"تيويزي".. تضامن شعبي لمواجهة تداعيات الفيضانات في المغرب

"تيويزي".. تضامن شعبي لمواجهة تداعيات الفيضانات في المغرب

في أعقاب السيول المدمرة التي اجتاحت العديد من القرى والمناطق في المغرب، انطلقت موجة من التضامن والتعاون بين الأهالي لإصلاح الأضرار التي خلفتها الأمطار الرعدية، في خطوة تعبّر عن الروح الجماعية المتجذرة في ثقافة المجتمع المغربي. 

في ظل الصعوبات التي سببتها تلك الفيضانات، بدأ السكان في تنظيم ورش عمل تطوعية لإصلاح الطرق والأراضي المتضررة، وذلك بمشاركة من المجالس المحلية التي وفرت المعدات والجرافات اللازمة، وفق صحيفة "هيسبريس" المغربية.

هذا التعاون المجتمعي يُعرف في المغرب باسم "تيويزي"، وهو مفهوم أمازيغي يشير إلى المساعدة المتبادلة والعمل الجماعي بين أفراد المجتمع لمواجهة الأزمات أو تحقيق مصالح مشتركة. 

تقليد اجتماعي

يُنظر إلى "تيويزي" على أنه تقليد اجتماعي عريق، يربط بين السكان في إطار تعاقدي أخلاقي يعزز قيم التآزر والتعاون، ويسمح للمجتمعات المحلية بمواجهة التحديات بقدرات ذاتية.

وشهدت المناطق المتضررة تضافر الجهود بين السكان المحليين والمجالس البلدية، حيث تجمع الأهالي لإصلاح الطرق المدمرة وإعادة الحياة إلى أراضيهم الزراعية. 

وبدون انتظار المساعدات الخارجية، انطلق الجميع للعمل بروح جماعية في إطار هذا التقليد العريق، حيث تحولت تلك المناطق إلى ورش عمل مفتوحة يشارك فيها الرجال والنساء والشباب.

"تيويزي".. رمز للتعاون

لا تقتصر ممارسة "تيويزي" على مواجهة الكوارث الطبيعية فحسب، بل تمتد إلى مجالات أخرى من الحياة اليومية في المغرب. 

ففي مواسم الحصاد أو الأعياد الدينية والثقافية، يلتقي السكان للعمل الجماعي في مشروعات تخدم المجتمع، مثل شق الطرقات أو إصلاح قنوات الري، لكن هذه الممارسة تبرز بشكل خاص في الأوقات الصعبة، كما حدث خلال الكوارث الأخيرة مثل زلزال الحوز، الذي دفع العديد من المجتمعات إلى تنظيم أنفسها بشكل مشابه للتعامل مع التداعيات.

يُظهر هذا التقليد أهمية التعاون الاجتماعي في الحفاظ على تماسك المجتمعات المحلية، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من قلة الإمكانيات. 

في كل مرة تجتاح فيها كارثة طبيعية منطقة ما، تتجدد هذه الروح الجماعية التي تعكس قيم التضامن والتآزر، حيث يقوم السكان بترميم ما دمرته الأزمات بأيديهم، في دليل حي على قوة المجتمع المحلي في مواجهة التحديات.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية