منتجو الأغذية يحذّرون: "الأسمدة الروسية الرخيصة" عامل تهديد جديد لأمن أوروبا الغذائي

منتجو الأغذية يحذّرون: "الأسمدة الروسية الرخيصة" عامل تهديد جديد لأمن أوروبا الغذائي

حذر منتجو الأغذية في عدد من الدول الأوروبية، من أن تزايد الأسمدة الروسية الرخيصة، يُهدد بإخراج المنتجين الأوروبيين من السوق أو من القارة، ما يشكل خطراً على الأمن الغذائي على المدى الطويل، وفق "فايننشيال تايمز". 

وذكرت الصحيفة البريطانية، الأحد، أن تدفق الغاز الطبيعي الروسي إلى الاتحاد الأوروبي تراجع بشكل كبير بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ما دفع الدول الأوروبية إلى اللجوء إلى مصادر إمداد أخرى. لكن روسيا واصلت استخدام إنتاجها من الغاز لإنتاج الأسمدة النيتروجينية الرخيصة وتصديرها إلى أوروبا.

وأضافت "فايننشيال تايمز"، أن واردات بعض الأسمدة، مثل اليوريا، زادت منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، وأن الأسمدة الرخيصة ساعدت المزارعين الأوروبيين، لكن منتجي الأسمدة في المنطقة يجدون صعوبة في المنافسة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة SKW Stickstoffwerke Piesteritz، وهي أكبر مُنتج للأمونيا في ألمانيا بيتر سينجر، للصحيفة: "يجري الآن إغراقنا بالأسمدة الواردة من روسيا، وهي أرخص بكثير من الأسمدة التي ننتجها؛ وذلك لسبب بسيط وهو أنهم يدفعون مبالغ زهيدة مقابل الغاز الطبيعي مقارنة بنا، نحن المنتجون الأوروبيون".

وحذر سينجر من "زوال" قدرة أوروبا على الإنتاج "إذا لم يتحرك السياسيون". وجاءت تصريحات سينجر مشابهة لتصريحات أدلى بها الرئيس التنفيذي لشركة "يارا إنترناشيونال" سفين توري هولسيثر، في أبريل الماضي، إذ قال إن أوروبا "تسير بخطوات ثابتة" نحو الاعتماد على الأسمدة الروسية. وتعد "يارا إنترناشيونال" إحدى أكبر الشركات المنتجة للأسمدة المعدنية النيتروجينية في العالم. 

وتتضمن العقوبات الغربية استثناءات لصادرات المواد الغذائية والأسمدة الروسية؛ لتجنب عرقلة الأمن الغذائي. لكن سينجر وهولسيثر يؤكدان أن موسكو تستخدم هذه الثغرة لتمويل حربها.

تفوق روسي

وقال خبير الأمن الغذائي في مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية البريطانية تيم بنتون، للصحيفة، إن المنتجين الأوروبيين يشتكون منذ فترة طوية من التفوق الذي يستمده نظراؤهم الروس من الغاز الطبيعي الأرخص سعراً. وازداد تأثير ذلك منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

ويرى بنتون، أن أوروبا ربما يجب أن تحول تركيزها من كفاءة السوق إلى "أمن إمداداتنا"، مع تزايد "المنافسة والصراع" في العالم. وأضاف أن الزراعة في بريطانيا وأوروبا قد تواجه ضرراً إذا أصبحت القارة تعتمد على الواردات من روسيا و"أعداء محتملين" آخرين.

وتحصل دول الاتحاد الأوروبي على ثلث وارداتها من اليوريا، وهي أرخص أشكال الأسمدة النيتروجينية، من روسيا. وكانت الكمية المستوردة في عام 2023 قريبة من بلوغ مستويات قياسية، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات".

وتظهر بيانات الجمارك ارتفاع قيمة واردات بولندا من اليوريا الروسية إلى ما يقرب من 120 مليون دولار في عام 2023، مقارنة بما يزيد قليلاً على 84 مليون دولار في عام 2021.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة السويسرية MET Group بنجامين لاكاتوس إن صناعة الأسمدة الأوروبية تقترب من مواجهة أزمة ستستمر لسنوات. وأعلنت MET Group في يونيو الجاري، نيتها الاستحواذ على حصة أغلبية في شركة إنتاج الأسمدة بمنطقة البلطيق "أتشيما". 

وأوضح لاكاتوس، أن صناعة الأسمدة ستتأثر بسرعة أكبر من القطاعات الأخرى بسبب ارتفاع تكاليف الغاز والطاقة؛ نظراً لأن 70 إلى 80% من تكلفة تشغيل شركات الأسمدة تذهب إلى الغاز الطبيعي. 

تدفق الحبوب الأوكرانية

ويقاوم منتجو الأغذية، القواعد البيئية للاتحاد الأوروبي والعقبات البيروقراطية، كما أعربوا عن انزعاجهم من تدفق الحبوب الأوكرانية، حيث يسعى الاتحاد إلى دعم تجارة البلاد خلال الغزو الروسي. 

وشهدت عدد من العواصم الأوروبية خلال الفترة الأخيرة، تصاعداً في الاحتجاجات الاجتماعية، يقودها مزارعون غاضبون من حكوماتهم وسياسات الاتحاد الأوروبي، وهو ما أثار مخاوف من أن تتحول هذه الحركة الاجتماعية غير المنظمة و"العفوية" إلى حركة سياسية منظمة، خصوصاً مع انخراط اليمين المتطرّف فيها.

ويعتزم الاتحاد الأوروبي، إعادة فرض الرسوم الجمركية على صادرات أوكرانيا من السكر والبيض، إلى دول الكتلة، اعتباراً من الجمعة، وذلك باللجوء إلى خطة "مكابح الطوارئ" المصممة لتهدئة المزارعين الذين احتجوا في جميع أنحاء الكتلة في وقت سابق من العام الجاري.

ووافقت بروكسل في يونيو 2022، على إسقاط جميع الرسوم الجمركية والحصص على الصادرات الغذائية الأوكرانية، بعد 4 أشهر من الغزو الروسي، لتعزيز إيرادات كييف ومساعدة الإمدادات في الوصول إلى العملاء في العالم النامي.

وفرضت بولندا والمجر وسلوفاكيا، العام الماضي، حظراً من جانب واحد على المحاصيل الأوكرانية، رضوخاً لضغوط المزارعين الذين شهدوا انخفاض أسعار منتجاتهم.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية