في يومهم الدولي.. الأمم المتحدة تحتفي برحلة "المنحدرين من أصل إفريقي" نحو الحرية
31 أغسطس من كل عام
يصادف الاحتفال باليوم الدولي للمنحدرين من أصل إفريقي هذا العام، الاحتفال أيضًا بالعام الأخير من العقد الدولي للمنحدرين من أصل إفريقي، وهي مبادرة أطلقتها الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف بالمنحدرين من أصل إفريقي في الأمريكتين كمجموعة مميزة يجب حماية حقوقهم الإنسانية.
وتهدف الأمم المتحدة من خلال الاحتفال باليوم الدولي للمنحدرين من أصل إفريقي، يوم 31 أغسطس من كل عام، إلى تعزيز المساهمات غير العادية للشتات الإفريقي في جميع أنحاء العالم والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المنحدرين من أصل إفريقي.
وأسفر عقد من النشاط عن بعض التقدم، حيث باتت تعترف المجتمعات في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد بالدور الذي تلعبه العنصرية الهيكلية في تعزيز التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كذلك جعلت عدة بلدان التنميط العنصري والتمييز العنصري غير قانونيين وأدخلت سياسات لتعزيز حقوق السكان المنحدرين من أصل إفريقي وخياراتهم.
وعلاوة على ذلك، سرعت الحكومات جهودها لجعل المنحدرين من أصل إفريقي أكثر ظهورا من الناحية الإحصائية من أجل معالجة المظالم التاريخية وسد الفجوات في الحصول على الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والفرص، كما ازداد عدد البلدان التي لديها تعدادات أكثر شمولا للسكان والمساكن، حيث تضمن العديد منها سؤالا يعرض التعريف الذاتي للمنحدرين من أصل إفريقي.
تحديات مستمرة
ولكن لا تزال هناك تحديات حاسمة تواجه النساء والفتيات المنحدرات من أصل إفريقي، بما في ذلك المواقف العنصرية في القطاعات الصحية في جميع أنحاء الأمريكتين التي تجعل الولادة أقل أمانا وتزيد من خطر وفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها، وفقا لبحث أجراه صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وهناك عقبة أخرى، على الرغم من التقدم المحرز في جمع البيانات الشاملة، فلا تزال البلدان تكافح من أجل جمع إحصاءات مصنفة عرقيا، والتي من شأنها أن تكشف عن أنماط عدم المساواة وتنير السياسات التي يمكن أن تكافح العنصرية وتقضي عليها.
يجب على صانعي السياسات على جميع المستويات العمل مع المجتمعات المنحدرة من أصل إفريقي لإجراء البحوث الأخلاقية وإنشاء مبادرات مستهدفة ومتعددة الجوانب للقضاء على عدم المساواة وتحسين الخدمات الصحية وإنقاذ الأرواح، كما أن زيادة التضامن والعمل عبر الحدود الوطنية والإرادة السياسية والاستثمارات ضرورية أيضا من أجل إنهاء أوجه عدم المساواة وضمان التمكين الكامل للمنحدرين من أصل إفريقي، ولا سيما النساء والفتيات.
رسالة الأمين العام
نشرت الأمم المتحدة منذ أيام رسالة من الأمين العام، أنطونيو غوتيريش بهذه المناسبة قائلا: "في اليوم الدولي للمنحدرين من أصل إفريقي، نكرم المساهمات الهائلة والمتنوعة للمنحدرين من أصل إفريقي في الطيف الواسع من الإنجازات البشرية، وجهودهم الدؤوبة لخلق عالم أفضل".
وأضاف: "لقد ساعدت قيادة وشجاعة ونشاط المنحدرين من أصل إفريقي في التغلب على الظلم العميق، وإنقاذ الأرواح، وتحسين المجتمعات، ولفت انتباه العالم إلى قضايا حاسمة.. ومع ذلك، فإن الإرث الذي لا يطاق من الاستعباد والاستعمار لا يزال قائما، العنصرية المنهجية منتشرة وتستمر في التحول إلى أشكال جديدة، بما في ذلك في التقنيات الجديدة، حيث يمكن للخوارزميات تضخيم التمييز".
وشدد الأمين العام: "يجب أن نبني على عمل المنحدرين من أصل إفريقي من خلال العمل العالمي للقضاء على آفة العنصرية والتمييز العنصري.. في الأمم المتحدة، هذه أولوية، وقد أنشأنا مكتبًا جديدًا لمكافحة العنصرية، سيدفع هذا تنفيذ خطتنا الاستراتيجية لمعالجة العنصرية في مكان العمل".
وأضاف: "إننا بحاجة أيضًا إلى أن تتولى الحكومات زمام المبادرة، من خلال تعزيز وتنفيذ السياسات والقوانين لمعالجة العنصرية المنهجية وضمان الإدماج، نحن بحاجة إلى أن يكثف القطاع الخاص جهوده، بما في ذلك استئصال التحيز في التكنولوجيا وغيرها من أبعاد الحياة العملية، ونحن بحاجة إلى العدالة التعويضية لمعالجة جرائم الاستعباد".
وقال "غوتيريش": "بناءً على النجاح الذي تحقق في العقد الماضي، آمل أن تعلن الدول عن عقد دولي ثانٍ للأشخاص المنحدرين من أصل إفريقي، للمساعدة في تسريع الجهود العالمية من أجل التغيير الحقيقي.. معًا، دعونا نقوم بدورنا في القضاء على العنصرية والتمييز، وبناء عالم من المساواة والفرص والعدالة للجميع".
صندوق الأمم المتحدة للسكان
وفي جميع أنحاء العالم، يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على دعم النساء والفتيات المنحدرات من أصل إفريقي في سعيهن لتحقيق الاستقلال الجسدي والظهور والإدماج، وكما قالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة ناتاليا كانيم، "دعونا نتذكر أنه عندما نحسن حياة النساء والفتيات المنحدرات من أصل إفريقي، ستتحسن آفاق المجتمع والأمة بأسرها".
وتعكس الأيام الدولية المرتبطة بالعنصرية أو تجارة الرقيق أو المنحدرين من أصل إفريقي، القيم المشتركة بين المجتمعات، حيث يولد جميع البشر أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق ولديهم القدرة على المساهمة بشكل بناء في تنمية مجتمعاتهم ورفاهتها، وأي مبدأ من مبادئ التفوق العنصري خاطئ علميًا، ومدان أخلاقيًا، وغير عادل اجتماعيًا، وخطير ويجب رفضه، جنبًا إلى جنب مع النظريات التي تحاول تحديد وجود أعراق بشرية منفصلة.
تدين الأمم المتحدة بشدة الممارسات العنيفة المستمرة والاستخدام المفرط للقوة من جانب وكالات إنفاذ القانون ضد الأفارقة والأشخاص من أصل إفريقي، وتدين العنصرية البنيوية في أنظمة العدالة الجنائية في جميع أنحاء العالم، كما تعترف المنظمة بأن تجارة الرقيق عبر الأطلسي هي واحدة من أحلك الفصول في تاريخنا البشري وتدعم الكرامة الإنسانية والمساواة لضحايا العبودية وتجارة الرقيق والاستعمار، وخاصة الأشخاص من أصل إفريقي في الشتات الإفريقي.
مقتل جورج فلويد
وفي حين تم إحراز بعض التقدم على المستويات التشريعية والسياسية والمؤسسية، إلا أن المنحدرين من أصل إفريقي ما زالوا يعانون من أشكال متقاطعة ومركبة من التمييز العنصري والتهميش والاستبعاد، ففي عام 2020، وبعد مرور 5 سنوات على العقد، ألقت جائحة كوفيد-19 الضوء على الحاجة الملحة إلى معالجة أوجه عدم المساواة البنيوية طويلة الأمد والعنصرية الممنهجة في مجال الصحة.
ويشكل الافتقار إلى الاعتراف بالمساهمات المهمة للمنحدرين من الأصول الإفريقية أحد الحواجز الرئيسية التي تقف أمام تمتع المنحدرين من أصل إفريقي بصورة كاملة وفعالة بحقوق الإنسان.
شهد عام 2020 نقطة تحول في طريقة معالجة هذه القضايا على المستويين الدولي والوطني، لقد حفز مقتل جورج فلويد الناس على الاحتجاج على العنصرية والتمييز العنصري ودفع إلى مناقشات عالمية مهمة حول العدالة العرقية.
وفي 19 يونيو 2020، اعتمد مجلس حقوق الإنسان القرار بشأن "تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفارقة والأشخاص من أصل إفريقي ضد الاستخدام المفرط للقوة وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى من قبل ضباط إنفاذ القانون"، وبموجب هذا القرار، قدمت المفوضة السامية لحقوق الإنسان إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته السابعة والأربعين أجندتها نحو التغيير التحويلي من أجل العدالة والمساواة العرقية.
أصبحت المجتمعات في جميع أنحاء العالم تدرك بشكل متزايد الدور الذي تلعبه العنصرية البنيوية في دفع التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وقد قامت العديد من البلدان بحظر التنميط العنصري والتمييز، وأدخلت سياسات لتعزيز حقوق وخيارات المنحدرين من أصل إفريقي.
وتسارعت وتيرة جهود الحكومات لجعل السكان ذوي الأصول الإفريقية أكثر وضوحا من الناحية الإحصائية من أجل معالجة الظلم التاريخي وسد الفجوات في الحصول على الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والفرص.
المنتدى الدائم
قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة إنشاء منصة جديدة لتحسين حياة المنحدرين من أصل إفريقي، الذين عانوا لقرون من علل العنصرية والتمييز العنصري وإرث الاستعباد في جميع أنحاء العالم.
وتبنت الهيئة المكونة من 193 عضوا، بالإجماع، قرارا بإنشاء منتدى أممي دائم للمنحدرين من أصل إفريقي، عبارة عن هيئة استشارية مؤلفة من 10 أعضاء ستعمل بشكل وثيق مع مجلس حقوق الإنسان ومقره جنيف.
ووفق الأمم المتحدة سيعمل المنتدى الجديد كآلية تشاور للمنحدرين من أصل إفريقي وأصحاب المصلحة الآخرين، وسيساهم في صياغة إعلان للأمم المتحدة، يعد "خطوة أولى نحو صك ملزم قانونا" بشأن تعزيز حقوق الناس المنحدرين من أصل إفريقي واحترامها الكامل، وكانت المفاوضات بشأن طرائق المنتدى الدائم بدأت منذ نوفمبر 2014، عندما أطلقت الجمعية العامة رسمياً العقد الدولي للمنحدرين من أصل إفريقي (2015-2024).
ومن جانبها، أعربت الجمعية عن قلقها إزاء انتشار الحركات العنصرية المتطرفة في جميع أنحاء العالم، وأعربت عن أسفها "لآفات العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب المستمرة والمتجددة" التعصب المرتبط بها.
ووفقا لمهامه، سيسعى المنتدى إلى النهوض بالإدماج السياسي والاقتصادي والاجتماعي الكامل للمنحدرين من أصل إفريقي في المجتمعات التي يعيشون فيها، كمواطنين على قدم المساواة دون تمييز، يتمتعون بحقوق الإنسان على قدم المساواة، وسيساهم في بلورة إعلان أممي بشأن حقوق المنحدرين من أصل إفريقي.
سيقدم المنتدى مشورة الخبراء وتوصياتهم إلى مجلس حقوق الإنسان، واللجان الرئيسية للجمعية، ومختلف كيانات الأمم المتحدة التي تعمل على إصدار قضايا تتعلق بالتمييز العنصري.
وسيجمع أفضل الممارسات ويرصد التقدم المحرز في التنفيذ الفعال لأنشطة العقد الدولي، ويجمع المعلومات ذات الصلة من الحكومات، وهيئات الأمم المتحدة، والمجموعات غير الحكومية والمصادر الأخرى ذات الصلة وستعقد الدورة الأولى للمنتدى الدائم في عام 2022، على أن تتناوب الدورات السنوية اللاحقة بين جنيف ونيويورك.