معاناة مستمرة في ظل الصراع.. النزوح القسري «يسرق» مواسم الفلاحين في جنوب لبنان
معاناة مستمرة في ظل الصراع.. النزوح القسري «يسرق» مواسم الفلاحين في جنوب لبنان
يعاني المزارعون في جنوب لبنان من خسائر فادحة جراء التصعيد المستمر بين حزب الله وإسرائيل، إذ اضطر كثيرون منهم إلى النزوح وترك محاصيلهم الثمينة خلفهم.
أبو طالب، أحد هؤلاء المزارعين، ترك بساتينه في بلدة طيردبا، متجهاً إلى مدينة طرابلس، لكنه يعيش قلقاً مستمراً على محاصيله التي لطالما انتظر موسمها، وفق وكالة فرانس برس.
تزامنت الغارات الإسرائيلية مع بدء موسم القطاف، ما أجبر العديد من المزارعين على ترك أراضيهم، فيما عجز آخرون عن تسويق ما أنقذوه من المحاصيل، خاصةً مع ارتفاع كلفة الشحن بعد إغلاق المعابر الحدودية مع سوريا.
وأشار شادي قعدان، مدير شركة تصدير في صيدا، إلى أن التصدير نحو الخليج، المنفذ الأساسي للمنتجات الزراعية، انخفض بنسبة تجاوزت الخمسين بالمئة.
موسم محاصر بالنيران والنزوح
وفي ظل الظروف الراهنة، عاد بعض المزارعين لتفقد محاصيلهم على أمل إنقاذ ما تبقى.
ويقول هاني سعد، الذي فقد القدرة على الوصول إلى معظم بساتينه في منطقة النبطية، إنه يأمل في وقف إطلاق النار قريباً كي يتمكن من إنقاذ الموسم، ومع ذلك، يستمر النزوح الجماعي للعاملين في الزراعة، ما يترك هذه الأراضي عرضةً للإهمال وتزايد خسائرها.
محاصيل متساقطة ومياه مقطوعة
تسبب القصف أيضاً في إحداث أضرار بالبنية التحتية الأساسية، ما أثر سلباً على الزراعة، فقد تم تدمير خط المياه الرئيسي المغذي لري بساتين الأفوكادو في المنطقة، ما يجعل بقاء هذه الأشجار بدون ري كافٍ تهديداً لفقدان المحصول كاملاً.
الحياة في المناطق الحدودية
ومع هذا، قرر بعض المزارعين الصمود رغم المخاطر، وتمكن غابي حاج، أحد سكان بلدة رميش الحدودية، من قطف بعض محصول الزيتون مستغلاً هدوءاً مؤقتاً في القصف، ويعتمد سكان هذه المناطق النائية بشكل كبير على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، ما يجعل النزوح عنها تهديداً مباشراً لحياتهم ومعيشتهم.
أزمة زراعية غير مسبوقة
وفيما تعتبر منطقة البقاع سلة غذاء لبنان، يؤكد رئيس نقابة المزارعين إبراهيم ترشيشي أن القطاع الزراعي اللبناني يمر بأسوأ مراحله على الإطلاق، مضيفاً بحزن: "شهدت أربع حروب، لكنني لم أشهد مثل هذه الحرب".
منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل يومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية.
ويستهدف حزب الله بشكل رئيسي مواقع عسكرية إسرائيلية، في هجمات يشنّها من جنوب لبنان يقول إنها "دعم" لغزة و"إسناد" لمقاومتها، وترد إسرائيل باستهداف ما تصفه بأنه "بنى عسكرية" تابعة للحزب، إضافة إلى تحركات مقاتليه.
وتتفاقم الأوضاع الإنسانية في لبنان بسبب القصف المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، مع توغل إسرائيلي بري في الجنوب اللبناني.
ومنذ 23 سبتمبر، صعّدت إسرائيل من غاراتها الجوية على معاقل حزب الله في بيروت وجنوب لبنان وشرقه، تلتها عمليات توغل بري ووفقًا للأمم المتحدة، أدى هذا التصعيد إلى مقتل نحو 3 آلاف شخص وإجبار نحو مليوني شخص على ترك منازلهم.