أسعار صرف غير عادلة.. «الإيكونوميست»: النظام النقدي بميانمار يستنزف حقوق المصدرين لصالح الجيش
أسعار صرف غير عادلة.. «الإيكونوميست»: النظام النقدي بميانمار يستنزف حقوق المصدرين لصالح الجيش
أفادت مجلة "الإيكونوميست" بأن الجيش في ميانمار، المعروف بـ"التاتماداو"، يعتمد على نظام نقدي يستنزف حقوق المصدرين البورميين من خلال فرض أسعار صرف غير عادلة.
وقالت المجلة في تقرير لها، اليوم الثلاثاء، إن هذا النظام يستولي على جزء من أرباح المصدرين، مستخدماً هذه الأموال لتمويل العمليات العسكرية، بينما يعاني نصف سكان البلاد من الفقر نتيجة التضخم المستمر وارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة 426% منذ الانقلاب العسكري في عام 2021.
تحديات السوق
يواجه السوق في ميانمار مراقبة دقيقة، مما يجعل الحفاظ على أي ميزة تنافسية أمراً شبه مستحيل. على الرغم من ذلك، تمكن متداول مبتدئ في ميانمار، رغم قلة خبرته، من تحقيق عوائد بنسبة 22% من تداول العملة المحلية، الكيات، لكن هذه النتائج ليست مثيرة للإعجاب، إذ لم يكن المتداول يتنافس في بيئة عادلة مع جهات أخرى.
خلال الاثني عشر شهرًا المنتهية في يونيو، حقق "التاتماداو" مبلغ 6.4 تريليون كيات (1.8 مليار دولار) من سوق الصرف الأجنبي، وفقًا لتحليل حديث من الخبير جاريد بيسينجر.
هذه العائدات التي تفوق ميزانية الجيش لم تأتِ نتيجة كفاءة مالية، بل كانت سرقة مباشرة من المصدرين البورميين عبر نظام أسعار صرف غير عادل.
يحقق المصدرون البورميون أرباحهم بالعملة الأجنبية، ويُجبرون على تحويل هذه الأرباح إلى الكيات، على الرغم من تفضيلهم التحويل بالسعر السائد في السوق (نحو 4400 كيات لكل دولار)، إلا أنهم مُلزمون منذ عام 2022 بتحويل 25% من عائداتهم بالسعر الرسمي البالغ 2100 كيات لكل دولار، والذي يُعتبر بعيدًا عن الواقع، بينما يتم تحويل باقي الأرباح بسعر أقل، يعرف بـ"سعر المنصة الإلكترونية" (3500 كيات للدولار)، وهو أيضاً غير واقعي.
تمويل العمليات العسكرية
يدير البنك المركزي، الخاضع للمجلس العسكري، هذا النظام عبر منصة مالية في لندن، ويتم استخدام ثلث أرباح المصدرين لدعم استيراد بعض الفئات المفضلة لدى النظام، مثل مستوردي الأسمدة والوقود، بينما يُستغل الجزء الأكبر في تمويل العمليات العسكرية المتعثرة.
تتطلب العمليات العسكرية في ميانمار عملات أجنبية لشراء الأسلحة والمعدات، حيث تعاني البلاد من عدم القدرة على إنتاج معظم هذه المعدات محليًا.
تساعد الشركات الخاصة الجيش على استيراد الأسلحة من خلال شبكة تجارية تمتد من تايلاند إلى روسيا، وعلى الرغم من أن هذه التجارة قد انخفضت مؤخرًا، فإنها لا تزال تُسجل 250 مليون دولار في السنة المالية الأخيرة، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
تحديات اقتصادية
تعتبر هذه الأساليب الاقتصادية امتداداً للعنف الذي يمارسه "التاتماداو" في ساحة المعركة، حيث تشير إلى حالة اليأس التي يعيشها الجيش.
ومن المتوقع أن يتضاعف العجز في ميزانية الدولة ثلاث مرات خلال ثلاث سنوات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأدت العقوبات الأمريكية إلى تجميد أكثر من مليار دولار من احتياطيات ميانمار من العملات الأجنبية، في حين يُقدّر أن 4.5 مليار دولار أخرى محجوزة في بنوك سنغافورة.
أزمات متواصلة
مع هروب العديد من البورميين من البلاد، يزداد الضغط على العملة المحلية، مما دفع السلطات العسكرية إلى اعتقال عشرات المتداولين في العملات الأجنبية والذهب، متهمة إياهم بالمضاربة.
وعلى الرغم من هذه التدابير، لم يتمكن الكيات من التعافي، حيث انخفضت قيمته إلى 7500 كيات مقابل الدولار في أغسطس، أي أكثر من ثلاثة أضعاف السعر الرسمي.
ولجأ الجيش إلى طباعة النقود لتمويل الإنفاق الحكومي، ما يفاقم من الأزمة الاقتصادية المستمرة في البلاد.