إيلون ماسك يسعى لاستبدال موظفي الحكومة بـ«أنظمة ذكاء اصطناعي»
إيلون ماسك يسعى لاستبدال موظفي الحكومة بـ«أنظمة ذكاء اصطناعي»
بدأ فريق إيلون ماسك تنفيذ خطة جذرية داخل وزارة التعليم الأمريكية لاستبدال الموظفين المتعاقدين بأنظمة ذكاء اصطناعي متطورة، وهي خطوة يقول البعض إنها تحقق عدة أهداف، من تقليص التكاليف والاستغناء عن الوظائف، إلى الاستثمار في التكنولوجيا، وهي كلها وعود كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تعهد بها.
يمثل هذا المقترح جزءًا من توجه ترامب الأوسع نحو تقليص قوة العمل الفيدرالية، مما سيغير طريقة عمل الوزارة المسؤولة عن إدارة مليارات الدولارات من مساعدات الطلاب، والتعامل مع ملايين الاستفسارات التي يتلقاها المقترضون، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
وتستخدم الوزارة حاليًا مراكز اتصال مدعومة بأنظمة ذكاء اصطناعي بسيطة للرد على الأسئلة، لكن الخطة الجديدة تتضمن إدخال نسخة أكثر تطورًا يمكنها حل محل العديد من الموظفين، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير كبير في طريقة تقديم الخدمات التعليمية في البلاد.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن وزارة التعليم توظف 1600 شخص للتعامل مع أكثر من 15,000 استفسار يوميًا، وفي حال نجاح هذا النموذج، قد يتم تعميمه على وكالات فيدرالية أخرى، مما يعني تقليص الاعتماد على الموظفين لصالح التكنولوجيا وإلغاء عقود بمليارات الدولارات مع الشركات الخارجية.
تخفيضات ضخمة في الميزانية
ألغى فريق ماسك عقودًا بقيمة مليار دولار داخل وزارة التعليم، مما أدى إلى إغلاق مكتب الأبحاث المسؤول عن تتبع تقدم الطلاب الأمريكيين.
كما تم قطع 101 مليون دولار من 29 منحة تدريب على التنوع والشمول، إضافة إلى إلغاء 89 عقدًا آخر بقيمة 881 مليون دولار.
بحسب صحيفة الغارديان، فإن هذه التخفيضات أدت إلى القضاء فعليًا على مكتب الأبحاث والإحصاءات في الوزارة، وهو أحد أكبر ممولي الأبحاث التعليمية في البلاد.
وأشارت وكالة أسوشييتد برس إلى أن 169 عقدًا إضافيًا تم إنهاؤها بشكل مفاجئ، ما أدى إلى إضعاف معهد علوم التعليم الذي يجمع البيانات حول إنجاز الطلاب وإتمامهم للدورات العلمية.
ترامب يدفع لإغلاق وزارة التعليم
جدد الرئيس ترامب تأكيده على ضرورة إغلاق وزارة التعليم فورًا، واصفًا إياها بـ"عملية احتيال كبيرة"، موضحا أن النظام التعليمي الأمريكي يحتل المرتبة الأربعين عالميًا رغم تصدره قائمة الدول من حيث تكلفة التعليم لكل طالب.
أفادت وسائل إعلام أمريكية بأن ترامب يدرس إصدار أمر تنفيذي لنقل العديد من وظائف الوزارة إلى وكالات أخرى، مع الاحتفاظ فقط بالمهام التي ينص عليها القانون.
كما تم تكليف إيلون ماسك بالتحقيق في الوزارة للبحث عن طرق لتقليص التكاليف، وهو ما فعله سابقًا مع وكالة التنمية الدولية.
إدارة ترامب تسعى لحكومة أصغر
تظهر تحركات ماسك وفريقه رؤية جديدة لحكومة أمريكية أصغر وأكثر اعتمادًا على التكنولوجيا، إذ يسعى إلى الاستغناء عن آلاف الموظفين وتطوير أنظمة مؤتمتة تقلل من البيروقراطية الفيدرالية.
ولهذا الغرض، قام فريق ماسك بجمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات الحكومية لتحديد العقود غير الضرورية والوظائف التي يمكن استبدالها بأنظمة الذكاء الاصطناعي.
وتشير تقارير إلى أن الوكالات الفيدرالية قد تواجه تخفيضات تصل إلى 60% من حجمها الحالي.
مخاوف قانونية واعتراضات
أثارت خطة ماسك موجة من القلق داخل الأوساط الأكاديمية والسياسية، إذ أكد خبراء أن الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي قد يؤثر على الدقة والخصوصية، كما أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تزال تقدم معلومات غير صحيحة في بعض الحالات.
وقد واجهت الخطة طعونًا قضائية، حيث أصدر قاضٍ فيدرالي قرارًا يمنع مؤقتًا فريق ماسك من الوصول إلى الأنظمة الحكومية المستخدمة في معالجة تريليونات الدولارات من المدفوعات، كما تم حظر العروض الجماعية للاستقالات بعد طعن من نقابات الموظفين.
تحذيرات من تداعيات إلغاء الوظائف
أثارت هذه التخفيضات مخاوف بين المدافعين عن التعليم، حيث أشار البعض إلى أنها قد تؤثر سلبًا على مستوى الشفافية والمساءلة في النظام التعليمي الأمريكي.
وقالت راشيل دينكس، مديرة تحالف المعرفة للأبحاث التعليمية، إن إلغاء مكتب الأبحاث المستقل الوحيد في الوزارة يعد قرارًا كارثيًا، وأضافت: "لا يمكن تحسين نتائج الطلاب بدون وجود بيانات دقيقة وأبحاث علمية".
أما السيناتور الديمقراطية باتي موراي، التي كانت معلمة سابقة وعضوًا في لجنة التعليم بمجلس الشيوخ، فقد تعهدت بـ"دق ناقوس الخطر" لمواجهة هذه التخفيضات.
هل تنجح رؤية ماسك؟
على الرغم من الانتقادات، يرى البعض أن خطة ماسك تمثل مستقبلًا جديدًا للإدارة الحكومية، حيث يتم إحلال التكنولوجيا بدلًا من الموظفين التقليديين. لكن يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل الموظفين البشريين دون التأثير على جودة الخدمات الحكومية؟
الإجابة ستعتمد على مدى قدرة الإدارة الأمريكية على تحقيق توازن بين التحديث التكنولوجي وحماية حقوق الموظفين والمواطنين، خاصة في قطاع حيوي مثل التعليم.