعين الاعتبار، يعتمد ذلك على استجابة المجتمع الدولي وقدرته على تقديم إجراءات فعالة لمعالجة القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والمساءلة الدولية، ويظل من الضروري متابعة تطورات استجابة إسرائيل لإدراجها على قائمة العار ومدى تأثيرها على العلاقات الدولية والتوترات الإقليمية. 

وأتم، يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات فعالة لضمان احترام حقوق الإنسان والعدالة الدولية في المناطق المتضررة من الصراعات.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية