«هيومن رايتس»: ارتفاع معدلات الإخفاء القسري والأحكام بالإعدام في سجون الحوثيين
«هيومن رايتس»: ارتفاع معدلات الإخفاء القسري والأحكام بالإعدام في سجون الحوثيين
أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ارتفاع معدلات الإخفاء القسري والأحكام بالإعدام في سجون الحوثيين باليمن.
وأشارت المنظمة في بيان لها الخميس إلى أن سلطات الحوثيين احتجزت تعسفاً وأخفوا قسراً عشرات من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني منذ مايو، مع تزايد أعداد المعتقلين، وفقًا لمصادر مطلعة.
وأوضحت أن قوات الحوثي أحالت قضايا 12 شخصًا على الأقل إلى "النيابة الجنائية المتخصصة" منذ منتصف أكتوبر، بمن فيهم موظفون سابقون في السفارة الأمريكية والأمم المتحدة، حيث واجه بعضهم تهماً قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، مع حرمانهم من الإجراءات القانونية الواجبة.
الإخفاء القسري
ونشرت سلطات الحوثيين في يونيو الماضي، مقاطع فيديو يظهر فيها 10 رجال يمنيين –بعضهم من ضمن 12 شخصاً قيد التحقيق– يعترفون بالتجسس لصالح الأمم المتحدة وإسرائيل، ما يثير مخاوف من احتمالية أن تكون هذه الاعترافات قد أُخذت تحت التعذيب.
اعترافات تحت التعذيب
ووثّقت هيومن رايتس ووتش سابقًا استخدام الحوثيين للتعذيب لانتزاع اعترافات، حيث توفي ثلاثة معتقلين بارزين في ظروف غامضة خلال العام الماضي، وقالت الباحثة في شؤون اليمن، نيكو جعفرنيا: "لطالما أبدى الحوثيون ازدراءهم للإجراءات القانونية الأساسية، وتدهور الوضع بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة"، وأضافت أن هذه الانتهاكات يجب أن تثير قلق المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات فورية لحماية المحتجزين.
وبحسب مسؤولين في الأمم المتحدة مطلعين على القضايا، يخضع هؤلاء الأشخاص للتحقيق من قبل "النيابة الجنائية المتخصصة"، وبينهم موظفون سابقون في السفارة الأمريكية وآخرون من الأمم المتحدة اعتُقلوا بين 2021 و2023، وقد عُزل العديد منهم عن العالم الخارجي لفترات طويلة، دون تمكينهم من التواصل مع عائلاتهم أو محاميهم، وأُخفي بعضهم قسراً، ووفقًا لمسؤولين، نُقلت قضاياهم من وحدة التحقيق إلى الادعاء منتصف أكتوبر، حيث خضع البعض لاستجوابات دون حضور محامٍ، ولم يُسمح لهم بالاتصال بمحامين حتى بعد توجيه الحوثيين العائلات بتعيين محامين لأقربائهم.
وحصلت هيومن رايتس ووتش على وثائق توضح أن عائلات بعض المحتجزين قدمت طلبات لزيارة أقربائها، ومع توجيهات صادرة من النيابة إلى "جهاز الأمن والمخابرات" الحوثي لتسهيل الزيارات، لم يُسمح للعائلات أو المحامين برؤية المحتجزين، وتشير التقارير إلى أن ثلاثة محتجزين توفوا في الحجز الحوثي منذ خريف 2023، بينهم محمد خماش وصبري الحكيمي، مسؤولا وزارة التربية، وهشام الحكيمي، الموظف في "أنقذوا الأطفال"، حيث أُبلغت عائلة خماش بوفاته في 22 أكتوبر دون توضيح سبب الوفاة.
قضايا واهية
ولفتت هيومن رايتس ووتش إلى أن الحوثيين “يعتقلون بانتظام من ينتقد سياساتهم”، حيث تتنوع التهم بين قضايا واهية وأخرى تتعلق بالسلوك الشخصي، وفي يناير 2024، اعتقلوا قاضياً لأسباب تتعلق بشرب الكحول وأفرجوا عنه لاحقاً بعد ستة أشهر من الاعتقال دون محاكمة، كما حُكم على عارضة الأزياء اليمنية انتصار الحمادي وثلاث نساء أخريات بالسجن بتهم "ارتكاب فعل مخل بالآداب".
وأشار التقرير إلى تزايد الأحكام بالإعدام في محاكم الحوثيين خلال العام الماضي، وكان من بينها محاكمة جماعية أدانت 32 شخصًا بالسجن وتسعة بالإعدام في يناير، وتؤكد هيومن رايتس ووتش رفضها لعقوبة الإعدام، التي ترى أنها قاسية ونهائية، وتشوبها الأخطاء والتحيّز.
ونبه المحامي محمد الشويطر، المدير التنفيذي لمنصة "قانون" الحقوقية، في مقال له إلى أن التعديلات الحوثية الأخيرة على السلطة القضائية تعزز السيطرة السياسية وتستخدم القضاء لقمع المعارضين ومصادرة ممتلكاتهم عبر محاكمات صورية.
وقالت جعفرنيا في ختام التقرير: "هذه الحالات تكشف عن المخاطر التي يواجهها عشرات، بل مئات، المحتجزين تعسفًا في السجون الحوثية. على الحوثيين إنهاء احتجازهم التعسفي وتحسين ظروف السجون، وعلى الدول المؤثرة التحرك لمنع وقوع المزيد من الوفيات في السجون الحوثية".
أزمة ومعاناة إنسانية
ويشهد اليمن معاناة إنسانية كبيرة منذ أكثر من 10 سنوات نتيجة الحرب المستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية من جهة، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء من جهة أخرى، وذلك منذ سبتمبر 2014.
ويسيطر المتمردون على صنعاء ومعظم مناطق الشمال اليمني ومن بينها مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر والتي تضم ميناء يعتبر شريان حياة ملايين السكان في مناطق الحوثيين.
وتسببت الحرب في اليمن بمصرع أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، ونزوح الآلاف في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب وصف الأمم المتحدة.
وتسعى الأمم المتحدة إلى وقف دائم لإطلاق النار، من أجل الشروع في إحياء مسار الحوار السياسي المتوقف عملياً منذ التوقيع على اتفاق السويد الخاص بالحديدة في عام 2018.
وبعد أكثر من 10 سنوات من الصراع، ما زال 18.2 مليون شخص في اليمن يحتاجون إلى الدعم، وتشير التقديرات إلى أن 17.6 مليون شخص واجهوا أزمة انعدام الأمن الغذائي خلال العام الجاري 2024.