مع استمرار الحرب.. مخاوف من تفشي شلل الأطفال في قطاع غزة

مع استمرار الحرب.. مخاوف من تفشي شلل الأطفال في قطاع غزة

يعقد القصف الإسرائيلي المتواصل وارتفاع درجات الحرارة خطط التلقيح ضد شلل الأطفال في قطاع غزة حيث أعلن الأسبوع الماضي تسجيل أول حالة شلل أطفال منذ 25 عاما في ظل تدهور كبير في الظروف الصحية.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الجمعة من رام الله تسجيل أول إصابة بفيروس شلل الأطفال في مدينة دير البلح في وسط قطاع غزة لدى طفل يبلغ من العمر عشرة شهور ولم يحصل على جرعة تطعيم ضد المرض، وفق وكالة فرانس برس.

وتقول منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن لديهما خططا تفصيلية لتطعيم 640 ألف طفل في أنحاء غزة بدءا من نهاية الشهر الجاري.

وتقول جولييت توما، مديرة الاتصالات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، "من الصعب للغاية القيام بحملة تطعيم بهذا الحجم تحت سماء مليئة بالغارات الجوية".

وهناك قيود مفروضة على دخول المساعدات، ومن بينها الأدوية، إلى القطاع المحاصر. بينما تزيد درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف من صعوبة تنفيذ حملة التلقيح.

وينتشر فيروس شلل الأطفال في أغلب الأحيان عن طريق مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة، وهو شديد العدوى.

ويمكن أن يسبب تشوّهات وشللا دائما، وقد يصبح مميتا. وهو يصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة.

سلسلة توريد هشة

ويقول ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة ريتشارد بيبيركورن، إن المنظمة ستشرف على الخطة الرئيسية لحملة التطعيم، مع 2700 عامل صحي موزعين على 708 فرق تعمل في كل بلدية في قطاع غزة.

أما اليونيسيف فتقول على لسان المتحدث باسمها جوناثان كريكس إنها مسؤولة عن ضمان سلسلة الإمدادات التي تحتاج إلى تبريد ليتمّ جلب اللقاحات وتوزيعها في جميع أنحاء غزة.

ومن المتوقع أن تكون الأدوات اللازمة للحفاظ على التبريد، بما في ذلك الثلاجات، بدأت بالوصول الأربعاء إلى مطار تل أبيب، على أن تليها جرعات من اللقاح.

ويضيف كريكس أن اللقاحات عبارة عن قطرات فموية وليست قابلة للحقن، ومن المتوقع أن تدخل غزة الأحد من إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم بالقرب من الحدود المصرية.

وتمّ تحضير نحو 1,6 مليون جرعة لتوفير جرعتين لكل طفل من أطفال غزة البالغ عددهم 640 ألفا، مع جرعات فائضة لتغطية ما يمكن فقده بسبب الحرارة.

ويقول المتحدث باسم اليونيسف "يحتوي كل صندوق على رمز يتفاعل مع التغيرات في درجات الحرارة" ويظهر عندما تصبح الجرعات غير قابلة للاستخدام.

ويعتبر إيصال المساعدات والإمدادات عبر نقاط الدخول التي تسيطر عليها إسرائيل قضية مركزية بالنسبة للمنظمات الإنسانية العاملة في غزة التي تشكو بسبب القيود التي تفرضها الدولة العبرية، بما في ذلك القوائم المتغيرة باستمرار للمواد المسموح إدخالها والعقبات الإدارية التي تؤدي إلى التأخير.

وبالتالي، تزداد نسبة النقص في كل شيء في قطاع غزة بدءا من الوقود والمعدات الطبية وصولا إلى الغذاء.

وتنفي إسرائيل أن تكون هي سبب العراقيل، وتلوم المنظمات الإنسانية على افتقارها إلى القدرة على توزيع السلع التي تسمح بها في غزة.

ووفقا لتوما، بمجرد وصول اللقاحات إلى غزة، سيتم الاحتفاظ بها ضمن مكان سلسلة التبريد، وهي مساحة تخزين تابعة للأمم المتحدة في مدينة دير البلح بوسط غزة، قبل بدء حملة التطعيم في 31 أغسطس.

ويوضح كريكس أن اللقاحات "ستوزّع عن طريق شاحنات التبريد إذا تمكننا من العثور على بعضها، وإلا عن طريق صناديق التبريد" المملوءة بأكياس الثلج، مشيرا إلى أنها ستذهب إلى مرافق وزارة الصحة وملاجئ الأونروا وشركاء.

لا ضمانة للوصول إلى الأطفال

وتعرّض النظام الصحي في غزة للدمار بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر.

ويشرح كريكس "هناك 16 مستشفى فقط من أصل 36 تعمل في قطاع غزة، وبشكل جزئي فقط".

ومع توقّف محطة توليد الكهرباء الوحيدة وانقطاع إمدادات الكهرباء من إسرائيل، تعتمد المرافق الصحية بشكل كبير على المولدات بينما الوقود شحيح جدا.

وبحسب كريكس، تمّ تحديد 11 منشأة صحية فقط قادرة على الحفاظ على سلسلة التبريد، ولكن حتى لو نُقلت اللقاحات ووُزّعت بنجاح، فليس هناك ما يضمن أن الناس سيتمكنون من الوصول إليها بأمان.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى هدنة لمدة سبعة أيام للتمكّن من تطعيم الأطفال.

ويقول مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة في غزة موسى عابد "بدون بيئة آمنة لحملة التطعيم، لن نتمكن من الوصول إلى 95 في المئة من الأطفال دون سن العاشرة"، وهو الهدف المحدّد للحملة.

ويقول عابد إن العديد من سكان غزة يعيشون في مخيمات مؤقتة أو في مدارس الأونروا التي باتت تستخدم كملاجئ، ما يجعل من الصعب الوصول إليها.

وتقول توما التي عملت ضمن فريق الاستجابة لمنع انتشار شلل الأطفال خلال الحرب في كل من سوريا والعراق،"إن عودة شلل الأطفال إلى مكان تمّ القضاء عليه فيه خير تعبير عن الواقع".

وقالت هيئة "كوغات" المعنية بإدارة الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية والتابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إن "جهدا مشتركا سيبذل مع المجتمع الدولي"، واعدة بـ"تعاون كامل".

الحرب على قطاع غزة

اندلعت الحرب عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "حماس" في 7 أكتوبر الماضي، حيث قصف الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ووسع غاراته على كل المحاور في القطاع، وتم قصف المدارس والمستشفيات والمساجد باستخدام مئات آلاف الأطنان من القنابل الكبيرة والمحرمة دوليا والأسلحة الفتاكة مسببة خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات كما تصاعدت وتيرة العنف في الضفة الغربية.

وأسفر القصف عن مقتل أكثر من 40 ألف مواطن فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 92 ألف جريح، إضافة إلى نحو 10 آلاف شخص في عداد المفقودين، في حصيلة غير نهائية وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة.

ونزح نحو مليوني شخص هربا من القصف العنيف، وبعد إنذار إسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة.

وعلى الجانب الإسرائيلي قتل نحو 1140 شخصا بينهم أكثر من 600 من الضباط والجنود منهم 225 منذ بداية الهجوم البري في قطاع غزة، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 6 آلاف جندي بالإضافة إلى نحو 240 أسيرا تحتجزهم "حماس"، تم الإفراج عن بعضهم خلال هدنة مؤقتة. 

هدنة مؤقتة

وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية أصوات 120 صوتا، الجمعة 27 أكتوبر، مشروع قرار عربي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ووقف القتال.

في الأول من ديسمبر الماضي، انتهت هدنة مؤقتة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت بوساطة مصرية قطرية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.

وفور انتهاء الهدنة، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية رغم الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها القطاع والمطالبات الدولية والأممية بزيادة وتسهيل دخول المساعدات الإغاثية.

وتواصل إسرائيل عملياتها العسكرية رغم الأزمة الإنسانية الحادة ورغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وكذلك رغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".

ولا يزال الجيش الإسرائيلي مستمرا في قصفه مناطق مختلفة في القطاع منذ السابع من أكتوبر، مخلفا دمارا هائلا وخسائر بشرية كبيرة ومجاعة أودت بحياة العديد من الأطفال والمسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية.


 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية