وداع أخير بكرامة.. عائلات سودانية تعيد دفن أبنائها من المقابر العشوائية
وداع أخير بكرامة.. عائلات سودانية تعيد دفن أبنائها من المقابر العشوائية
شهدت العاصمة السودانية الخرطوم مشهداً إنسانياً مؤثراً، حيث شرعت عائلات في إعادة دفن أبنائها الذين فقدوا حياتهم خلال الحرب، بعد أن ظلوا مدفونين في مقابر عشوائية حفرت على عجل وسط القصف والمعارك.
وجاءت هذه الخطوة بعد تحسن نسبي في الوضع الأمني، ما أتاح الفرصة لآلاف الأسر لتنظيم مراسم وداع لائقة لضحايا الحرب، في محاولة متأخرة لمنحهم الكرامة التي حُرموا منها لحظة رحيلهم، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، السبت.
وانتشل متطوعو الهلال الأحمر السوداني رفات ضحايا الحرب من مقابر عشوائية في حي الأزهري جنوبي الخرطوم، حيث كانت العائلات قد دفنت أقاربها في باحات المنازل والمدارس والساحات العامة خلال ذروة القتال.
واستفاد الأهالي من استعادة الجيش السيطرة على المنطقة في يونيو الماضي لنقل الجثامين إلى مقبرة الأندلس الرسمية.
حافظوا على الهوية
حمل المتطوعون الجثث بعناية بعد تنظيف محيطها، ووضعوها في أكياس خاصة تحمل بطاقات تعريفية، فيما ميّزوا الجثامين مجهولة الهوية بملصقات مختلفة، مع تسجيل بياناتها.
وأكد رئيس قطاع الطب الشرعي، هشام زين العابدين، العثور على 307 قبور عشوائية في حي الأزهري وحده، كانت موزعة أمام المنازل وفي المساجد والمدارس.
رافقت جواهر آدم متطوعي الهلال الأحمر أثناء نبش قبر ابنتها ذات الـ12 عاماً، والتي قُتلت أثناء خروجها لشراء حذاء جديد.
وذكرت والدموع في عينيها: "لم نجد مكاناً لدفنها، فدفناها في الحي". وأكدت أنها تعيش ألم الفقد للمرة الثانية، لكن هذه المرة "بكرامة".
الحرب حصدت الأرواح
أسفرت الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع عن مقتل عشرات الآلاف، بينهم آلاف المدنيين في أحياء مكتظة تفتقر إلى الخدمات الصحية.
وتشير تقديرات دولية إلى مقتل نحو 150 ألف شخص في عامها الأول، في حين توثق الإحصاءات المحلية أرقاماً أقل لكنها تبقى صادمة.
أكمل الهلال الأحمر انتشال نحو ألفي جثة في الخرطوم، في حين يُقدّر عدد المدفونين في مقابر عشوائية بنحو عشرة آلاف جثمان.
وأعلن المسؤولون المحليون أن أرض المقبرة في حي الأزهري ستتحول إلى مدرسة، في خطوة تعكس رغبة الأهالي في تحويل مكان الحزن إلى منارة تعليمية.