«فرانس برس»: الجفاف في البرازيل وراء ارتفاع أسعار القهوة
«فرانس برس»: الجفاف في البرازيل وراء ارتفاع أسعار القهوة
شهدت أسعار القهوة ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق العالمية، نتيجة للجفاف المتزايد الذي ضرب البرازيل، التي تعد أكبر منتج ومصدر للبن في العالم.
وذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الثلاثاء، أن ولاية ساو باولو، ولا سيما مدينة كاكوندي، تعرضت لحرائق مدمرة أتت على مساحات شاسعة من مزارع البن.
وزار مويسير دونيزيتي، وهو مزارع برازيلي يبلغ من العمر 54 عامًا، مزرعته صباح أحد أيام سبتمبر 2024، ليشمّ رائحة الحريق تتصاعد في الهواء، وبعد ساعات قليلة، اجتاحت النيران مزرعته بالكامل، مما دفع أسرته لمكافحة الحريق لعدة أيام، وأسفرت الكارثة عن فقدانه خمسة هكتارات من المزرعة، التي كان يعوّل عليها لإنتاج ثلث محصول الأسرة السنوي.
تغير المناخ يُفاقم الأزمات
شهدت البرازيل في عام 2024 أشد الأعوام حرارة في تاريخها، ما أدى إلى تسجيل أكبر عدد من حرائق الغابات منذ 14 عامًا، وأرجع الخبراء هذه الظاهرة إلى تغير المناخ، حيث تسببت درجات الحرارة المرتفعة وانخفاض هطول الأمطار في إضعاف الإنتاج الزراعي، بما في ذلك محصول البن.
وقال مويسير بأسى، وهو يقف وسط أشجار البن المتفحمة: "لم نخسر محصول هذا العام فقط، بل سنحتاج إلى ثلاث أو أربع سنوات لإعادة تأهيل الأرض المتضررة"، وأوضح أن الأمطار أصبحت متقطعة للغاية، مما يزيد من صعوبة زراعة القهوة.
وأدى تراجع الإنتاج في البرازيل إلى ارتفاع أسعار قهوة "أرابيكا"، التي تُعد الأكثر استهلاكًا عالميًا، بنسبة 90% في عام 2024، ووصل السعر إلى 3.48 دولار للرطل الواحد في بورصة نيويورك، وهو أعلى سعر منذ عام 1977.
وأوضح غي كارفاليو، مستشار برازيلي متخصص في القهوة: "منذ عام 2020، نواجه مشكلات مناخية مستمرة تؤثر على الإنتاج، مما يعكس توقعات غير متفائلة لعام 2025".
وأشار كارفاليو إلى عوامل جيوسياسية تزيد من تعقيد الوضع، مثل الحواجز الجمركية في الولايات المتحدة والقواعد الأوروبية الجديدة المتعلقة بالمنتجات الزراعية الناتجة عن إزالة الغابات.
البحث عن حلول مستدامة
سعى بعض المزارعين البرازيليين إلى تبني أساليب زراعية جديدة للتكيف مع أزمة المناخ، ففي بلدة ديفينولانديا، أعاد سيرجيو لانغه، البالغ من العمر 67 عامًا، تقنية زراعة البن تحت ظلال الأشجار، وهي طريقة متوارثة من إفريقيا.
وقال سيرجيو: "مع تغير درجات الحرارة، أصبح الإنتاج التقليدي للبن غير قابل للاستمرار."
وأثبتت هذه الطريقة فعاليتها في حماية النباتات من الحرارة، بالإضافة إلى تحسين جودة الحبوب، حيث تنضج بشكل أبطأ، مما يرفع من قيمتها السوقية.
وأسس سيرجيو بالتعاون مع 50 مزارعًا آخرين نموذجًا يُعرف بـ"زراعة القهوة المتجددة"، الذي يعتمد على أساليب مستدامة، مثل استخدام مياه الينابيع وتقليل الاعتماد على المبيدات الحشرية.
مستقبل زراعة القهوة
تواجه زراعة القهوة في البرازيل تحديات كبيرة بسبب تغير المناخ، لكن المبادرات المستدامة توفر أملًا لمستقبل أكثر استقرارًا، ومع استمرار ارتفاع الطلب العالمي على القهوة.
وتبقى قضية المناخ عاملاً حاسمًا في تحديد شكل الإنتاج والأسعار خلال السنوات المقبلة.