سائح عربي أوروبي يجوب أغرب مدن العالم ويعايشه آلاف البشر
سائح عربي أوروبي يجوب أغرب مدن العالم ويعايشه آلاف البشر
"جسور بوست" تنقل تجربته وتفاصيلها..
تعلمت ذاتياً كل ما يلزم صناعة فيديو وأجوب البلاد حباً
مارست الأمر كهواية والآن أصبح عملاً أتكسب منه وأحبه أيضاً
زرت أكثر من 50 مدينة أشهرها بومباي الإيطالية التي أهلكها الله وجعلها آية باقية
أينما كنت سينتقل العالم إليك، بمدنه القديمة ومعالمها الناهضة في وجه الزمن تروي حكايا أمس، ستقف على ثقافات الشعوب وتاريخها، كأنك شريك سفر، كأنك هناك.
"كأنك هناك"، اسم أطلقه نادر العوا، هولندي من أصل سوري، على هواية سفره حول العالم وتصويره أغرب وأعتق مدنه، ونقل تجربة حية يعيش تفاصيلها معه آلاف من رواد "السوشال ميديا".
أكثر من 50 دولة، زارها نادر حول العالم، كان منها "إسبانيا، وإيطاليا، واليونان، البوسنة والهرسك ورومانيا وبلغاريا وغيرها.
"جسور بوست" حاورت نادر عن تجربته وماهيتها وهدفه منها، وكيف أصبحت مصدر إلهام لكل من يريد صناعة محتوى على "يوتيوب".
القصة من أولها
لم تكن مهنة نادر مصورًا ولا مقدم برامج أو صحفيًا ينقل الأحداث، بل إن مجال عمله يتعلق بمنظمات المجتمع المدني، لكن شغفه وما هواه كان الترحال بين البلاد كطائر بيته سماء الله مهما ابتعد فيها لا يضيع، يقول: "هوايتي السفر والترحال والاكتشاف، منذ قدومي إلى هولندا أي قرابة 7 سنوات، وأنا أسافر وفي البداية كنت أنقل صور المدن السياحية إلى أهلي وأقاربي، ثم تطور الأمر إلى أن وضعت الفيديوهات على الموقع الشهير "يوتيوب"، تحت مسمى "كأنك هناك"، وصرت "يوتيوبر"، والفكرة أن كل شيء يدور في فلك الإنسانية، أردت أخذ من لم يستطع السفر إلى مدن العالم ومشاهدة أهم معالمها معي في التجربة.

وعن معايير اختيار الدول التي يسافر إليها قال نادر: "إن ذلك يتم بناء على معيارين، أولهما هو سعر تذكرة الطيران، وثانيهما ألا أكون زرتها سابقًا، حيث أختار التذاكر الأقل سعرًا، كذلك الفنادق تكون غالبًا ذات نجمة واحدة، وكل دولة أزور فيها أكثر من مدينة على أن تكون العاصمة منها، وقبل الزيارة أقوم ببحث جيد، أتعرف من خلاله على معالم تلك المدن أشهرها وقصصها وقيمتها التاريخية وكل شيء عنها".
تعليم ذاتي
وعن أدواته ومن يعاونه يقول: "ما أقوم به ذاتي لا يموله أحد ولا يساعدني فيه أحد، لقد تعلمت "المونتاج"، وفن التصوير وكل ما يتعلق بصناعة "فيديو" لإبراز عملي بشكل محترف يمتع المشاهدين دون ملل أو رداءة تبعدهم، تابعت بعض صناع الفيديو حتى أصبح “الإنترنت” مدرسة لي في كل شيء، تدربت على أن أتحدث بهدوء، أقوم بذلك منذ أكثر من عامين".
وعن ما أوصلته إليه موهبته وشغفه يقول: "أخذتني هذه الخطوة إلى شيء مهم أحببته كثيرًا، بعد الفيديو الثالث بدأت تتصل بي شركات السياحة، وبت أعمل معها كمرشد سياحي لمعالم هولندا، ومكنني ذلك من السفر إلى كل مدن أوروبا، ووجدت عملًا جديدًا يشبع شغفي، أعتقد إن فعلتَ ما تحبه وبنية إيجابية، ما تحبه سيفتح لك آفاقًا أرحب وطرقا جديدة للرزق".
نصيحة للشباب
من منطلق خلق الفرص، والتعليم الذاتي، يستطيع نادر أن يكون مُلهمًا للشباب، خاصة من يريد منهم أن يُصبح "يوتيوبر" يقول: "إذا أردت عمل مشروع جديد أو مهنة تتكسب منها، فعليك أولًا أن تأخذ القرار، ثم تبدأ بتطوير أدواتك بما يتناسب مع هذه المهنة، وتوفير تكلفة مبدئية بسيطة، على أن تكون محبًا لذلك حتى تبدع في عمله، وأن يكون تفكيرك أن تقدم خدمة ومتعة للناس وتخدم بها مجتمعك، ويأتي الصبر في نهاية المطاف حتى تكلل جهودك بالنجاح، لقد بدأت أجني أموالًا وأصنع محتوى مميزًا بعد فترة وليس من أول يوم".

مدن وعجائب
من أغرب المدن التي زارها كانت مدينة “نابولي” بإيطاليا، ونصحني البعض بعدم الذهاب حيث إنها مشهورة بالعصابات والجريمة، لدرجة قد يمر زائر حول المدينة ولا يدخلها، لكن حس المغامرة تغلب علي ورغبت حقًا في رؤية هذه المدينة الجميلة، حيث الأراضي الدافئة، كما أنها تُعد ثالث أكبر مدن إيطاليا، بعد روما وميلانو، وبالقرب منها تقع جزيرتان مشهورتان هما "كابري وإسكيا"، وبها واجهة لأشهر معلم سياحي موجود في إيطاليا بركان "فيزوف" ومدينة "بومباي"، وكنيسة القديسة ماري، من أغرب العمارة الهندسية التي رأيتها، والتي تحتوي على مذبح "فيتز ستروسن"، أكبر مذبح قوطي لكنيسة في العالم، والذي يضم أكثر من 200 تمثال خشبي مذهب.
مدينة الموتى
من أشهر الزيارات التي صورها وتفاعل معها نادر، كانت مدينة "بومباي" الإيطالية، والتي ظلت طي النسيان حتى القرن الـ18 ولكنها أصبحت الآن أحد المزارات السياحية، بعد أن تم اكتشافها خلال عملية حفر قناة مائية في المنطقة، حيث فوجئ العلماء بآلاف الجثث المتحجرة والمدفونة تحت الرماد البركاني في أوضاع جنسية مختلفة، ليتبين لاحقا أنهم ضحايا كارثة طبيعية ضربت المدينة بشكل مفاجئ عبر ثوران بركان جبل فيزوف، وعثر فيها على مناطق بها جثث متحجرة، واشتهرت هذه المدينة بحب قاطنيها للشهوات، وكان يوجد بها بيوت للدعارة في كل أرجائها، وانتشرت بها غرف صغيرة لممارسة الرذيلة.
عاش أهل بومبي في زمن الإمبراطورية الرومانية، وتقع على البحر المتوسط بالقرب من مدينة "نيبلس"، وبلغ عدد سكانها في ذلك الوقت 200 ألف نسمة، وكانت عامرة أيام حكم الإمبراطور "نيرون" والتي ما زالت تخضع لعمليات ترميم لتكشف عن الكثير من الأسرار الإنسانية والمعمارية.
وفي فيديو له يروي نادر يوضح نادر: "كان لدى تلك القرية حضارة مزدهرة وقطع نقدية، تطل على جبل بركاني خامد، ومعظم السكان من الأثرياء، وظهر ذلك على معالم المدينة، فكانت شوارعها ممهدة بالحجارة وبها حمامات عامة وشبكات للمياه تصل إلى البيوت، وبها ميناء بحري متطور ومسارح وأسواق، وآثارهم أظهرت تطورا بالفنون من خلال النقوش ورسومات الجدران.
وهي ما أن أذن للبركان الخامد في تلك البقعة أن يثور، حتى انفجر في وجوههم، صابغا الهواء بريشة من الاحمرار الذي لا تفرق فيه بين حمرة الحمم والدماء، لتبدأ قصة بلد عاشت في الفحشاء على كل لون، تاركة خلفها أثرا من العدل، تجسد في تماثيل ونقوش «مخلة بالآداب»، يد الله تحكم.. هذا المشهد، الّذي أسدل الستار عليه، يُعيده اكتشاف أثري يلمسه البشر ويعيشونه مجددا على الأرض، لعلهم يتخذون العظة والعبرة، في زمن ضُرب بهما عرض الحائط".