«الهجرة الدولية»: الأمهات في هايتي يواجهن صراعاً من أجل حماية أطفالهن
«الهجرة الدولية»: الأمهات في هايتي يواجهن صراعاً من أجل حماية أطفالهن
تواجه الأمهات في ظل تزايد العنف المستمر في هايتي، تحديات استثنائية في محاولتهن لحماية أطفالهن في مواجهة النزوح المستمر والهروب من مناطق الصراع.
ووفقا لبيان نشرته منظمة الهجرة الدولية، اليوم الخميس، شهدت منطقة بورت أو برانس، العاصمة، موجة جديدة من الاشتباكات العنيفة بين العصابات المسلحة وقوات الشرطة في منطقة كارفور فويي، ما دفع الآلاف من السكان إلى ترك منازلهم بحثًا عن الأمان في مناطق أخرى.
ودفع العنف المتفاقم الكثير من العائلات إلى النزوح عدة مرات على مدار السنوات الماضية، ما جعلهم يعيشون في ظروف قاسية.
وتُعد منطقة كارفور فويي واحدة من أكثر المناطق تأثرًا بالعنف المستمر، حيث تقع العائلات في مواجهة حرب غير معلنة، ما يضطرهم كل مرة للهروب من منازلهم والعيش في ظروف قاسية، ومع استمرار هذه الأوضاع، أصبحت بعض مواقع النزوح مثل فيرجيني سان بور وبارك 10 ملاذات مؤقتة للعديد من العائلات التي تسعى لإعادة بناء حياتها وسط هذه الأزمات المستمرة.
أمهات في معركة خاصة
من بين التحديات التي تواجهها الأسر النازحة، تواجه الأمهات في هايتي معركة خاصة لحماية أطفالهن، في موقع فيرجيني سان بور، جلست سولانج، وهي أم شابة تحمل ابنها فرانس، الذي وُلد في أحد مراحل النزوح.
قالت سولانج بحزن: "لقد هربت من العنف مرات لا أستطيع أن أحصيها، نحن في حالة هروب مستمر"، رغم الألم والمعاناة التي تحياها، تسعى سولانج بكل قوتها لحماية ابنها من المعاناة والمشاهد القاسية التي يمرون بها، مؤكدة: "لا يفهم تمامًا ما يجري، وهذا ما أريد الحفاظ عليه.. لا أريد له أن يشعر بكل ما نمر به".
بالنسبة لسولانج، الصراع ليس مجرد محاولة للبقاء على قيد الحياة فقط، بل هو معركة مستمرة لحماية براءة طفلها ومنحه فرصة لحياة أفضل، تضيف: "فرانس هو كل ما تبقى لي.. يجب أن أكون قوية من أجله.. عليّ أن أمنحه مستقبلاً، حتى لو كان ذلك يعني الاستمرار في الهروب".
إعادة بناء مجتمعات صغيرة
في موقع فيرجيني سان بور، الذي يضم عددًا كبيرًا من النازحين من منطقة كارفور فويي، يواجه رجال نازحون حياة مريرة بسبب العنف المستمر، هؤلاء الرجال، الذين تعرضوا للنزوح أكثر من مرة بسبب الهجمات العنيفة، يقول أحدهم: "كلما تفاقم العنف، نبدأ في الفرار.. نخسر كل شيء في كل مرة، ولكن عندما نكون معًا، يصبح الأمر أكثر احتمالًا".
ورغم شدة الظروف، تمكن هؤلاء النازحون من بناء مجتمع صغير داخل الموقع، حيث يقدمون الدعم المتبادل لبعضهم بعضا، ويعملون على إصلاح الملاجئ المتضررة من العنف.
وقد ساعدت المنظمات الإنسانية مثل المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في توفير الدعم النفسي والاجتماعي، مما عزز قدرة النازحين على الصمود أمام الأزمات.
الأطفال يفقدون حياتهم الطبيعية
في موقع بارك 10، الذي يضم العديد من النازحين من كارفور فويي، يجلس جوناثان، الذي يبلغ من العمر 15 عامًا، داخل حافلة قديمة أصبحت مأواه المؤقت، وهو ينظر من النافذة المكسورة قائلاً: "أفتقد المدرسة.. كنت أذهب إليها يوميًا، والآن كل ما أفعله هو الانتظار".
هربت عائلة جوناثان من كارفور فويي بسبب العنف، ولجأت إلى موقع بارك 10 الذي كان في السابق ورشة لتصليح السيارات.
قال جوناثان: “أفتقد حياتي السابقة.. أريد أن أصبح معلمًا يومًا ما، وأن أساعد الأطفال كما فعلت معلمتي”.
معاناة جوناثان ليست فريدة من نوعها، فالكثير من الأطفال في هايتي يعانون من فقدان طفولتهم بسبب النزوح المستمر، مما يترك أثرًا عميقًا في نفوسهم ويؤثر على أحلامهم وتطلعاتهم.
الحافلات القديمة مأوى للنازحين
في موقع بارك 10، الذي تحول إلى ملجأ للنازحين، تجد العائلات نفسها تعيش في سيارات وحافلات قديمة كانت تُستخدم سابقًا للنقل، هذه المركبات التي كانت تمثل يومًا ما رموزًا للحركة والتقدم، أصبحت الآن ملاذًا للعديد من العائلات التي فقدت كل شيء بسبب النزوح المستمر.
على الرغم من الضجيج الناتج عن ورشة تصليح السيارات في المكان، تمكن النازحون من التكيف مع هذه الظروف الصعبة، وتوفير بعض سبل العيش الأساسية.
دور المنظمات الإنسانية
تواصل المنظمات الإنسانية، مثل المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، تقديم الدعم للنازحين في هايتي، تشمل هذه المساعدات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي، بالإضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي، هذه الجهود تساعد العائلات على التكيف مع ظروف النزوح الصعبة، وتعزز قدرتهم على التكيف مع واقعهم الجديد.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن هذه المساعدات تم توفيرها بفضل تمويل الاتحاد الأوروبي من خلال إدارة المساعدات الإنسانية (ECHO)، مما ساعد على تقديم الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والدعم النفسي، ما يعيد بعض الأمل والكرامة للنازحين في هايتي.
وسط كل هذه المعاناة، تظل قصص الصمود والتكيف حاضرة بين النازحين في هايتي، من الرجال الذين أعادوا بناء مجتمعات صغيرة في مواقع النزوح، إلى الأمهات اللاتي يقمن بكل ما في وسعهن لحماية أطفالهن، إلى الأطفال الذين يتشبثون بأحلامهم رغم الظروف الصعبة، هذه القصص تعكس روحًا لا تقهر وقدرة الإنسان على التكيف والمضي قدمًا رغم كل الصعوبات التي تواجههم.