أحدثها "البنغاليون".. قرارات العفو عن المتهمين تجسد نهج الإنسانية والتسامح بالإمارات

أكثر من 200 جنسية تقيم وتعمل في البلاد

أحدثها "البنغاليون".. قرارات العفو عن المتهمين تجسد نهج الإنسانية والتسامح بالإمارات

بنهج مستمر من التسامح والإنسانية والتعايش، تُصدر دولة الإمارات العربية المتحدة قرارات بالعفو عن المتهمين، كان أحدثها الإفراج عن متهمين بنغاليين في القضية المعروفة إعلامياً بـ"قضية التجمهر".

وفي وقت سابق من يوم أمس الثلاثاء، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية "وام"، أن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أمر بالعفو عن المتهمين من الجنسية البنغالية الذين تجمهروا وأثاروا الشغب في عدد من إمارات الدولة الشهر الماضي، وإسقاط العقوبات عمن حكم عليه منهم مع إبعادهم عن الدولة.

وأفادت وكالة أنباء الإمارات بأنه "إنفاذاً للأمر أصدر النائب العام للدولة المستشار الدكتور حمد الشامسي، قراراً بوقف تنفيذ العقوبة واتخاذ إجراءات الإبعاد عن الدولة"، مؤكدا أن التعبير عن الرأي حق تحميه الدولة وقوانينها وتيسر له طرقه الشرعية التي تحول دون الانحراف به ليكون وسيلة للإضرار بمصالح الدولة ومن يعيشون فيها.

وفي يوليو الماضي، قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بإدانة 57 متهماً من الجنسية البنغالية، وحكمت المحكمة بالسجن المؤبد لـ3 متهمين منهم، إثر إدانتهم بالدعوة والتحريض على التظاهر بهدف الضغط على حكومة بلادهم.

وحكمت على 53 آخرين بالسجن 10 سنوات، ومتهم واحد بالسجن 11 عاما دخل إلى البلاد بصورة غير قانونية وشارك في التجمهر، مع إبعاد جميع المحكوم عليهم عن الدولة بعد انقضاء العقوبة وبمصادرة الأجهزة المضبوطة.

وتشهد الإمارات بشكل مستمر قرارات عفو تشمل أجانب مقيمين داخل البلاد، عادة ما يصدر معظمها في المناسبات والأعياد الوطنية والدينية، إذ يقيم ويعيش على أرض البلاد أكثر من 200 جنسية بالعالم.

ويحظى الأجانب المقيمون في الإمارات بنصيب وافر من قرارات العفو عن المتهمين، والتي غالبا ما يصاحبها قرارات بالإبعاد عن الدولة. 

وعادة ما تبعث دولة الإمارات برسائل تدعو إلى المحبة والتعايش وترسخ قيم الإنسانية والرحمة، إذ قال رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في يوليو الماضي عبر حسابه بمنصة "إكس": "يعيش بيننا في دولة الإمارات أكثر من 200 جنسية يسهم أفرادها معنا في تنمية هذا الوطن".

وأضاف أن "التسامح والتعايش والالتزام بالقوانين والحفاظ على الأمن والأمان أسس متينة لمجتمعنا. يلتزم بها كل من يعتبر الإمارات وطناً".

فروق جوهرية

والإبعاد يتم بحسب مرسوم بقانون اتحادي رقم (29) لسنة 2021 في شأن دخول وإقامة الأجانب، إذ يَصدر الإبعاد الإداري من الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية ضد الأجانب، لما تستدعيه المصلحة العامة أو متطلبات الأمن العام.

وتنظم المادة (148) من قانون العقوبات بالبلاد، تدابير العفو الشامل، والذي يتضمن العفو عن جريمة أو جرائم معينة، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية أو محو حكم الإدانة الصادر فيها.

أما العفو عن العقوبة فتنظمه المادة (150) من القانون ذاته، إذ يصدر العفو بمرسوم ويتضمن إسقاط العقوبة المحكوم بها (كلها أو بعضها) من جهة قضائية اتحادية أو يتم تخفيف العقوبة المحكوم بها.

ويعد القضاء الاتحادي إحدى السلطات الاتحادية الخمس في حكومة دولة الإمارات، ويشمل المحكمة الاتحادية العليا، والمحاكم الاتحادية، والنيابة العامة، وتعتبر المحكمة الاتحادية العليا أعلى سلطة قضائية في دولة الإمارات.

تاريخ حافل 

وشهد عهد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان منذ توليه منصبه في مايو 2022، إصدار قرارات عديدة بالعفو في مناسبات مختلفة مثل أعياد الأضحى والفطر وحلول شهر رمضان والأعياد الوطنية بالبلاد.

وتهدف هذه القرارات التي تنم عن التسامح والتعايش إلى تعزيز الروابط الأسرية وإدخال السرور إلى قلوب المتهمين وأبنائهم وأسرهم، ومنح النزلاء فرصة الاستفادة من هذه المناسبات المباركة لبدء حياة جديدة بما ينعكس إيجاباً على أسرهم ومجتمعهم.

وفي يونيو الماضي، أمر رئيس الإمارات بالإفراج عن 1138 نزيلاً من نزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية ممن صدرت بحقهم أحكام في قضايا مختلفة، وتكفل بتسديد الغرامات المستحقة عليهم، وذلك بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك.

وبسبب هذه المناسبة، قرر حاكم إمارة أم القيوين عضو المجلس الأعلى للاتحاد في دولة الإمارات الشيخ سعود بن راشد المعلا، الإفراج عن عدد من نزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية في الإمارة -لم يحدد عددهم- ممن ثبتت أهليتهم وحسن سيرتهم وسلوكهم. 

وأمر حاكم إمارة رأس الخيمة وعضو المجلس الأعلى للاتحاد في الدولة الشيخ سعود بن صقر القاسمي، بالإفراج عن 481 من نزلاء المؤسسة الإصلاحية والعقابية في رأس الخيمة، ممن صدرت بحقهم أحكام مختلفة، وانطبقت عليهم شروط العفو، وتم تأهيلهم للاندماج في المجتمع والمساهمة في بنائه. 

وأمر حاكم إمارة عجمان عضو المجلس الأعلى للاتحاد بالبلاد الشيخ حميد بن راشد النعيمي، بالإفراج عن 223 نزيلا بالمنشآت الإصلاحية في المناسبة ذاتها. 

ومع حلول شهر رمضان الماضي، أعلن النائب العام الإماراتي، المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي، أن رئيس البلاد أمر بالإفراج عن 735 من نزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية من المحكوم عليهم في قضايا مختلفة، "تجسيدا لنهج التسامح".

وقرر نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء، حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الإفراج عن 691 نزيلا من نزلاء المؤسسات الإصلاحية والعقابية في دبي من مختلف الجنسيات، وذلك بمناسبة حلول شهر رمضان أيضا.

وأكد النائب العام لإمارة دبي آنذاك المستشار عصام عيسى الحميدان، أن "قرار العفو يأتي في إطار تمكين المشمولين به من الانضمام إلى ذويهم في هذه المناسبة العطرة بكل ما تحمله من قيم الرحمة والإحسان والتسامح، ومنحهم الفرصة للتوبة والانخراط مرة أخرى في المجتمع، وإدخال البهجة والسرور على أبنائهم وإخوانهم وأسرهم في هذا الشهر".

كما قرر حاكم إمارة عجمان الشيخ حميد بن راشد النعيمي، بالإفراج عن 314 نزيلا بالمنشآت الإصلاحية والعقابية في القيادة العامة لشرطة عجمان، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك. 

وفي السياق، أمر حاكم إمارة الشارقة عضو المجلس الأعلى للاتحاد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بالإفراج عن 484 نزيلا من الذين يقضون فترة محكوميتهم بإدارة المؤسسة العقابية والإصلاحية في الإمارة بسبب المناسبة ذاتها. 

أعداد هائلة

وفي 29 نوفمبر 2023، أمر رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بالإفراج عن 1018 نزيلاً من نزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية ممن تنطبق عليهم شروط العفو بمناسبة احتفالات الدولة بعيد الاتحاد الثاني والخمسين للبلاد. 

وأكد النائب العام الإماراتي آنذاك، أن هذا القرار يعبر عن "حرص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على ترسيخ قيم العفو والتسامح"، وسط إشادات وترحيب على الصعيدين المحلي والدولي بالإفراج عن هذا العدد الكبير من السجناء.

كما أمر عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة عجمان الشيخ حميد بن راشد النعيمي، بالإفراج عن 143 نزيلاً بالمنشآت الإصلاحية والعقابية في القيادة العامة لشرطة عجمان بمناسبة عيد الاتحاد الـ 52 للدولة.

وجاء في أسباب هذا القرار آنذاك، أنه "لما أثبتوا من حسن السيرة والسلوك خلال تنفيذهم مدة العقوبة وانطبقت عليهم شروط العفو وثبتت أهليتهم للتمتع به وإعفائهم من مدة المحكومية المتبقية عليهم، وإبعاد من صدر بحقه حكم الإبعاد عن البلاد"، في إشارة لوجود أجانب بين المستحقين قرار العفو. 

وفي يوليو 2023، قالت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، إن دولة الإمارات العربية المتحدة أصدرت قراراً بالعفو عن 21 سجينا من رعاياها.

وأفادت وكالة أنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) آنذاك، بأن الرئيس الإماراتي وحكام إمارات الدولة الآخرين اتفقوا على العفو عن هؤلاء السجناء خلال زيارة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إلى أبوظبي في أواخر يونيو 2023.

وفي يونيو 2023، قرر حاكم إمارة عجمان الشيخ حميد بن راشد النعيمي، الإفراج عن 166 نزيلا بالمنشآت الإصلاحية والعقابية بمناسبة عيد الأضحى المبارك. 

وفي 21 مارس 2023، أمر رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالإفراج عن 1025 نزيلاً من نزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية من المحكوم عليهم في قضايا مختلفة، بمناسبة شهر رمضان المبارك.

وتأتي هذه القرارات من الشيخ محمد بن زايد، في إطار المبادرات الإنسانية لدولة الإمارات، التي تستند إلى قيم العفو والتسامح، وإعطاء نزلاء المنشآت الإصلاحية والعقابية فرصة التغيير نحو الأفضل والبدء من جديد في المشاركة الإيجابية بالحياة، بالشكل الذي ينعكس على أسرهم ومجتمعهم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية