الإعلانات التجارية الموجهة.. خطر يهدد مستقبل الأطفال
الإعلانات التجارية الموجهة.. خطر يهدد مستقبل الأطفال
باسم ثروت
الإعلانات واحدة من أكثر الأشياء شيوعاً على وسائل الإعلام المرئي والمسموع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، فحين نتصفح وسائل التواصل المختلفة قد تصادفنا الإعلانات أكثر من محتوى هذه المنصات ذاتها.
ومع التطور التكنولوجي السريع تتطور الإعلانات والحملات الإعلانية هي الأخرى، فنجد الإعلانات التي تستهدف فئات بعينها أو الإعلانات التي تتبع نشاطات الأشخاص وتقوم بعرض إعلاناتها طبقاً لتفضيلاتهم الشخصية وغيرها الكثير والكثير.
لكن ما يهمنا هنا هي الإعلانات التي تستهدف الأطفال، حيث يتعرض الطفل طبقاً لبعض الأبحاث والتقرير لأكثر من 10000 إعلان في العام من خلال التلفزيون ووسائل التواصل، بل تؤكد هذه الأبحاث أن الوقت الذي يقضيه الأطفال في مشاهدة التلفزيون وعلى وسائل التواصل أكثر مما يقضونه في المدرسة.
لب الموضوع هنا هو محتوى هذه الإعلانات، فقد تحمل الإعلانات محتوى غير لائق للأطفال، حيث قد تحمل محتوى عنيفاً او جنسياً لا يصلح للأطفال في أعمار أقل من 18 عاماً، المشكل هنا ليس في إعلانات التلفزيون التي من الممكن التحكم في محتواها من خلال المصنفات الفنية أو الرقابة.
تقبع المصائب والنكبات في الإعلانات الموجودة داخل وسائل التواصل والمواقع المختلفة، بل وبعض الألعاب الإلكترونية التي يقتضي على الطفل أن يرى إعلاناً حتى ينتقل من مرحلة إلى مرحلة أخرى داخل اللعبة، هذه الإعلانات غير خاضعة للرقابة وقد تعرض محتوى يوجه الأطفال إلى فكرة أو أيديولوجيا معينة أو إلى منتجات معينة.
فمنذ وقت ليس بالبعيد خرج والد ووالدة طفلة أمريكية صغيرة على منصات التواصل يحكيان عن موقف تعرضا له مع طفلتهما، حيث لاحظت الأم ابنتها تلعب لعبة على هاتفها الذكي وإذا بإعلان يعرض محتوى جنسياً بين مثليين جنسياً، فهرعت الأم نحو الفتاة وأخذت منها الهاتف حتى ترى ما الذي يعرض لطفلتها.
وجدت الأم أن هذا الإعلان هو إعلان اجباري لمدة دقيقة كاملة لا بد أن تتم مشاهدته كاملاً حتى يتمكن من يلعب اللعبة من الارتقاء من مرحلة إلى مرحلة أخرى في اللعبة.
لكن ليس هذا بيت القصيد، فقد أخذ الأب الهاتف من طفلته وأخذ يلعب اللعبة ويحاول مراراً وتكراراً حتى يظهر له الإعلان مرة أخرى، لكن لم يظهر إنما ظهرت إعلانات أخرى عادية لمنتجات طبيعية.
ثم حاول الأب إحضار هاتف آخر به صورة ابنته وقام بوضعه أمام هاتف ابنته أثناء اللعبة حتى يظهر وكأن الطفلة هي التي تلعب اللعبة وهذا في حالة لو كانت اللعبة تستخدم الكاميرا الأمامية للهاتف وتعرف من الذي يلعب، لكن هذه الحيلة أيضاً لم تفلح ولم يظهر الإعلان مرة أخرى.
فقرر الأب أن يعطي الطفلة التليفون مرة أخرى ويراقب ما سيحدث، وكانت المفاجأة بمجرد أن بدأت الطفلة باللعب لم يمر وقت طويل حتى ظهر الإعلان الذي يبث محتوى جنسياً بين المثليين مرة أخرى ما أثار دهشة الوالدين بأن اللعبة تراقب وتعرف أن الطفلة هي التي تلعب ومن ثم تعرض لها هذا المحتوى الإعلاني.
فخرج الأبوان عبر مواقع التواصل الاجتماعي يقٌصون ما حدث مع طفلتهما متعجبين لماذا تستهدف مثل هذه الإعلانات طفلة في السادسة من عمرها، من المستفيد من عرض محتوى مثلي أو جنسي بشكل عام لطفلة في مثل هذا العمر، كما أبديا تعجبهما وغضبهما وطرحا سؤلاً مفاده لماذا تريدون توجيه ابنتنا إلى المثلية؟ لماذا لا تتركونها تختار بناء على تجاربها الخاصة وبناء على ما تفضله هي؟
يركز أصحاب الإعلانات على عامل الجذب والصورة، لذا تجد في الغالب فتيات مثيرات وجميلات، يستعرضن منتجاً معيناً، الشيء الذي يؤثر بالسلب على تفكير الطفل، خصوصاً الفتيات.
ترسخ تلك الإعلانات نمط صورة الفتاة الجميلة ذات القوام النحيف الجذاب عطفاً على تصوير المثلية على أنها شيء طبيعي، وبأن المجتمع قائم على هذا النوع من الأشخاص، وبالتالي تتكون لدى الفتاة تلك النظرة التي تركز على المظهر والشكل أكثر من غيره، وتتطور معها تلك الأفكار في مختلف مراحل عمرها.
اجمالاً، هذا هو أحد الجوانب الكثيرة التي تعرضها الإعلانات الإلكترونية، ناهيك عن الإعلانات التي تحث على الكراهية والتطرف والتنمر بين الأطفال، لذا من الواجب على كل الآباء والأمهات أن يقوموا بواجبهم تجاه هذا الخطر المحدق بأطفالهم، وبأن يصاحبوا أبناءهم ويقضوا معهم أطول وقت ممكن. لا بد من رفع وعي الآباء والأمهات والمعلمين والمربين، ومدى فهمهم لسلاح الإعلانات الفتاك وتأثيره الكبير على عقول الكبار عامة والصغار خاصة.
إن التطورات التي طرأت على أساليب المعلنين، لا سيما مع اندماج العالم مع التكنلوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ أضحى المعلنون يعتمدون على دراسات نفسية تؤثر في عقلية الطفل، وتجعله يقوم بردة الفعل المطلوبة دون وعي منه.