"بدعم متواصل".. مصر والإمارات والأردن أبطال المساعدات الصحية والإنسانية في غزة
"بدعم متواصل".. مصر والإمارات والأردن أبطال المساعدات الصحية والإنسانية في غزة
غزة في زمن الحرب.. جهود عربية ودعم إنساني متواصل رغم المعوقات
برلماني سابق: التضامن العربي مع غزة يجب أن يتجاوز المساعدات الإنسانية
أكاديمي: عوامل عدة تعيق جهود الدول العربية في تقديم دعم مستدام لفلسطين
منذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر في قطاع غزة، تفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل كبير، حيث ازدادت الهجمات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين، مما ألقى بظلاله القاتمة على الوضع الصحي المتردي أصلاً.
ووصل القطاع الصحي، الذي كان يعاني من هشاشة بالغة نتيجة الحصار المستمر، إلى حافة الانهيار مع تصاعد العنف، وباتت المستشفيات، التي كانت تعمل بالفعل فوق طاقتها، مكتظة بالجرحى والمرضى، في ظل نفاد شبه كامل للإمدادات الطبية الضرورية.
في هذا السياق الكارثي، برزت الجهود العربية كطوق نجاة للفلسطينيين، حيث لعبت دورًا حيويًا في تقديم الإغاثة الصحية. تمثلت هذه الجهود في إجلاء الجرحى والمرضى إلى خارج غزة لتلقي العلاج، وتقديم شحنات عاجلة من الأدوية والمعدات الطبية الضرورية لتعويض النقص الحاد في المستشفيات.
وجاءت هذه المساعدات كاستجابة فورية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، خاصة في ظل التدهور المستمر للوضع الإنساني.
بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، تجاوز عدد الجرحى في غزة 94 ألف شخص منذ بداية الصراع، مما يعكس حجم الأزمة الصحية في القطاع، وأمام هذه الأعداد الهائلة، بات من المستحيل على المستشفيات المحلية توفير الرعاية الطبية اللازمة في ظل النقص الحاد في الأدوية والمعدات الطبية الأساسية.
إضافة إلى ذلك، فإن انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، الذي يؤثر بشكل مباشر على وحدات العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي، جعل الأوضاع أكثر خطورة، مهددًا حياة المئات من المرضى بشكل مباشر.
في مواجهة هذه الأزمة المتفاقمة، تبذل الجهود الإقليمية والدولية قصارى جهدها لتقديم الدعم الطبي العاجل، لكن التحديات الكبيرة مثل الحصار المستمر وصعوبة وصول المساعدات تجعل مهمة الإغاثة أكثر تعقيدًا.
تظل غزة بحاجة ماسة إلى دعم دولي واسع النطاق لإنقاذ القطاع الصحي من الانهيار التام، ولتوفير البيئة الملائمة لتقديم الرعاية الصحية اللازمة لآلاف الجرحى والمصابين الذين تتزايد أعدادهم يومًا بعد يوم.
مصر بوابة الأمل للجرحى
تعد مصر أكبر دولة عربية استجابت لاحتياجات الجرحى الفلسطينيين بعد السابع من أكتوبر، من خلال معبر رفح، الشريان الوحيد الذي يربط غزة بالعالم الخارجي، حيث لعبت مصر دورًا حيويًا في استقبال الجرحى وتقديم الرعاية الصحية لهم.
وفقًا لوزير الصحة المصري، خالد عبدالغفار، استقبلت مصر حتى الآن ما يزيد على 5500 جريح فلسطيني في مستشفياتها، كما تم تجهيز مستشفيات العريش والإسماعيلية والقاهرة لاستيعاب التدفق المستمر للجرحى، حيث تقدم هذه المستشفيات الرعاية المجانية للحالات الطارئة.
على صعيد آخر، قامت مصر بإنشاء أول مستشفى ميداني في مدينة الشيخ زويد، على بعد 15 كيلومترًا من معبر رفح، لتقديم الرعاية الصحية الفورية للجرحى قبل نقلهم إلى المستشفيات المتخصصة.
المستشفى الميداني، الذي يمتد على مساحة 1300 متر مربع، يمثل إحدى الخطوات الرئيسية في إدارة الأزمة الصحية، ويعكس التزام مصر بتقديم الدعم الطبي المستمر للشعب الفلسطيني
إلى جانب ذلك، أرسلت مصر العديد من القوافل الطبية والإغاثية إلى غزة، ووفقًا للتقارير، تجاوزت كميات المساعدات الطبية المصرية المرسلة إلى القطاع 100 طن من الأدوية والمستلزمات الطبية الحيوية، هذه الإمدادات كانت حاسمة في إنقاذ حياة الكثيرين الذين لم يتمكنوا من مغادرة القطاع للعلاج.
الإمارات رائدة في الإجلاء الطبي
وجاءت الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي أطلقت مبادرات إنسانية لدعم الجرحى الفلسطينيين بعد التصعيد العسكري.
وفي خطوة تعكس التزامها الإنساني العميق، أجلت الإمارات في سبتمبر 2024 نحو 100 مريض فلسطيني من قطاع غزة للعلاج في مستشفياتها. وتعتبر هذه العملية "أكبر عملية إجلاء طبي" من غزة منذ اندلاع الصراع، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
شملت هذه المبادرة عشرات الأطفال المصابين والذين يحتاجون إلى علاج مكثف، بالإضافة إلى مرضى السرطان الذين يعانون من نقص حاد في الأدوية والعلاج داخل غزة.
إلى جانب عمليات الإجلاء، قامت الإمارات بإرسال مساعدات طبية عاجلة إلى غزة، تضمنت أجهزة التنفس الصناعي والمستلزمات الجراحية الضرورية لعلاج الحالات الحرجة، الهلال الأحمر الإماراتي كان في طليعة هذه الجهود، حيث أنشأ مستشفيات ميدانية على أطراف غزة لتقديم الرعاية الفورية للجرحى قبل نقلهم إلى الخارج للعلاج.
هذه المبادرات تعكس التزام الإمارات بتقديم الرعاية الصحية المتقدمة للجرحى الفلسطينيين، في وقت يعاني فيه القطاع الصحي من انهيار شبه كامل.
الإمارات، التي أجلت حتى الآن أكثر من 1917 مريضًا ومرافقًا منذ بداية الصراع، أظهرت من خلال هذه الجهود أنها مستعدة للعب دور ريادي في دعم الفلسطينيين في أصعب لحظاتهم.
دعم طبي أردني مستمر
الأردن بحكم قربه الجغرافي وعلاقاته التاريخية مع الفلسطينيين، كان له دور بارز في تقديم الدعم الطبي للجرحى الفلسطينيين.
مع تصاعد الأزمة في أكتوبر، بادرت الحكومة الأردنية بإرسال مساعدات طبية عاجلة إلى قطاع غزة، شملت أدوية ومستلزمات طبية أساسية، كما استقبلت المستشفيات الأردنية مئات الجرحى الفلسطينيين لتلقي العلاج.
وفقًا لإحصائيات وزارة الصحة الأردنية، تم نقل ما لا يقل عن 300 جريح فلسطيني إلى المستشفيات الأردنية منذ بداية التصعيد، حيث تلقوا الرعاية في مستشفيات عمان والزرقاء التي تم تجهيزها لاستيعاب الحالات الطارئة، ولا تزال "الخدمات الطبية الملكية" الأردنية تلعب دورًا حيويًا في دعم القطاع الصحي الفلسطيني، من خلال إرسال فرق طبية إلى غزة لإجراء العمليات الجراحية وتقديم الرعاية الصحية.
ويستمر المستشفى الميداني الأردني في غزة، الذي يعمل منذ أكثر من عقد، في تقديم خدماته الطبية يوميًا، ويجري عشرات العمليات الجراحية، مما يجعله واحدًا من أهم المراكز الطبية التي تعتمد عليها غزة في ظل الأوضاع الصعبة، هذا المستشفى يمثل ركيزة أساسية في دعم القطاع الصحي الفلسطيني الذي يعاني من تدهور شديد.
قطر.. مبادرات طبية وإغاثية متواصلة
ولعبت قطر هي الأخرى دورًا محوريًا في دعم القطاع الصحي الفلسطيني خلال وبعد أحداث السابع من أكتوبر، في ظل الأوضاع الصحية المتردية، قدمت قطر مساعدات مالية وطبية كبيرة لدعم المستشفيات الفلسطينية التي تكافح من أجل توفير الرعاية للجرحى.
وأرسل الهلال الأحمر القطري، بالتعاون مع مؤسسات إنسانية أخرى، شحنات طبية شملت الأدوية والمستلزمات الجراحية وأجهزة التنفس الصناعي.
وساهمت قطر في تمويل وبناء مستشفيات ميدانية في غزة، مستشفى "حمد بن خليفة"، الذي تم إنشاؤه بدعم قطري، كان له دور كبير في تقديم الرعاية الصحية لعشرات الآلاف من الجرحى الفلسطينيين منذ إنشائه، كما قامت قطر بإجلاء عدد من الجرحى لتلقي العلاج في مستشفياتها المتخصصة في الدوحة
هذه الجهود تأتي ضمن استراتيجية قطر لتقديم الدعم المستدام للقطاع الصحي في غزة، حيث تتجاوز المساعدات القطرية الدعم الطارئ لتشمل تعزيز البنية التحتية الصحية في القطاع.
تحديات مستمرة
على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول العربية، فإن التحديات التي تواجه القطاع الصحي في غزة لا تزال هائلة. فمع تزايد أعداد الجرحى إلى أكثر من 70,000، ووجود أكثر من 10,000 شخص ينتظرون الإجلاء الطبي، يظل الضغط على المستشفيات داخل غزة غير قابل للتحمل.
التقارير الحقوقية تشير إلى أن 70% من الأدوية الأساسية أصبحت غير متوفرة، وأن نقص المعدات الطبية يجعل من الصعب على المستشفيات إجراء العمليات الجراحية اللازمة.
ويعاني القطاع الصحي من انقطاع الكهرباء المستمر، مما يهدد حياة المرضى في وحدات العناية المركزة، ويعيق تشغيل المعدات الطبية الحساسة، ومع استمرار الحصار المفروض على القطاع، تظل الجهود العربية والدولية غير كافية لتلبية جميع الاحتياجات.
وتؤكد الجهود المستمرة من مصر، والإمارات، والأردن، وقطر التزام الدول العربية بتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الصحية بعد السابع من أكتوبر. ومع استمرار التصعيد وتفاقم الأزمة الإنسانية، يبقى الأمل معقودًا على تضافر الجهود الدولية والعربية لتقديم المزيد من الدعم للفلسطينيين، سواء عبر تسهيل عمليات الإجلاء الطبي أو تعزيز البنية التحتية الصحية داخل غزة.
تضامن عربي
تاريخ المساندات العربية للفلسطينيين في المجال الطبي، قصة معقدة تعكس التحديات التي واجهها الشعب الفلسطيني عبر العقود.
منذ بداية القرن العشرين، شهدت فلسطين تحولات سياسية واجتماعية كبيرة، مما أثر على البنية التحتية الصحية والخدمات الطبية في البلاد. في ظل الاحتلال والنزاعات المستمرة، أصبحت الحاجة إلى الدعم الطبي تعكس معاناة الشعب الفلسطيني ورغبتهم في البقاء.
في البداية، كانت هناك جهود محلية لتطوير النظام الصحي في فلسطين، حيث تم تأسيس أول مستشفى في القدس عام 1845 ومع ذلك، فإن الظروف السياسية والاقتصادية أدت إلى تدهور الخدمات الصحية.
بعد النكبة عام 1948، أصبح الوضع الصحي أكثر تعقيدًا، حيث تم تشريد الآلاف من الفلسطينيين، مما زاد من الحاجة إلى الدعم الطبي.
على مر السنين، قدمت العديد من الدول العربية الدعم الطبي لفلسطين. في الستينيات، تزايدت المساعدات الطبية من الدول العربية، خاصة بعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، من خلال هذه المنظمة، تم تشكيل لجان طبية مختصة لتحسين الخدمات الصحية في المخيمات الفلسطينية.
كانت هناك مبادرات من الدول مثل مصر والأردن وسوريا، التي أرسلت فرقًا طبية ومساعدات طبية إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
في السبعينيات والثمانينيات، ازدادت المساعدات الطبية العربية، وخاصة بعد اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987. العديد من المنظمات غير الحكومية العربية، مثل الهلال الأحمر العربي، قامت بتقديم الدعم الطبي المستمر، بما في ذلك المستشفيات الميدانية والعيادات المتنقلة.
وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، تم تسجيل أكثر من 30 ألف حالة علاج في هذه المرافق خلال الانتفاضة
ومع بداية الانتفاضة الثانية في عام 2000، اتجه الدعم العربي إلى تكثيف المساعدات الطبية، تم إنشاء مراكز طبية جديدة وتزويدها بالمعدات والأدوية، في عام 2002، كانت هناك جهود مشتركة بين الدول العربية لتقديم الدعم العاجل، حيث تم إرسال قوافل طبية مكونة من أطباء ومساعدات طبية إلى المناطق المتضررة.
خلال السنوات الأخيرة، استمر الدعم العربي، خاصة من دول مثل قطر والإمارات، حيث تم تقديم مساعدات طبية إلى غزة في أوقات الحصار.
وفي عام 2014، أظهرت التقارير أن حوالي 50% من المساعدات الطبية التي تم إرسالها إلى غزة جاءت من الدول العربية، مما ساعد في تلبية احتياجات آلاف الجرحى والمصابين.
هذا التعاون لم يكن مجرد استجابة للأزمات، بل كان تعبيرًا عن التضامن العربي والدعم المستمر لقضية فلسطين، ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، حيث يتطلب تعزيز النظام الصحي في فلسطين جهودًا متواصلة وتنسيقًا أكبر بين الدول العربية والمجتمع الدولي لضمان تقديم الرعاية الصحية اللازمة للشعب الفلسطيني.
دعم حقوق الإنسان في غزة
وقال البرلماني السابق وخبير حقوق الإنسان، البحريني علي زايد، إن الوضع في قطاع غزة يتطلب منا كعرب أن نكون أكثر من مجرد متفرجين، فالأحداث المتكررة هناك، خاصة تلك التي تؤدي إلى جراح إنسانية عميقة، تضعنا أمام مسؤولية أخلاقية وحقوقية كبيرة، أرى أن دور العرب في دعم غزة يجب أن يتجاوز المساعدات الإنسانية المؤقتة إلى تحقيق استدامة في الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الأساسية.
وأضاف زايد، في تصريحات لـ"جسور بوست"، تتجلى مبادئ حقوق الإنسان، التي تنص على الحق في الحياة، والحق في الصحة، والحق في التعليم، بشكل واضح في سياق ما يعانيه الفلسطينيون في غزة، وفقًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يجب على كل إنسان أن يتمتع بحقوق أساسية تضمن له العيش بكرامة، لكن الواقع في غزة، حيث يواجه المدنيون أوضاعًا قاسية من الحصار والاعتداءات المتكررة، يتعارض تمامًا مع هذه المبادئ.
واسترسل البرلماني السابق، في ظل الظروف الراهنة، نجد أن المساعدات العربية، رغم أهميتها، ليست كافية لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، على الرغم من أن الدول العربية قدمت مساعدات طبية وغذائية، فإن هذه المساعدات غالبًا ما تكون ردود فعل على الأزمات المتفجرة، وليست استجابة طويلة الأمد، يجب أن نسعى إلى بناء شراكات استراتيجية مع المؤسسات الطبية في غزة، لدعم تطوير البنية التحتية الصحية وتعزيز قدرات الكوادر الطبية المحلية.
وشدد على ضرورة تذكر أن الأطفال في غزة هم الجيل الذي يحمل آمال المستقبل، وفقًا لتقارير منظمة اليونيسف، فإن نسبة كبيرة من الأطفال في غزة تعاني من مشاكل نفسية نتيجة للصدمات المتكررة، إن دعم الصحة النفسية للأطفال هو جزء أساسي من أي جهود إنسانية، يجب على الدول العربية أن تدعم برامج نفسية واجتماعية موجهة للأطفال والمراهقين، لضمان عدم فقدانهم الأمل في الحياة.
وأوضح أنه يتعين علينا كعرب أن نكون صوتًا مدافعًا عن حقوق الفلسطينيين في المحافل الدولية، فالتحديات التي تواجهها غزة ليست مجرد قضية محلية، بل هي قضية إنسانية تتطلب تحركًا جماعيًا، يجب أن نضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات ملموسة لحماية حقوق الفلسطينيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل غير مشروط.
وأتم، دعم جراح فلسطين الطبية هو واجب إنساني وأخلاقي، يتطلب منا أن نقف مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه الأساسية، علينا أن نعمل بجد لنقل هذه القضية إلى الأضواء، لضمان ألّا تُنسى معاناة غزة في زخم الأحداث العالمية، إن التضامن العربي يجب أن يُترجم إلى أفعال ملموسة، تساهم في بناء مستقبل أفضل لفلسطين، حيث يتمتع الجميع بحقوقهم الأساسية.
تحديات تواجه الدول العربية في دعم فلسطين
وقال رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، الأكاديمي رشاد عبده، إنه وفي مشهد سياسي واجتماعي مضطرب، تبرز التحديات التي تواجه الدول العربية في دعمها للشعب الفلسطيني، خاصة في الجوانب الاقتصادية والعسكرية، يشكل هذا التحدي أزمة معقدة تتداخل فيها العوامل السياسية، الاقتصادية، والإقليمية، مما يعوق فاعلية الدعم العربي في مواجهة الصعوبات التي يعانيها الفلسطينيون، وفي إطار الدعم الاقتصادي، تواجه الدول العربية مثل مصر، والإمارات، والأردن، وقطر مجموعة من العقبات.
وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، فمصر، على سبيل المثال، تعاني من أزمة اقتصادية خانقة تفاقمت بسبب ارتفاع الأسعار والديون الخارجية، وفقاً لتقرير البنك الدولي في عام 2023، بلغ معدل التضخم في مصر حوالي 25%، ما أثر بشكل كبير على قدرتها على تقديم الدعم الاقتصادي الفعّال لفلسطين، رغم ذلك، قدمت مصر مساعدات إنسانية وتسهيلات تجارية محدودة، لكن الوضع الاقتصادي الحالي يحد من قدرتها على تقديم دعم كبير ومستدام.
واسترسل الخبير الاقتصادي، أما الإمارات، فقد تركزت جهودها في تقديم الدعم المالي والمساعدات الإنسانية، إلا أن الانخراط في نزاعات إقليمية ومشاريع تنموية مكلفة قد يؤثر على أولوياتها المالية، على سبيل المثال، بلغ إجمالي الدعم الإماراتي للقدس وفلسطين في عام 2023 نحو 400 مليون دولار، وهو مبلغ ملحوظ، لكن يقابله تزايد في الالتزامات المالية تجاه مشاريع محلية ودولية أخرى. الإمارات أيضاً تواجه تحديات سياسية قد تؤثر على مسارات الدعم، خصوصاً في سياق علاقتها بالدول الكبرى وتحالفاتها الإقليمية.
وعن الأردن، قال إنه يعد من أكبر المستضيفين للاجئين الفلسطينيين، ويواجه تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة. تشير البيانات إلى أن حوالي 20% من السكان في الأردن هم من اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما يضيف ضغوطاً هائلة على الموارد الوطنية، الدعم المالي الأردني لفلسطين في السنوات الأخيرة كان متذبذباً، وذلك بسبب الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها، حيث بلغ عجز الميزانية في عام 2023 حوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأتم، تظهر الأرقام والبيانات أن هذه الدول تواجه تحديات متعددة في تقديم الدعم الاقتصادي والعسكري لفلسطين، التحديات الاقتصادية المحلية، والأزمات السياسية، والالتزامات المالية الأخرى تساهم جميعها في تعقيد عملية تقديم الدعم، تتداخل هذه العوامل بشكل يعكس مدى صعوبة الوضع الذي يواجهه الفلسطينيون، ويبرز الحاجة إلى استراتيجيات جديدة وتعاون أعمق بين الدول العربية لتحسين فاعلية دعمها ومساندتها للشعب الفلسطيني في ظل هذه الظروف الصعبة.