بدعوى مكافحة الإرهاب.. كيف تحولت أحداث 11 سبتمبر إلى هجوم على حقوق الإنسان؟
بدعوى مكافحة الإرهاب.. كيف تحولت أحداث 11 سبتمبر إلى هجوم على حقوق الإنسان؟
حماية أم قمع؟.. إعادة تقييم الحقوق في زمن تشريعات ما بعد 11 سبتمبر
خبير قانوني: تشريعات ما بعد 11 سبتمبر أدت إلى تزايد الرقابة على حساب الحقوق الفردية
برلماني سابق: قوانين مكافحة الإرهاب أثرت بشدة على الحقوق المدنية
في الحادي عشر من سبتمبر 2001، استيقظ العالم على مشهد درامي غير مسبوق، تمثل في تحويل مسار طائرتين مدنيتين، ليرتطما ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، بينما استهدفت ثالثة مبنى البنتاغون، وتحطمت رابعة في حقل بولاية بنسلفانيا.
الهجمات الإرهابية، التي نفذتها مجموعة من المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة، لم تكن مجرد عمل عنيف، بل كانت لحظة فاصلة أعادت تشكيل الواقع السياسي والأمني العالمي، ولم تنعكس تداعياتها فقط على سياسات الدول بل أيضًا على حقوق الأفراد في كل مكان.
رد الفعل الأولي من الولايات المتحدة والعالم كان سعيًا حثيثًا نحو تأمين المجتمع من تهديدات الإرهاب المستجدة، وهو ما بدا مفهومًا في سياق الفوضى والخوف غير المسبوقين، إلا أن ما جرى بعد ذلك كان بداية لتحول عالمي بعيد المدى، أخذ من مكافحة الإرهاب مبررًا لتبرير انتهاكات متزايدة لحقوق الإنسان.
وبعد أكثر من عقدين على تلك الهجمات، بات واضحًا أن تداعيات 11 سبتمبر لم تقف عند الحروب العسكرية، بل امتدت لتشمل قمع الحريات المدنية، والتمييز ضد الأفراد، والمراقبة الجماعية التي باتت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للكثيرين.
ففي غضون ساعات من الهجمات، أُعلن عن إطلاق ما عُرف بالحرب العالمية على الإرهاب، كان هذا المصطلح بمثابة مظلة شملت تحتها كل ما يمكن أن تسوقه الحكومات من إجراءات وقوانين تحت ذريعة حماية الأمن الوطني.
وشنت الولايات المتحدة حربها على تنظيم القاعدة في أفغانستان، وسرعان ما تبعتها في العراق، حيث تمت الإطاحة بنظام صدام حسين في 2003.
كانت هذه الخطوات المباشرة ردًا على الهجمات، لكنها سرعان ما أدت إلى نتائج غير متوقعة، منها صعود تنظيمات أكثر وحشية مثل تنظيم داعش الإرهابي الذي سيطر على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا في 2014، وفي خضم هذا كله، كانت حقوق الإنسان هي الضحية الصامتة، التي باتت مهددة باسم الحفاظ على الأمن.
وأسفر الهجوم عن مقتل نحو ثلاثة آلاف شخص، وتعرض مئات الآلاف لاستنشاق غبار سام أثر على صحتهم لسنوات لاحقة، وبينما كانت الولايات المتحدة والعالم يشاهدان الرماد المتطاير وأنقاض البرجين، كانت مرحلة جديدة من السياسة العالمية تبدأ في التشكيل، مرحلة تلونت بمخاوف أمنية وقمع حقوقي.
ووفقًا لتقارير متعددة، في حين حققت هذه الأساليب بعض النجاح، كما في مقتل أسامة بن لادن، وأبو بكر البغدادي، فإن هذه الحرب جاءت بتكلفة باهظة على مستوى حقوق الإنسان.
كان المدنيون في صميم هذه المعركة، من غوانتانامو إلى برامج المراقبة الجماعية، كان المواطنون العاديون ضحية سهلة لتلك الإجراءات القمعية التي تمت تحت غطاء مكافحة الإرهاب.
أحد أكبر الشواهد على هذه الانتهاكات هو معتقل غوانتانامو، الذي أنشئ بعد الهجمات مباشرة لاحتجاز المشتبه بتورطهم في الإرهاب، سرعان ما تحول هذا المكان إلى رمز عالمي لانتهاكات حقوق الإنسان، حيث تعرض المعتقلون هناك لأساليب تعذيب شديدة القسوة، مثل الإيهام بالغرق والحرمان من النوم، وحتى اليوم، لا يزال المعتقل مفتوحًا، مع أن الكثيرين من هؤلاء المعتقلين لم يخضعوا لأي محاكمة عادلة.
وفي الوقت الذي كان فيه غوانتانامو يعبر عن الوجه الأكثر علانية لهذه الانتهاكات، كانت هناك سياسات أخرى تجري في الخفاء، مثل برامج المراقبة الجماعية التي أطلقتها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
في أعقاب الهجمات، تم إقرار قوانين مثل "باتريوت آكت" في الولايات المتحدة، التي أعطت للحكومة صلاحيات واسعة في مراقبة الاتصالات والتنصت على الأفراد.
لم تكن هذه المراقبة محصورة فقط في المشتبه بهم بالإرهاب، بل طالت مواطنين عاديين. الحكومات في أوروبا أيضًا لم تكن بعيدة عن هذا الاتجاه، إذ أقرت قوانين مشابهة تمنح الأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة في مراقبة الأفراد والاحتجاز بدون محاكمة.
كل هذا جاء تحت مبرر "الأمن القومي"، لكن تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، كشف عن أن هذه السياسات أدت إلى تآكل الحقوق الأساسية للأفراد، وأعطت للحكومات أداة قوية للتدخل في حياة مواطنيها دون رقابة فعالة.
أما على مستوى السفر، فقد شهدت المطارات حول العالم تحولات جذرية في أعقاب الهجمات قبل 11 سبتمبر، كان السفر تجربة أقل تعقيدًا، إجراءات التفتيش كانت بسيطة وسريعة، ولم يكن هناك تدقيق مفرط في هويات المسافرين. أما الآن، فقد أصبحت المطارات ساحة للتدقيق الأمني الدقيق، حيث يتم فحص كل صغيرة وكبيرة، حتى جنسية المسافر قد تؤدي إلى تعاملات تمييزية.
وأشار تقرير أعدته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إلى أن الإجراءات الأمنية التي اتبعت بعد الهجمات، رغم أهميتها في حماية الطيران من هجمات جديدة، فإنها أدت إلى انتهاكات لحقوق الخصوصية، وأحيانًا تمييز واضح ضد المسافرين من أصول معينة، وخاصة المسلمين والعرب، وباتت ساعات طويلة من الانتظار والتفتيش في المطارات أمرًا معتادًا، وازدادت حالات التمييز العرقي بشكل ملحوظ. هذه السياسات الأمنية، وإن كانت تحمي الدول من هجمات إرهابية جديدة، فإنها وضعت الجميع تحت مجهر المراقبة، وأصبح الشخص العادي يعيش في ظل خوف دائم من أن يُعتبر "مشبوهًا" فقط بناءً على مظهره أو جنسيته.
ووفقًا لتقارير حقوقية، تعرضت الحقوق المدنية أيضًا لضربة قاسية، فمنذ هجمات 11 سبتمبر، أصبحت هناك شكوك مستمرة حول حق الأفراد في الحرية والتنقل بدون مبررات أمنية.
وفي بريطانيا، تم تفعيل قوانين تتيح للحكومة احتجاز الأفراد لفترات طويلة دون محاكمة، تحت مبرر أن الأمن القومي في خطر، هذه الإجراءات، التي كان من المفترض أن تكون استثنائية ومؤقتة، أصبحت واقعًا دائمًا في العديد من الدول، ورغم تحقيق بعض النجاحات في مكافحة الإرهاب، فإن الثمن الذي دفعته حقوق الإنسان كان كبيرًا.
وانتقد تقرير "منظمة العفو الدولية" بشدة السياسات التي تبنتها الدول بعد 11 سبتمبر، مشيرًا إلى أن الحكومات استغلت حالة الخوف لتمرير قوانين وإجراءات لا تمت للأمن بصلة، وإنما كانت تستهدف توسيع سيطرة الدولة وتقليص الحريات الفردية.
ولم تتوقف التبعات عند حدود الغرب، ففي مناطق مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، استخدمت بعض الأنظمة الحاكمة شعار مكافحة الإرهاب كذريعة لقمع المعارضين وتكميم الأفواه.
وتم استخدام قوانين الطوارئ لاعتقال الآلاف من المواطنين، بزعم أنهم يمثلون خطرًا أمنيًا، في حين كانت الدوافع الحقيقية غالبًا سياسية.
اليوم، بعد مرور أكثر من عقدين على تلك الهجمات، أصبح من الضروري إعادة النظر في هذه السياسات، لا يمكن إنكار أن التهديد الإرهابي لا يزال قائمًا، لكن الرد عليه لا يجب أن يكون على حساب الحقوق الأساسية للأفراد، فالأمن وحقوق الإنسان لا ينبغي أن يكونا متعارضين بل يجب أن يسيرا جنبًا إلى جنب.
ويرى حقوقيون أنه وفي ظل التحديات المستمرة، يجب على الحكومات أن تتوقف عن استخدام الإرهاب كذريعة لانتهاك الحريات، حماية الأمن القومي أمر مهم، لكن الحفاظ على حقوق الإنسان هو الركيزة التي يقوم عليها أي مجتمع حر.
بدون احترام الحريات الأساسية، فإن ما نعتقد أنه "أمن" يمكن أن يتحول إلى قمع، والنتيجة ستكون مزيدًا من الاضطرابات والمظالم التي قد تؤدي في النهاية إلى خلق بيئة خصبة لتنامي الإرهاب ذاته الذي نريد محاربته.
تحديات حقوق الإنسان
في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، شهدت الولايات المتحدة والعالم بأسره تحولاً عميقاً في التشريعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وهو ما كان له تأثيرات بعيدة المدى على الحقوق المدنية والأمن الفردي. الهجمات التي استهدفت مركز التجارة العالمي والبنتاغون، وأودت بحياة حوالي ثلاثة آلاف شخص، شكلت نقطة تحول رئيسية في الاستجابة الدولية للأمن. رد الفعل التشريعي على هذه الأحداث لم يقتصر فقط على الولايات المتحدة، بل انتشر ليؤثر على السياسات العالمية، مما أضاف طبقات جديدة من التعقيد إلى العلاقة بين الأمن وحقوق الإنسان.
وفي الولايات المتحدة، كان "قانون باتريوت" (Patriot Act) هو التشريع الرائد الذي تم تبنيه بسرعة بعد الهجمات. هذا القانون، الذي أقره الكونغرس في أكتوبر 2001، منح السلطات الأمنية صلاحيات موسعة تتعلق بمراقبة الأفراد وجمع المعلومات.
ومن أبرز التعديلات التي قدمها القانون كانت السماح بتنصت السلطات على المكالمات الهاتفية والبريد الإلكتروني دون الحاجة إلى أوامر قضائية مسبقة، كما أتاح القانون تجميع البيانات الشخصية بشكل أوسع، مما زاد من قدرة الحكومة على تتبع الأنشطة المشبوهة، كما تم توسيع صلاحيات مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) ووكالات الأمن الأخرى، مما أثار قلقاً كبيراً بين المدافعين عن حقوق الإنسان.
وتسببت هذه الصلاحيات الموسعة في مجموعة من المشكلات القانونية والأخلاقية. الانتقادات الموجهة إلى "قانون باتريوت" تمحورت حول تهديده للخصوصية الفردية وحقوق المحاكمة العادلة.
واعتبرت منظمات حقوق الإنسان أن هذا القانون يخرق الحقوق الأساسية للأفراد، بما في ذلك الحق في الخصوصية وحرية التعبير، الإجراءات الأمنية المفرطة أدت إلى حالات تمييز ضد أفراد من أصول وديانات معينة، ما عزز مشاعر الاضطهاد وأدى إلى مزيد من الاستهداف داخل المجتمعات المستهدفة.
خارج الولايات المتحدة، تأثرت العديد من الدول بالتوجهات الأمنية التي نشأت بعد 11 سبتمبر، ففي أوروبا، على سبيل المثال، تم تبني قوانين مشابهة لتلك التي تبنتها الولايات المتحدة، مثل "قانون مكافحة الإرهاب" في المملكة المتحدة، الذي سمح بزيادة صلاحيات الشرطة في المراقبة والاحتجاز دون محاكمة.
كما عززت الدول الأوروبية التعاون مع الولايات المتحدة في تبادل المعلومات الأمنية، ما أدى إلى تشديد القيود على الحريات المدنية في العديد من البلدان.
أدى هذا التوسع في الصلاحيات الأمنية إلى زيادة انتشار مفهوم "المراقبة الشاملة"، حيث تم استخدام التكنولوجيا لمراقبة الأنشطة اليومية للأفراد.
وفي العديد من الدول، تم تنفيذ برامج واسعة لمراقبة الاتصالات وجمع البيانات، ما أثار مخاوف بشأن انتهاك الخصوصية، على سبيل المثال، أدت القوانين الخاصة بمراقبة الإنترنت في العديد من البلدان إلى تقليص حرية التعبير، حيث تم استخدام هذه القوانين لمراقبة المحتوى الرقمي وفرض الرقابة على المعلومات التي يتم تداولها عبر الإنترنت.
المشاكل التي نتجت عن هذه التشريعات تتجاوز المسائل القانونية إلى القضايا الأخلاقية والاجتماعية، بينما كانت هناك ضرورة حقيقية لمواجهة التهديدات الإرهابية، فإن الطريقة التي تم بها تطبيق هذه التشريعات أثارت تساؤلات حول مدى التوازن بين الأمن والحريات الفردية.
ففي الوقت الذي ساعدت فيه السياسات الأمنية على إحباط بعض الهجمات وإضعاف بعض الشبكات الإرهابية، فإنها أسهمت أيضًا في تقويض الحقوق المدنية وتعزيز مشاعر الاستهداف والتمييز.
تأثير قوانين مكافحة الإرهاب على الحقوق المدنية
وفي السياق، قال البرلماني السابق والحقوقي البحريني، الدكتور عبد الله الذوادي بن خليفة، إن تشكل قوانين مكافحة الإرهاب، مثل "قانون باتريوت" الذي أُقِر بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، نقطة تحوّل هامة في توازن الحقوق المدنية والأمن القومي، هذا التشريع أتاح توسيعًا كبيرًا في صلاحيات المراقبة الحكومية، ما أثر بشكل ملحوظ على الخصوصية الفردية وحرية التعبير، وهما حقان أساسيان يكفلهما القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتابع ابن خليفة، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، بموجب "قانون باتريوت"، تم منح السلطات الأمنية صلاحيات موسعة لمراقبة الأفراد وجمع بياناتهم الشخصية بدون الحاجة إلى الأوامر القضائية التقليدية، هذه الإجراءات أدت إلى إدخال مفهوم "المراقبة الشاملة"، حيث أصبحت الوكالات الحكومية قادرة على جمع معلومات حول المكالمات الهاتفية، والرسائل الإلكترونية، وسجلات السفر، ما شكل تهديدًا كبيرًا للخصوصية الفردية، حق الخصوصية الذي ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يعتبر أحد الأسس الأساسية لحماية الأفراد من التدخل التعسفي في حياتهم الشخصية.
وأضاف، أثر هذا التوسع في المراقبة لم يقتصر على الخصوصية فحسب، بل امتد إلى حرية التعبير، إذ إن الأفراد تحت نظام المراقبة الشاملة يشعرون بقلق متزايد من إمكانية تتبع وتحليل محادثاتهم وأفكارهم، ما يحد من قدرتهم على التعبير بحرية، هذا الوضع يثير تساؤلات حول مدى التوازن بين الحاجة إلى الأمن وحماية الحريات المدنية الأساسية، خاصة عندما يتعرض الأفراد لمستويات متزايدة من الرقابة.
وأردف البرلماني السابق، أن الإجراءات القانونية التي تعزز المراقبة الشاملة تؤثر أيضًا على حقوق دستورية أخرى، مثل الحق في محاكمة عادلة، والقدرة على احتجاز الأفراد لفترات طويلة دون توجيه تهم رسمية تضعف هذا الحق، الذي يعد من أسس العدالة في الأنظمة القانونية العالمية، هذا التقليل من الحقوق الفردية تحت غطاء مكافحة الإرهاب يثير قضايا حول توافق هذه الإجراءات مع مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يضمن حماية الحقوق والحريات الأساسية حتى في أوقات الأزمات.
وأتم، تبرز الحاجة الملحة إلى مراجعة مستمرة لهذه القوانين لضمان توازن فعّال بين تعزيز الأمن وحماية الحقوق الفردية. بينما تتطلب حماية الأمن العالمي إجراءات وقائية، يجب أن تظل هذه الإجراءات ملتزمة بالمبادئ الحقوقية التي تشكل أساس الديمقراطيات الحديثة.
الأبعاد القانونية لتوسيع المراقبة
وقال خبير القانون الدولي، الأكاديمي أحمد العبد، إنه وفي ظل التوسع المتسارع لاستخدام المراقبة الإلكترونية وغيرها بعد 11 سبتمبر في أمريكا والعالم أجمع، تبرز تحديات قانونية هامة تتعلق بحقوق الأفراد، وخاصة الحق في الخصوصية، وتشكل هذه التحديات نقطة التقاء بين المتطلبات الأمنية وحماية الحقوق المدنية الأساسية، وفقاً لمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، الحق في الخصوصية، كما ينص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته 12، يحظر التعرض لتعسف في التدخل في حياة الأفراد الخاصة أو أسرهم أو منازلهم أو مراسلاتهم.
وتابع “العبد”، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، يتعزز هذا الحق أيضاً في المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تضمن حماية الحياة الخاصة للأفراد، بما في ذلك البيانات الشخصية، ومع ذلك، فقد أدى توسع استخدام تقنيات المراقبة إلى توترات خطيرة بين الأهداف الأمنية وحماية الحقوق الشخصية، على سبيل المثال، ينص قانون "باتريوت" الأمريكي، الذي أُقِر بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، على صلاحيات موسعة للتجسس بدون الحاجة إلى إذن قضائي مسبق، هذا القانون، والذي يشبهه العديد من التشريعات في بلدان أخرى، قد زاد من نطاق المراقبة بشكل كبير، ما أثر بشكل مباشر على الخصوصية الفردية.
وأوضح أن التوسع في المراقبة يمكن أن يسبب تأثيرات سلبية على الحق في الخصوصية، عندما تكون البيانات الشخصية عرضة لمراقبة دائمة، فإن الأفراد يتعرضون لخطر استخدام معلوماتهم بطرق قد تضر بهم وهذا يتعارض مع مبادئ القانون الدولي التي تتطلب أن يكون أي تدخل في الخصوصية قانونيًا، وضروريًا، ومتناسبًا مع الهدف المشروع المحدد.
واسترسل خبير القانون الدولي، أن المراقبة الواسعة يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات غير مقصودة على حرية التعبير، الأفراد قد يشعرون بالقلق من التعبير عن آرائهم بحرية بسبب الخوف من المراقبة، وهو ما يتناقض مع ما ينص عليه العهد الدولي في مادته 19 من حماية حرية التعبير.
وأتم، يتطلب الأمر تحقيق توازن دقيق بين تعزيز الأمن وحماية الحقوق الفردية، يجب أن يتم التدخل في الخصوصية وفقًا لمبادئ الشرعية والتناسب والضرورة، لضمان عدم التضحية بالحقوق الأساسية باسم الأمن.