هل الإنترنت نعمة أم نقمة؟

هل الإنترنت نعمة أم نقمة؟

 

 

أحد الأسئلة المطروحة وبقوة على موائد النقاش العقلي في حاضرات أيامنا هو ذلك المتعلق بالإنترنت، الاختراع العجيب الذي بدل الأوضاع وغير الطباع، وبقدر ما جعل التواصل بين البشر سهلاً ويسيراً من جهة ، بمقدار ما باعد بين النفوس البشرية من جهة ثانية.

 

يبدو الأولاد في المنزل هادئين، لا يطالبون بالخروج، والأزواج بالكاد يتكلمون.. ترى ما السبب؟

 

كلمة السر هي الإنترنت  ، والهدوء هذا هو الذي يسبق العاصفة ، ولا سيما أن مخاطره كثيرة  وفي مقدمها:

 

**  الإدمان عليه والانعزال عن العالم الحقيقي

 

** العلاقات العاطفية  غير الصحية

 

**الاعتداءات على الحياة الشخصية

 

** الممارسات غير الأخلاقية

 

** الأخطار التي يتعرض لها  الأولاد والمراهقون

 

يبدو الإنترنت سيفاً ذا حدين يمكن أن يكون معجزة  عصر المعلومات  التي وضعت  الكون بين يديك ، أو أن يكون خراباً للبيوت .

 

التساؤل الجوهري في هذه السطور :” كيف نتحكم بهذا المارد ليكون على قياس  قيمنا وحاجاتنا  ولا ينقلب علينا ولا يدمر حياتنا ؟

 

هذا التساؤل  تطرحه ، جولاميل ، وسو موريس ، في كتابيهما الشهير المعنون ” الإنترنت ..كيف نحمي أولادنا  وحياتنا  الخاصة “، وهما  متخصصتان في علم النفس العيادي  ولهما مؤلفات كثيرة  في مجال العلاقات الإنسانية والعاطفية .

 

في صفحات الكتاب المهم نطالع  خلاصات من المهم أن نتوقف عندها ومنها :

 

** إن الإنترنت  بحد ذاته ليس مشكلة  ، إنما المشكلة  تكمن في كيفية استخدام الناس له .

 

** أن نفكر جيداً  قبل التعاطي مع أي شخص  أو في أي شيء عبر النت .

 

**أن نعرف متى  يجب علينا  الخروج من خط النت .

 

** إن العلاقات العاطفية التي تجري عبر النت  هي ليست علاقات حقيقية .

 

وبشيء من الاستفاضة، عندما تفكرون بالإنترنت، من الضروري أن تتذكروا أنه مجرد وسيلة  أخرى  للتواصل وليس وحشاً  تكنولوجياً   يريد القضاء عليكم. والمشاكل التي نواجهها في الوقت الحاضر بسبب اقتحام النت لحياتنا، ليست مشاكل جديدة، ولكن الإنترنت  يعيد إنتاجها  بشكل جديد وأحياناً يتسبب في  مضاعفتها . فالناس كانوا يعانون قبل ظهور الإنترنت ومازالوا يعانون بعد ظهوره من المشاكل الناتجة عن إقامة شركائهم لعلاقات عاطفية عابرة  أو حضور أولادهم على علامات غير مناسبة أو تخطي أولادهم  القواعد السلوكية أو وقوع أولادهم ضحايا لمستغلي  الأطفال.. السؤال إذن ماذا  نفعل؟ .

 

يجب أن تتذكروا  دائماً أن النت هو جزء من الحياة الحقيقية وأنكم يجب أن تخضعوا  استخدامه لقواعد ” الحياة الحقيقية ” وهذا يعني  أن التصرف  الذي يعتبر غير مناسب  أو مسيئاً  أو مؤذياً  في الحياة الحقيقية ، هو أيضاً تصرف  غير مناسب أو مسيء أو مؤذٍ عندما يجري على خط النت ، ولكن الفروقات الحضارية  ستظل موجودة  بين المجتمعات ، وعلينا أن نواجه هذه  الفروقات بأفضل طريقة  ممكنة  في مجتمعنا . فإذا  كنتم غير واثقين  من صحة تصرفات معينة على  خط النت ، فتوقفوا وفكروا  واسألوا أنفسكم :” لو حدث الأمر معي أثناء التعامل مع شخص آخر وجهاً لوجه ، كيف كنت  سأتصرف عندئذ؟

 

هل من طريق ذهبي للسير عليه في عالم الإنترنت ؟

 

بغض النظر عن النشاط الذي تقومون به  على خط النت ، يجب أن تتاكدوا من أن النت  ليس كل حياتكم ،  بل هو مجرد جزء منه . وينطبق هنا  القول السائد “خير الأمور أوسطها “.

 

إذا تبعتم مبدأ الاعتدال  في استخدام النت  فستقل احتمالات  وقوعكم  في المشاكل بسببه ،  فإذا  كنتم عزاباً وتتطلعون للحياة الأسرية ، فإن  البحث عن فرصة في الحياة العادية أفضل مراراً  من التقوقع وراء علاقات الإنترنت العاطفية المفرغة من المعنى .

 

النصيحة ذاتها نقدمها لمن يبحثون عن علاقات اجتماعية  عبر خطوط الإنترنت  ، إذ الأفضل دوماً  التعاطي الحقيقي الحركي مع البشر عبر الزمان والمكان، هذا هو البناء الصلد الذي لا يتأثر بتغيرات عواصف الحياة الطارئة  والطاردة  للمشاعر في زمن تسليع الإنسان.

 

وإذا وجدتم أنكم تشعرون بالتوق الشديد لاستخدام النت  مساء بعد عودتكم من العمل  أو المدرسة فعليكم  أن تنتبهوا  كي لا تقعوا  في فخ الإدمان  وضعوا حدوداً  لاستخدامكم للنت . لا تدعوه يسيطر على  حياتكم أو نشطكم . وأخيراً إذا  كنتم  تعدلون  برنامجكم اليومي لكي يتكيف مع استخدامكم للنت  ، فهذا يعني أنكم على  الأغلب  تعانون من مشكلة  ما في علاقتكم  مع الإنترنت  وأنتم بحاجة  لأن تعالجوها  الآن .

 

إنكم لستم بحاجة  لأن تتعلموا  تعقيدات عمل الإنترنت ، ولكنكم بحاجة  لأن تعوا  مخاطر استخدامه وتتنبهوا  إلى صحة سلوكه  عندما  تستخدمونه  لكي تتجنبوا  المشاكل .

 

الإنترنت هو المستقبل نعم.. لكن خير نصيحة  نقدمها لكم هي أن تتذكروا  دائماً أن الإنترنت  هو وسيلة  تواصل رائعة ، ولكن طريقة  استخدامكم لها تحدد ما قد تعكسعه عليكم من منفعة أو ضرر.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية