المدنيون القلائل الباقون في رفح يحاصرهم القتال

المدنيون القلائل الباقون في رفح يحاصرهم القتال

 

يبدو وسط رفح مقفراً بعد أن فر القسم الأكبر من سكان المدينة، حيث تدور الحياة اليومية للقلائل الذين بقوا فيها على وقع القصف والمعارك بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة منذ أسابيع.

هيثم أبو طه هو أحد هؤلاء الفلسطينيين القلائل الذين عادوا إلى المدينة بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الأحد 16 يونيو وقف القتال لبضع ساعات كل يوم في ما أسماه "هدنة تكتيكية" في أحد شوارع أقصى جنوب القطاع.

قال هيثم الذي عاد مع عائلته "لا يوجد ماء ولا طعام، نحن محاصرون بالفعل".

وأضاف "لاحظنا أن منطقة شرق رفح انخفضت فيها العمليات العسكرية وعدنا إلى منزلنا بعدما نزحنا منه لتفقده. المكوث به أفضل من الخيام أو مكوثنا عند أحد أقاربنا.. كنا مشتتين.. لم نكن نعلم أنهم فعلا لم ينسحبوا، فقد كانت الآليات تتحرك وتعود ثانية ولا نعرف حقاً كيف استطعنا النجاة، والدخول إلى المنزل".

وتابع هيثم البالغ من العمر 30 عاماً "لكن بالفعل لا يوجد أحد في رفح إلا قليل جدا جدا من المواطنين الذين لم ينزحوا بالأساس أو من عادوا مثلنا، ولكنهم قلّة" بحسب وكالة فرانس برس.

وقال "نحن نخاف الحركة في الخارج خوفا من الموت.. نواجه خطرا كبيرا من طائرات الكواد كابتر (المسيرة). فهي تستهدف أي أحد يمشي في الطريق دون رحمة".

في المدينة المهجورة، وسط الركام، يتكرر ذكر الخوف من هذه المسيرات التي تسمح بضرب أهداف محددة على ارتفاع منخفض، على لسان العديد من الفلسطينيين في قطاع غزة منذ بداية الحرب، قبل أكثر من 8 أشهر.

فهذه المسيرات الصامتة تقريبًا توفر صورًا تفصيلية للمنطقة التي تحلق فوقها ويقول الشهود إنها تُستخدم لتوجيه ضربات دقيقة.

وقال إسماعيل أبو شعر، وهو شاب فلسطيني يبلغ من العمر 22 عاما، بقي في منزله "لحمايته" بعد أن نزحت عائلته إلى المواصي شمالاً، إن "هناك العديد من الشهداء (الذين قُتلوا) بهذه الطريقة. الأمر مخيف وليس بسيطاً لكن رفح فعلا لا يوجد بها سوى البعض مثل حالاتنا المحاصرين في منازلهم".

وقال عن بقائه في منزله "لم أتمكن من المغادرة. حجم الخطر كبير جداً. ممنوع الحركة نهائيا وإلا يتم استهداف أي شخص في الطريق. حجم القصف هائل، لم يكن يتوقف، من جوي ومدفعي وإطلاق نار واشتباكات" لا تتوقف أبداً.

أعلن الجيش الإسرائيلي الاثنين أنه "يواصل عملياته الدقيقة" في رفح ومحيطها حيث قال إنه عثر على "كميات كبيرة من الأسلحة".

من جانبها، تعلن الفصائل الفلسطينية، وأبرزها حركة حماس وذراعها العسكرية كتائب القسام، من وقت لآخر عن تنفيذ عمليات في المنطقة.

 محنة متفاقمة

قال ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في رفح وليام شومبورغ، خلال حوار عبر الإنترنت مع الصحفيين "إننا نرى عددًا قليلاً جدًا من الناس، ودمارًا هائلا".

وأضاف متحدثا عن رفح إن "مدينة الأشباح هذه هي مجرد صورة أخرى للمأساة المستمرة التي صارت عليها غزة خلال الأشهر التسعة الماضية".

تفاقمت محنة سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة وكانوا يعانون من الفقر حتى قبل اندلاع الحرب، مع استمرار المعارك وعمليات القصف والغارات القاتلة والمدمرة.

وقالت منظمات الإغاثة الدولية مرارا وتكرارا منذ أشهر إنها تواجه صعوبات بالغة في إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين، في حين تقول السلطات الإسرائيلية إنها سمحت بدخول المساعدات.

وباستمرار، تتصاعد أعمدة الدخان في سماء المدينة الواقعة على الحدود المصرية المغلقة.

قبل بدء الهجوم الإسرائيلي على المدينة في أوائل شهر مايو، كانت المدينة تؤوي مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين نزحوا من جميع أنحاء القطاع هربًا من القصف والدمار والقتال.

شيئًا فشيئًا، رحل الكثيرون عن منازلهم وتركوا الأماكن التي عاشوا فيها أحيانًا لسنوات أو تشاركوها مع أهلهم وأحبائهم؛ أو غادروا الشقق التي استأجروها بأسعار مرتفعة منذ بداية الحرب، أو الخيام التي نصبوها على عجل، في حين كانت الدبابات الإسرائيلية تقترب من المدينة والجيش يحكم قبضته عليها.

وفي نهاية مايو، شوهد مئات الفلسطينيين يفرون من منطقة تل السلطان في رفح بعد تعرضها لضربة إسرائيلية خلفت 45 قتيلا، بحسب السلطات المحلية.

التخصيص - لوحة التحكم

وبعد الضربات التي وقعت الأسبوع الماضي وخلفت عشرات القتلى، نزح من كانوا في شرق المدينة ووسطها.

وفي شاحنات مسطحة أو على عربات تجرها الحمير، كدس الأهالي الألواح الشمسية المرقّعة والمراتب الإسفنجية التي تغطيها رسوم زهور ملونة، وألواحاً خشبية أو أنابيب بلاستيكية. حتى إن أحد الصبية كان يدفع صفائح معدنية على كرسي مكتب بعجلات.

وتُغلق المصيدة على من تخلف عن الرحيل. ويقول العديد منهم إنهم لا يملكون وسيلة تمكنهم من النزوح من جديد.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية