مهاجرون فنزويليون يعتبرون أن "الوقت حان للعودة" لبلادهم رغم أزمتها الاقتصادية
مهاجرون فنزويليون يعتبرون أن "الوقت حان للعودة" لبلادهم رغم أزمتها الاقتصادية
يعتزم فكتور فرنانديز، البالغ 32 عامًا، العودة إلى بلده الأمّ فنزويلا حيث تحسّن الوضع الاقتصادي بعدما ادّخر المال طيلة خمسة أشهر لمغادرة تشيلي، قائلًا: "لقد قمتُ بكلّ ما أردت فعله في تشيلي، الوقت حان للعودة".
ويعيش فكتور حاليًا من عمله كعامل توصيل في فالباريزو في غرب تشيلي، وبالكاد يكفي ما يجنيه لتغطية نفقاته وإعالة أقربائه في فنزويلا، ويرى أن ذلك لا يستحقّ الاستمرار على هذا النحو بعيدًا عن أهله وبلده.
وفكتور أحد الستة ملايين فنزويلي الذين فرّوا من بلادهم، بحسب الأمم المتحدة، عندما هزّت أزمة اقتصادية حادّة فنزويلا اعتبارًا من عام 2013 أصبحت خلالها المتاجر فارغة وتشكّلت خلالها طوابير انتظار طويلة لشراء السلع الغذائية، وثماني سنوات من الركود الاقتصادي وأربع سنوات من التضخّم المفرط وانتشار الفقر.
غير أن تخفيف قيود الصرف في عام 2018 على مدى عقدين من الزمن قد غيّر الوضع، وتحسّن الاقتصاد منذ عام 2021، حتى لو كنا لا نزال بعيدين عن الاقتصاد المزدهر لـ"فنزويلا السعودية" في السبعينيات أو "الازدهار النفطي" من مطلع القرن الحادي والعشرين.
وسمحت دولرة الاقتصاد وتخفيف القيود على الأسعار لرواد الأعمال والتجار بزيادة وارداتهم، مع توفير أفضل للمنتجات والمتاجر الجديدة التي تبيع الطعام والملابس والأحذية واللوازم المنزلية.
وأنسَت صورة التغيير الناس البؤس في البلد حيث لا تزال 75% من العائلات محرومة من مواد غذائية أساسية، وبدأ مهاجرون يميلون مذّاك إلى العودة.
ويعتبر فكتور أن "الوقت حان للعودة"، حتى لو أنه تمكّن من تسوية وضعه في تشيلي حيث عاش خمس سنوات بدون أوراق.
ويضيف: "نِمت في الشارع خمسة عشر يومًا، تحدثت إلى أهلي وأخبرتهم أن كل شيء على ما يرام ثم أنهيت المكالمة وبكيت من اليأس"، وادّخر لشراء دراجة نارية في كراكاس وتذكرة طيران واستثمر في محل بقالة.
ويُشير استطلاع إلى أن 10 ملايين فنزويلي، أي ثلث إجمالي السكان البالغ عددهم ثلاثين مليوناً، لا يزالون يريدون الهجرة، ما يدلّ على أن المشهد العام في فنزويلا لا يزال سلبيًا.
ويرفض الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو اعتماد أعداد المهاجرين التي صدرت عن الأمم المتحدة، مؤكدًا من جهته أن عدد المهاجرين قريب من 800 ألف "أو أقلّ ربّما"، لكنه يوافق على أن الوضع في البلاد لا يزال معقدًا.
وكان قد قال للتلفزيون الرسمي: "بعض الأشخاص يقولون، حُلّت مشكلات فنزويلا، لكن كلّا، لم تُحلّ.. الوضع أفضل، تحسّنت فنزويلا، ستتحسن فنزويلا".
وانتعش الناتج المحلي الإجمالي الذي انخفض بأكثر من 80% في ثماني سنوات، بنسبة 4% في عام 2021.. لكن "النمو جاء لصالح البعض أكثر من غيرهم"، بحسب الخبير الاقتصادي هنكل غارثيا مدير وكالة "ايكونوميتريكا" Econométrica للاستشارات المالية والاقتصادية.
ويضيف غارثيا: "إنه اقتصاد يركّز بشكل أساسي على التجارة، دون إجراء تغييرات جذرية كبيرة"، غير أن هذه "الواجهة الجديدة" التي يصفها كثيرون بأنها "فقاعة"، مرئية في كراكاس من خلال مطاعم مزدحمة ومحلات فاخرة ومتاجر بقالة.
غير أن الخدمات العامة مثل المياه والكهرباء لا تزال تنهار، لا سيما في المناطق الداخلية في فنزويلا.
ولطالما واجه المهاجرون أوقاتًا صعبة في الخارج، لا سيما في أمريكا اللاتينية حيث نمت العنصرية ضد الفنزويليين مع زيادة تدفق المهاجرين.
وعادت يارا غونزاليز، البالغة 29 عامًا، أخصائية التجميل من بيرو في نوفمبر 2021، وتقول عن الثلاث سنوات التي قضتها في المنفى: "كنت مثل فأر هامستر في قفص"، وتخطّت العودة توقّعاتها.
وتوضح: "أشعر أن أمامي فرص أكثر مقارنة بما كنت سأحصل عليه في 2017 أو 2018"، وتتذكر كيف كانت المواد الأولية لقطاعات غير متوفرة في الفترة التي سبقت هجرتها.
أمّا اليوم، فباتت تعمل من منزلها وتجني أكثر وتشعر بأنها في وضع أفضل مما كانت عليه في ليما، وتقول: "أفضّل أن أبقى في منزلي على السفر في أمريكا اللاتينية وأنا في حاجة دائمة".