عامان على زلزال تركيا.. جهود متواصلة للإعمار ومخاوف من المخاطر الصحية
عامان على زلزال تركيا.. جهود متواصلة للإعمار ومخاوف من المخاطر الصحية
لا تزال مدينة أنطاكيا التاريخية تعاني من تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في فبراير 2023، رغم مرور عامين على الكارثة التي أودت بحياة أكثر من 53 ألف شخص.
وسط المدينة لا يزال ركام المباني جاثماً، فيما تظل المناطق الصالحة للمعيشة نادرة، ما يعكس حجم الدمار المستمر رغم جهود إعادة الإعمار، وفق وكالة "أسوشيتد برس".
تحولت أنطاكيا إلى أكبر ورشة بناء، حيث تتواصل عمليات إعادة التشييد في محاولة لإصلاح ما دمره الزلزال. ووفقاً لمكتب حاكم الولاية، يجري بناء 64 ألف وحدة سكنية في إطار خطط الإعمار الجارية.
ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جهود البناء في الولايات الـ11 المتضررة بأنها "أكبر موقع تشييد على وجه الأرض"، مشيراً إلى مشاركة 160 ألف عامل في هذه العمليات حتى أكتوبر 2024.
مخاطر صحية متزايدة بسبب التلوث
ورغم جهود الإعمار، حذر الخبراء من المخاطر الصحية الناجمة عن عمليات البناء، وأوضح محمد زنشير، الأمين العام للجمعية الطبية التركية، أن مستويات التلوث الناجم عن الأتربة في أنطاكيا ومناطق أخرى مرتفعة للغاية، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، السرطان، وأمراض الأوعية الدموية.
وأكد زنشير، أن عدد الأشخاص الذين يعانون من مشكلات تنفسية ارتفع بشكل كبير، محذراً من أن السكان الذين يعانون من أمراض مزمنة قد يواجهون صعوبات أكبر بسبب تلوث الهواء المتزايد.
ندوب نفسية وصدمات متفاقمة
لم تقتصر آثار الزلزال على الأضرار المادية والصحية، بل خلف أيضاً آثاراً نفسية عميقة بين السكان، فالكثيرون ممن علقوا تحت الأنقاض لأيام، يعانون الآن من صدمات نفسية شديدة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الأفكار الانتحارية وتعاطي المخدرات.
ووفقاً لدراسة أجرتها عالمة النفس أليف أوزباكان، من مركز معالجة الصدمات في أنطاكيا، أصبحت محاولات الانتحار أكثر شيوعاً، فيما زادت حالات تعاطي المخدرات بشكل كبير نتيجة الإجهاد النفسي والعزلة الاجتماعية.
وإلى جانب الأزمات الصحية والنفسية، تعاني الأسر المتضررة من تدهور العلاقات الاجتماعية.
وأشارت أوزباكان إلى أن الأسر التي تعيش في حاويات مؤقتة تعاني من ضغوط نفسية هائلة، حيث يفتقر الأزواج والأطفال إلى مساحات للراحة والاسترخاء، مما يزيد من حدة التوترات العائلية ويؤثر سلباً على الصحة النفسية.
واقع معقد ومستقبل مجهول
رغم مرور عامين على الكارثة، لا تزال أنطاكيا تئن تحت وطأة الدمار، حيث تتشابك تحديات إعادة الإعمار، والتلوث، والأزمات النفسية والاجتماعية.
ومع استمرار هذه الصعوبات، يترقب سكان المدينة إجراءات أكثر فاعلية من الحكومة التركية، لضمان توفير بيئة آمنة وصحية لهم وسط هذه التحولات الكبرى.