«أمل في خضم الدمار».. فلسطينية تساعد الأطفال على تجاوز صعوبات النطق
«أمل في خضم الدمار».. فلسطينية تساعد الأطفال على تجاوز صعوبات النطق
وسط خيمة بسيطة في بلدة الزوايدة بمحافظة دير البلح في قطاع غزة، تجد مجموعة من الأطفال بصيص أمل رغم الظروف القاسية التي يعيشونها.. هؤلاء الأطفال، الذين نزحت عائلاتهم مراراً بسبب الحرب، يعانون مشكلات في النطق نتيجة للصدمات النفسية التي تعرضوا لها، ومع ذلك، تقف أخصائية علاج النطق آمنة الدحدوح، كمشعل نور يضيء لهم الطريق، مقدمة لهم الدعم الذي يحتاجون إليه للتغلب على هذه المشاكل.
ترتفع معدلات صعوبات النطق بين الأطفال في غزة بشكل مقلق، نتيجة ما مروا به من تجارب مروعة خلال الحرب… السيدة الدحدوح أوضحت -وفقاً لموقع أخبار الأمم المتحدة- أن نحو ستة من كل عشرة أطفال في المخيم يعانون من مشكلات في النطق، وأبرزها التأتأة.. تقول: "التأتأة أصبحت المشكلة الأبرز، حيث أعمل الآن مع أكثر من 50 طفلاً في المخيم، وهناك العديد من الأطفال من مخيمات أخرى يرغبون في الحصول على العلاج أيضاً، أقدم جلسات العلاج لثلاثة أيام أسبوعياً، وسأضيف ثلاثة أيام أخرى للمخيمات الأخرى قريباً".
تأثير الحرب يتجاوز الأطفال
بينما تُركز جهود السيدة الدحدوح على الأطفال، تشير إلى أن مشكلات النطق قد طالت أيضاً فئات عمرية أكبر، ومع استمرار الحرب، يواجه الآباء تحديات كبيرة، مثل تأمين الغذاء والماء، ما يجعل علاج مشكلات النطق أولوية أقل.
تضيف: "لن يظهر حجم التأثير الحقيقي للحرب على النطق حتى تنتهي، لكني أرى شباباً أيضاً يعانون من التأتأة".
قصص التحسن والشفاء
من بين الأطفال الذين تلقوا العلاج لدى السيدة الدحدوح، كانت فاطمة، ابنة أمل عوض، واحدة من الحالات التي شهدت تحسناً ملحوظاً. تتذكر والدتها كيف توقفت فاطمة عن الكلام تماماً في بداية الحرب بسبب الخوف الشديد.
تقول أمل: "عندما حاولت التحدث معها، لاحظت أنها بدأت تنطق الحروف بشكل خاطئ، لكن بعد تلقيها العلاج، تحسنت حالتها بشكل كبير، حتى الناس من حولنا لاحظوا التغيير".
دعوات لإنهاء المعاناة
تحذر الأمم المتحدة من التأثيرات الطويلة الأمد للحرب على الأطفال، خصوصاً في ما يتعلق بصحتهم النفسية والجسدية، ومع استمرار الأعمال العدائية، يبقى مئات الآلاف من الأطفال في غزة، مثل فاطمة، محرومين من التعليم، إذ لا يملك أكثر من 600 ألف طفل أي وسيلة للالتحاق بالمدارس، ومع اقتراب عام دراسي جديد، يبدو أن فرصة حصولهم على التعليم الرسمي تتلاشى.
في خضم هذه المعاناة، يشكل عمل أخصائية علاج النطق آمنة الدحدوح بصيص أمل في عالم مليء بالظلام، يساعد الأطفال على استعادة أصواتهم، ولكن يظل الحل الحقيقي لتلك الأزمة الإنسانية في إنهاء الصراع والسماح لهم بالنمو في بيئة آمنة ومستقرة، حيث يمكنهم التعلم واللعب والعيش بسلام.
وتشن إسرائيل هجوما جويا وبريا على غزة منذ أكتوبر الماضي، وتعهدت بتدمير حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) بعد أن شن مسلحون من الحركة في السابع من أكتوبر 2023 هجوما أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص، أغلبهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
فيما أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، إلى مقتل أكثر من 41 ألف شخص في القطاع، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 95 ألف جريح، وأغلب الضحايا نساء وأطفال، وانتشار العديد من الأمراض والأوبئة وفقا للسلطات الصحية في غزة وتُجرى حاليا مفاوضات لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين في ظل أزمة إنسانية حادة يعيشها سكان القطاع جراء الحرب.
وتتجاهل تل أبيب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإنهاء الحرب فوراً وأمر محكمة العدل الدولية باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة رغم خسائرها الكبيرة في الحرب مادياً وبشرياً.