سام نوجوما.. رحيل قائد جسّد قيم العدالة والمساواة في نضاله ضد العنصرية

سام نوجوما.. رحيل قائد جسّد قيم العدالة والمساواة في نضاله ضد العنصرية
نصب سام نوجوما التذكاري أمام متحف الاستقلال

توفي سام نوجوما، الرئيس المؤسس لدولة ناميبيا، عن عمر ناهز 95 عامًا، أمس الأحد، بعد صراع طويل مع المرض استمر لعدة أسابيع.

كان نوجوما شخصية محورية في تاريخ بلاده، حيث قاد نضالها من أجل الاستقلال من الاستعمار العنصري، وتولى رئاسة البلاد من عام 1990 حتى 2005، ويعد رمزًا للنضال الإفريقي ضد التمييز العنصري، وكان له دور بارز في تعزيز القيم الإنسانية وحقوق الإنسان على مستوى القارة.

وعبر الرئيس الناميبي نانجولو مبومبا عن حزنه العميق لرحيل هذا الزعيم الكبير، مؤكدًا أنه سيتم الإعلان قريبًا عن ترتيبات الدفن والحداد الوطني.

مولده ونشأته

ولد سام نوجوما في 12 مايو 1929 في قرية "أومونغويليم" في شمال ناميبيا، في وقت كانت فيه البلاد تحت الاستعمار الألماني ثم الجنوب إفريقي.

نشأ في أسرة فقيرة، حيث شهد التمييز العنصري وسوء المعاملة التي كانت تتعرض لها الأغلبية السوداء، ورغم الصعوبات التي واجهها، فإنه أظهر منذ صغره شجاعة واهتمامًا بقضايا الحرية والمساواة، مما دفعه للانضمام إلى حركة التحرر الوطني.

انخرط سام نوجوما في صفوف منظمة الشعب الجنوب إفريقي (سوابو)، التي كان لها دور كبير في الكفاح ضد الاستعمار في ناميبيا، حيث انضم إلى الحركة في أربعينيات القرن الماضي، حيث قاتل من أجل حقوق سكان بلاده السود ضد النظام العنصري الذي فرضته قوات الاحتلال الجنوب إفريقية. 

قاد نوجوما حركة سوابو بصلابة، وواجه النظام الاستعماري بكل عزم رغم التحديات الكبيرة، وفي عام 1966 أسس حركة التحرير في ناميبيا التي كانت تستهدف الحصول على استقلال كامل للبلاد.

تأسيس ناميبيا

بعد سنوات طويلة من النضال، حققت ناميبيا استقلالها عن جنوب إفريقيا في 21 مارس 1990، ليصبح سام نوجوما أول رئيس للبلاد في خطوة تاريخية.

تولى نوجوما منصب الرئاسة في فترة حساسة حيث كانت البلاد بحاجة إلى الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة الحديثة.

نفذ العديد الإصلاحات التي كانت تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، ومنح حقوقًا للمواطنين السود في دولة كانت تعاني من إرث طويل من التفرقة العنصرية.

استمر نوجوما في منصبه حتى عام 2005، حيث قرر أن يترك السلطة بعد فترتين رئاسيتين، وهو ما يعبّر عن استعداده لتطوير مؤسسات ديمقراطية سليمة، رغم أنه تقاعد من الحياة السياسية، استمر في تقديم المشورة والقيادة الحكيمة في المسائل الإقليمية والدولية.

التزامه بالسلام وحقوق الإنسان

عرف عن نوجوما التزامه العميق بمبادئ حقوق الإنسان والسلام، وبعد تقاعده من الرئاسة أصبح نوجوما من أبرز الحكام الذين يسهمون في تعزيز السلام في القارة الإفريقية. 

شارك في حل النزاعات في مناطق متعددة مثل جنوب السودان، وكان يدعو إلى الحلول السلمية التي تستند إلى الحوار بين جميع الأطراف.

عُرف عن نوجوما تبنيه سياسة "الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية"، وهي المبادئ التي كانت تُترجم بشكل عملي من خلال دعم الاتحاد الإفريقي والمساهمة في تحقيق استقرار القارة.

إصراره على الحلول السلمية

حصل سام نوجوما على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لجهوده في تعزيز الاستقلال وبناء السلام في إفريقيا، فقد كرمته مؤسسة "كيميت بطرس غالي" لأبحاث السلام والمعرفة، في نوفمبر 2020.

تحدث في تلك المناسبة عن أهمية إيجاد حلول سلمية لقضايا مثل النزاع حول سد النهضة، داعيًا إلى أن تكون هذه الحلول "مربحة لجميع الأطراف"، وهو ما يعكس إيمانه العميق بالعدالة والمساواة.

رحل سام نوجوما بعد عمر طويل أمضاه في النضال من أجل الحرية والكرامة الإنسانية، لقد ترك إرثًا ثقافيًا وسياسيًا عظيمًا في قلوب الأجيال الجديدة من الناميبيين. 

حتى في سنواته الأخيرة، ظل يشغل مكانة مهمة في السياسة الإفريقية، بما في ذلك لعب دور مهم في الحفاظ على السلام وتقديم الاستشارات للحكومات في إفريقيا، فهو بحق واحد من أبرز الزعماء الذين ارتبطت أسماؤهم بنضال طويل ضد الاستعمار والتمييز العنصري، وأسهموا في بناء مستقبل قاري أفضل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية