رحلة مأساوية.. أسرة سودانية تهرب من جحيم الحرب لتواجه آلام اللجوء

رحلة مأساوية.. أسرة سودانية تهرب من جحيم الحرب لتواجه آلام اللجوء
لاجئون سودانيون في ليبيا

في أبريل 2023، وبينما كان صوت القذائف يعصف بآذان أهل مدينة الفاشر في شمال دارفور، احتضنت تماضر النور البكر أطفالها الثلاثة، محاولة تهدئة خوفهم. 

قالت تماضر، إن "الحرب لا ترحم"، مشيرة إلى أن الجوع أصبح تهديدًا لحياة أطفالها، مع تصاعد العنف، لم يكن أمام أسرتها سوى النزوح عن مدينتهم والبحث عن ملاذ آمن، وفق قناة "الحرة" الأمريكية.

تزامن بداية الحرب في السودان مع نزاع بين القوات المسلحة بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، حيث تصاعد الصراع على السلطة بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير في 2019. 

تركت هذه الحرب آثارًا إنسانية فادحة، فقتل الآلاف من المدنيين، بينما اضطر الملايين للنزوح داخليًا وخارجيًا.

بعد أسابيع من الرعب، قررت تماضر وزوجها الهروب مع أطفالهم إلى ليبيا، حيث سمعوا عن فرص للنجاة من جحيم الحرب. 

جمعوا ما تبقى لديهم من أموال وانطلقوا في رحلة شاقة عبر الصحراء الكبرى، محاولين تفادي الميليشيات وقطاع الطرق. 

بعد أيام من المعاناة، وصلوا إلى مدينة الكفرة الليبية، نقطة الدخول الأولى عبر الحدود السودانية، ليكتشفوا أن الأمور ليست أفضل مما كانوا يهربون منها.

معاناة وواقع مرير

وصلت الأسرة إلى ليبيا في أغسطس 2023، لتجد نفسها في مواجهة واقع مرير، حيث تحولت المدينة التي يفترض أن تكون ملاذًا، إلى ساحة لتهريب البشر والانتهاكات بحق اللاجئين. 

واجهتهم معاملة قاسية، حيث اضطروا لدفع مبالغ إضافية لعبور الحواجز الأمنية، حتى وصلوا إلى طرابلس.

لكن مع وصولهم إلى مقر مفوضية اللاجئين في طرابلس، لم تلبث معاناتهم أن ازدادت، ورغم تسجيلهم هناك ومنحهم مبلغًا ضئيلًا من المال، داهمت قوات الأمن المكان، واعتقلت الأسرة مع العديد من اللاجئين الآخرين. 

تم اقتيادهم إلى سجن أبو سليم حيث تعرضوا للإهانة الجسدية والمعنوية. "أجبرونا على خلع ملابسنا، حتى الأطفال"، تقول تماضر، بينما تشكو من ضربات على جسدها بسبب محاولاتهم الدفاع عن أنفسهم.

كانت أسوأ لحظات هذه المحنة هي مشهد الاعتداء على النساء ومرض أحد المحتجزين، مما زاد من محنتهم. 

بعد 30 يومًا من الاحتجاز، وبفضل تدخل مفوضية اللاجئين، تم إطلاق سراحهم، ولكنهم ظلوا عالقين في بلد يعاني من غياب الاستقرار.

واقع جديد

عندما تم إطلاق سراحهم، كانوا قد فقدوا الأمل في الاستقرار، حيث جعلت تكاليف الحياة المرتفعة وعدم قدرتهم على العثور على عمل، خاصةً بسبب نقص الوثائق القانونية، من الصعب عليهم بناء حياة جديدة. 

حتى بعد انتقالهم إلى منزل مستأجر، اعتُقلوا مجددًا بناءً على شكوى من الجيران بسبب عددهم الكبير.

لم يكن الاحتجاز الثاني أقل قسوة من الأول، فقد تعرضوا للإهانة مرة أخرى، وتم نقلهم إلى مكان غير مجهز أو آمن. 

وفي هذه المرة، كانت الظروف أسوأ، حيث لم يتلق الأطفال أي رعاية طبية وأصبحوا في حالة صحية سيئة.

مأساة اللاجئين في ليبيا

تعتبر تماضر النور البكر واحدة من مئات الآلاف من السودانيين الذين لجؤوا إلى ليبيا هربًا من الحرب. 

وتشير التقارير إلى أن أكثر من 210 آلاف سوداني وصلوا إلى ليبيا منذ بداية الحرب، في ظل تقديرات تفيد بأن الرقم قد يصل إلى 450 ألفًا مع نهاية عام 2024.

وأشار الباحث في الهجرة غير الشرعية، طارق لملوم، إلى أن المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا يعيشون في حالة من الفوضى. 

"العديد من المهاجرين يجدون أنفسهم ضحايا للاستغلال المالي، حيث يُجبرون على دفع مبالغ كبيرة مقابل حريتهم"، يقول لملوم.

وتستمر معاناة اللاجئين السودانيين في ليبيا، وسط قلة الخيارات الإنسانية المتاحة لهم. يرافق هذه الأزمة ضعف التدخل الدولي، مما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني.

وبينما تمضي أسرة تماضر في رحلة البحث عن أمان، تزداد قسوة حياتهم، وتستمر المعاناة، مع خوف دائم من الاعتقال والتمييز، ولم يعد لديهم سوى حلم العودة إلى وطن آمن، حيث يمكن لأطفالهم أن ينعموا بمستقبل أفضل، بعيدًا عن الخوف والمعاناة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية