أزمة بيئية تهدد أولمبياد باريس 2024.. صراع بين حماية البيئة وصحة وأداء الرياضيين

أزمة بيئية تهدد أولمبياد باريس 2024.. صراع بين حماية البيئة وصحة وأداء الرياضيين

بينما ينتظر العالم بفارغ الصبر انطلاق دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس 2024، تلوح في الأفق أزمة بيئية جديدة تُهدد سلاسة سير هذا الحدث العالمي المُنتظر. 

سعيًا منها لجعل دورة ألعاب باريس 2024 الأكثر احترامًا للبيئة في التاريخ، اتخذت السلطات الفرنسية قرارًا جريئًا بعدم تركيب أجهزة تكييف في القرية الأولمبية التي ستُقيم فيها جميع الفرق الرياضية المشاركة. 

وتُعد دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2024 حدثًا رياضيًا ضخمًا يُشارك فيه آلاف الرياضيين من جميع أنحاء العالم، وتسعى جميع الدول المُشاركة إلى تقديم أفضل أداء لها من أجل تحقيق المجد الرياضي، ولكن يبدو أن هذه الدورة ستواجه تحديًا بيئيًا هامًا قد يُؤثر على راحة الرياضيين وخُطتهم لإحراز النصر. 

ويهدف هذا القرار إلى الحد من انبعاثات الكربون وحماية البيئة، وإرسال رسالة قوية إلى العالم تُؤكد التزام فرنسا بمعايير الاستدامة. 

ولكن، لم يلقَ هذا القرار ترحيبًا من قبل جميع الدول المشاركة، فقد أبدت العديد من الدول استياءها الشديد من قرار غياب التكييف. 

وتخشى هذه الدول أن يُؤثر غياب التكييف على راحة رياضييها وسلامتهم الجسدية، ويهدد بعرقلة أدائهم في الدورة.

وتُشير التقارير إلى أن بعض الرياضيين يُعانون بالفعل من ارتفاع درجات الحرارة في القرية الأولمبية، ويُخشى أن يُؤدي ذلك إلى إصابتهم بالإرهاق والتعب، وبالتالي يُؤثر على أدائهم في المنافسات. 

ويُشارك منتخب مصر الأولمبي لكرة القدم، بقيادة المدرب البرازيلي روجيرو ميكالي، في منافسات أولمبياد باريس 2024. ويُثير غياب التكييف في القرية الأولمبية مخاوف كبيرة من تأثير ذلك على راحة اللاعبين المصريين وقدرتهم على تقديم أفضل أداء لهم خلال البطولة. 

ويُعد هذا الموقف اختبارًا حقيقيًا لالتزامات اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية بمعايير الاستدامة من جهة، وحرصها على ضمان راحة جميع الرياضيين المشاركين من جهة أخرى. 

وتشير آخر المعلومات إلى أن اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية تُجري حاليًا محادثات مكثفة مع الدول المُحتجة في محاولة لإيجاد حل يُرضي جميع الأطراف. 

وتُفكر بعض الدول في شراء مكيفات متنقلة على نفقتها الخاصة لضمان راحة رياضييها. 

هل ستتمكن اللجنة المنظمة من إيجاد حل يُحافظ على البيئة ويُؤمن راحة الرياضيين في الوقت نفسه؟ تبقى هذه الأسئلة مُعلقة في انتظار التطورات القادمة.

مجموعة فرنسية تسعى إلى تعطيل أولمبياد باريس 2024 عبر التطوع المزيف |  Euronews

التداعيات المحتملة على صحة اللاعبين 

وتعليقا على الأمر، قال رئيس قسم المناعة والحساسية بهيئة المصل واللقاح في مصر، الدكتور أمجد الحداد، إن مشكلة غياب التكييف في القرية الأولمبية في باريس تثير مخاوف كبيرة بشأن التداعيات الخطيرة المحتملة على صحة اللاعبين المشاركين في الألعاب الأولمبية، في ظل ارتفاع درجات الحرارة المتوقع في العاصمة الفرنسية، وتواجه اللجنة المنظمة تحديات صعبة للغاية في الحفاظ على بيئة آمنة وصحية للرياضيين، منها الإجهاد الحراري، ويُشكّل ارتفاع درجات الحرارة خطرًا كبيرًا على صحة اللاعبين، حيث يُمكن أن يؤدي إلى جفاف الجسم، وإرهاق العضلات، وإعاقة وظائف الدماغ، هذه الأعراض من شأنها أن تؤثر سلبًا على أداء اللاعبين وتهدد سلامتهم البدنية والنفسية. 

وتابع في تصريحاته لـ"جسور بوست"، أنه يجب على اللجنة المنظمة اتخاذ تدابير صارمة للحد من خطر الإجهاد الحراري، مثل توفير مرافق تبريد كافية في القرية الأولمبية، وتوزيع المياه المبردة على اللاعبين، وإجراء فحوصات طبية دورية لرصد أي أعراض مبكرة، إضافة إلى ما سبق، فإن الحرارة المرتفعة قد تزيد من احتمال وقوع إصابات جسدية بين اللاعبين، مثل التقلصات العضلية وإصابات الأربطة والتهاب الأوتار، هذه الإصابات ليس من الوارد فقط قد تؤثر على أداء اللاعبين في المنافسات، ولكن قد تؤدي أيضًا إلى آثار طويلة المدى على صحتهم، لذا يجب على اللجنة المنظمة التنسيق مع الطاقم الطبي للفرق المشاركة لضمان توفير الرعاية الطبية اللازمة وتطبيق بروتوكولات الوقاية من الإصابات. 

واسترسل: علاوة على ذلك، قد تؤدي الحرارة المرتفعة إلى انتشار الأمراض المعدية مثل نزلات البرد والإنفلونزا بين اللاعبين المقيمين في القرية الأولمبية، هذا الأمر قد يؤثر على قدرة الرياضيين على المشاركة في المنافسات وقد يعرض صحتهم للخطر، لذا يجب على اللجنة المنظمة اتخاذ إجراءات وقائية صارمة، مثل تطبيق إجراءات النظافة الصحية والتطعيم، للحد من انتشار هذه الأمراض. 

وعن التحديات أمام اللجنة المنظمة، قال الدكتور أمجد الحداد إن اللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية في باريس تواجه تحديات جمة في ظل هذه الأزمة، عليها إيجاد حلول فعالة تحافظ على صحة وسلامة اللاعبين، مع مراعاة التزاماتها بحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الرياضيين، هذا التوازن بين الاعتبارات البيئية والصحية والقانونية سيتطلب جهودًا كبيرة من قبل اللجنة المنظمة للتصدي لهذه التحديات واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان نجاح دورة الألعاب الأولمبية.

استشاري المناعة أمجد الحداد عن موجة كورونا الرابعة: أمامنا أسبوعان حاسمان -  بوابة الشروق - نسخة الموبايل

الدكتور أمجد الحداد

وأتم: في ظل ارتفاع درجات الحرارة المتوقع في باريس يجب اتخاذ تدابير فعالة للحد من مخاطر الإجهاد الحراري والإصابات الجسدية والأمراض المعدية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الالتزامات القانونية والأخلاقية.

الحلول الممكنة لتفادي مشكلات الحرارة وتأثيرها على اللاعبين

 بدوره، قال رئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة محمد فهيم: إن ارتفاع درجات الحرارة ليس فقط خطرا على صحة اللاعبين والجمهور، بل قد يؤثر سلبًا على أداء اللاعبين الرياضي أيضًا، في الوقت نفسه، يجب على المنظمين ضمان تنفيذ الحلول بطريقة مستدامة تحافظ على البيئة، ولمواجهة هذه التحديات يجب التخطيط المسبق للبنية التحتية من خلال إنشاء مرافق تبريد مركزية في المنشآت الرياضية باستخدام أنظمة تكييف هواء فعالة وصديقة للبيئة، كما يجب تصميم المنشآت بشكل يسمح بالتهوية الطبيعية وتدفق الهواء، مع استخدام مواد بناء عاكسة للحرارة لتقليل الحمل الحراري. 

ونوَّه في تصريحاته لـ"جسور بوست"، بضرورة جدولة الأنشطة في أوقات الصباح والمساء عندما تكون درجات الحرارة أقل، كما يجب توفير مناطق ظل وأماكن راحة مكيفة للاعبين بين المنافسات، بالإضافة إلى تزويد اللاعبين بأجهزة رصد درجات الحرارة الجسدية وتوجيههم لتناول السوائل بانتظام، أيضًا الاهتمام بالاستدامة البيئية من خلال استخدام أنظمة تبريد تعمل بالطاقة الشمسية أو الطاقة الحرارية الأرضية، وإعادة تدوير المياه المستخدمة في أنظمة التبريد، وتشجير المناطق المحيطة بالمنشآت الرياضية لتوفير الظل وتحسين البيئة. 

واستطرد: من الضروري تنظيم برامج توعوية للاعبين والجمهور حول مخاطر الحرارة والممارسات الصحية المناسبة، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الطبية والإسعافية على التعامل مع حالات الإجهاد الحراري، ويتطلب تنفيذ هذه الحلول تنسيقًا وثيقًا بين اللجنة المنظمة للأولمبياد والسلطات المحلية والخبراء البيئيين، مع وضع خطط طوارئ واضحة للتعامل مع حالات الطوارئ الحرارية، كما يجب وجود عمليات مراقبة مستمرة وتقييم للفعالية خلال فترة الألعاب. 

وأتم تصريحه بأن تنفيذ هذه الحلول المتكاملة سيساعد على ضمان سلامة اللاعبين والجمهور، والحفاظ على البيئة خلال دورة الألعاب الأولمبية 2024، وسيكون ذلك أيضًا نموذجًا قيّمًا للأحداث الرياضية الكبرى القادمة في ظل تحديات التغير المناخي.

محمد فهيم

من منظور الرياضيين

وبدوره، علق المحلل الرياضي علاء خليف بقوله، إن الحرارة المفرطة ستؤثر بشكل كبير على أداء الرياضيين البدني والمهاري، فالإجهاد الحراري قد يؤدي إلى تقليل قدرة الرياضيين على التركيز والاستجابة السريعة، وزيادة معدل ضربات القلب وارتفاع درجة حرارة الجسم إلى مستويات خطرة. 

وتابع في تصريحاته لـ"جسور بوست": كما أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى تغيير استراتيجيات التدريب والمنافسات، حيث سيتطلب جدولة الأنشطة في أوقات الصباح والمساء وتوفير مرافق تبريد مناسبة، وهذا بدوره سيؤثر على الجداول الزمنية للمنافسات وتجربة المشاهدين، والتحدي الأكبر سيكون التوفيق بين الحلول الفنية لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة والحفاظ على الاستدامة البيئية، فحلول التبريد التقليدية المعتمدة على الطاقة قد تكون مكلفة وضارة بالبيئة، لذا فإن الاعتماد على حلول صديقة للبيئة كالطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية سيكون ضروريًا. 

واسترسل: علاوة على ذلك، ستكون هناك حاجة إلى تنسيق وثيق بين اللجنة المنظمة والسلطات المحلية والخبراء البيئيين لوضع خطط طوارئ فعالة للتعامل مع حالات الطوارئ الحرارية المحتملة، كما ستكون هناك حاجة إلى برامج توعوية شاملة للرياضيين والجمهور. 

وأتم قائلاً إن نجاح دورة الألعاب الأولمبية 2024 في مواجهة تحديات الحرارة سيكون له انعكاسات إيجابية ليس فقط على سلامة اللاعبين والجمهور، ولكن أيضًا على تعزيز قدرة المنظمين على التعامل مع التحديات البيئية في الأحداث الرياضية الكبرى المستقبلية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية