«الإيكونوميست»: لاجئو جبال النوبة يواجهون أزمة إنسانية غير مسبوقة
«الإيكونوميست»: لاجئو جبال النوبة يواجهون أزمة إنسانية غير مسبوقة
يعيش لاجئو جبال النوبة في السودان، أوضاعا إنسانية مأساوية رغم ابتعادهم عن خطوط الصراع المباشرة بين الفصائل المتنازعة، حيث يواجه هؤلاء اللاجئون أزمة إنسانية غير مسبوقة، بسبب معاناتهم من النقص الحاد في الغذاء والدواء وسط ظروف حياتية قاسية.
وكشف تقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست"، أمس الثلاثاء، عن أن الحصار المستمر وانقطاع المساعدات الإنسانية قد فاقم من معاناتهم، مما يطرح تساؤلات حول مستقبلهم في ظل هذا الوضع المأساوي.
وصل مراسل "الإيكونوميست" إلى مخيم "كاين" للاجئين في جبال النوبة، بعد رحلة طويلة بدأت بالوصول إلى جوبا في جنوب السودان، ثم الانتقال على متن طائرة تابعة للأمم المتحدة إلى مدينة "كاودة" في ولاية جنوب كردفان، ومن هناك، قطع مسافة طويلة عبر القرى الريفية التي تفتقر إلى الأساسيات مثل الأسواق ومحطات الوقود، ليصل إلى المخيم الذي يقطنه عدد كبير من اللاجئين.
العيش بعيد عن صراع الفصائل
تعيش جبال النوبة منذ عام 2011 في عزلة كبيرة بعد أن بدأت الجماعة المتمردة في المنطقة نضالها ضد الحكومة السودانية، ومنذ بداية الحرب الأهلية في السودان عام 2023، أصبحت المنطقة بمثابة ملاذ بعيد عن الصراع.
ورغم الحصار المفروض على المنطقة من قبل الجيش السوداني، لا يزال المتمردون في جبال النوبة يتمتعون بحكم ذاتي مستقل عن الحكومة السودانية، تقدر الأمم المتحدة أن نحو مليون لاجئ من أصل 11 مليونًا نزحوا بسبب الحرب، قد وصلوا إلى المنطقة.
وعلى الرغم من الضغوط المتزايدة من جميع الأطراف، لم ينحز متمردو جبال النوبة إلى أي طرف في النزاع الحالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وقال أحد المعلمين في "كاودة": "لا نميز بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، كلاهما أعداء"، ورغم المناوشات بين الحين والآخر، تبقى المنطقة بعيدًا عن القتال المباشر.
نقص المساعدات
أدى النزاع المستمر إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في المنطقة، وفي زيارة للمراسل إلى مخيم "كاين" في ديسمبر 2024، لاحظ أن نحو 4000 لاجئ كانوا يعيشون في أكواخ خشبية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.
وأضاف اللاجئون أنهم يعتمدون على أوراق الشجر والجذور للبقاء على قيد الحياة بسبب نقص الطعام والدواء، وعلى الرغم من الجهود الإنسانية التي تبذلها الأمم المتحدة، لا تزال المساعدات التي تصل إلى المنطقة محدودة جدًا.
ويشير الخبراء إلى أن الوضع في جبال النوبة قد يكون مؤشرًا على مستقبل السودان بشكل عام، حيث بدأت قوات الدعم السريع في السيطرة على مناطق واسعة من البلاد، بما في ذلك دارفور وسينار.
ووفقًا للمحللين، فإن السودان يشهد تحولًا متسارعًا نحو التقسيم، حيث تسعى قوات الدعم السريع إلى إعلان حكومة مستقلة خاصة بها وإصدار عملة جديدة، وهو ما قد يزيد من تعقيد الأزمة في السودان.
مستقبل غامض
يعيش سكان جبال النوبة في حالة من القلق المستمر بشأن مستقبلهم، حيث يرى البعض أن فرص عيشهم مع بقية السودانيين قد تكون صعبة في ظل استمرار النزاع، وتتمسك بعض القيادات المتمردة في المنطقة بموقفها من أجل سودان موحد يتساوى فيه جميع المواطنين بغض النظر عن عرقهم أو دينهم، لكن مع استمرار الحرب، تتزايد الصعوبات أمام تحقيق هذا الهدف.