«تسييا».. 938 شركة تقود التحول نحو الاقتصاد الدائري في الصين
«تسييا».. 938 شركة تقود التحول نحو الاقتصاد الدائري في الصين
شهد العالم تحولاً متسارعاً نحو الاقتصاد الدائري، وهو نموذج اقتصادي يهدف إلى تقليل الهدر والاستفادة القصوى من الموارد من خلال إعادة التدوير وإعادة الاستخدام.
وفي هذا السياق، برزت الصين كأحد الدول الرائدة في هذا المجال، حيث طورت استراتيجيات متقدمة لتحويل النفايات إلى موارد قابلة للاستغلال الصناعي.
ووفقا لتقرير نشرته وكالة "شينخوا"، اليوم الخميس، تُعد منطقة "تسييا" للتنمية الاقتصادية في بلدية تيانجين بشمالي الصين مثالاً بارزاً على هذا التحول، إذ تحولت خلال العقود الماضية إلى مركز وطني لإعادة التدوير وابتكار الحلول المستدامة.
تضم المنطقة أكثر من 900 شركة متخصصة في معالجة النفايات وتحويلها إلى مواد خام تُستخدم في مختلف الصناعات، ما جعلها نموذجاً يُحتذى في تطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري.
منصة رقمية لإعادة التدوير
أطلقت شركة "سينون"، إحدى الشركات الرائدة في المنطقة، منصة رقمية متطورة تُعرض من خلالها بيانات عمليات إعادة التدوير في الوقت الحقيقي على مستوى البلاد، وتتيح هذه المنصة للشركات متابعة سلسلة إعادة التدوير، بدءاً من جمع النفايات وصولاً إلى إعادة استخدامها في قطاعات صناعية مختلفة.
انضمت أكثر من 18 ألف شركة إلى هذه المنصة السحابية، ما أسهم في إعادة تدوير أربعة ملايين طن من السلع سنوياً خلال السنوات الثلاث الماضية، وبلغ إجمالي حجم التداول عبر المنصة نحو 88 مليار يوان (12 مليار دولار أمريكي)، وفقاً لما أعلنته الشركة.
واعتمدت منطقة "تسييا" تقنيات متقدمة لتسريع عمليات إعادة التدوير، حيث بات بإمكان الشركات تفكيك المركبات خلال 15 دقيقة فقط، ما يسمح بإعادة استخدام أجزائها المختلفة في قطاعات صناعية متعددة.
وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، قادت المنطقة جهود الابتكار في الاقتصاد الدائري بالصين، متجاوزة مرحلة تفكيك الموارد المتجددة لتتحول إلى مركز صناعي متكامل يشمل مجالات الطاقة الجديدة، والمواد المتقدمة، والمركبات الكهربائية، والمعدات العاملة بالطاقة النظيفة.
دعم حكومي يعزز النمو
أكد تشانغ يان جيانغ، المدير العام لمجموعة "تسييا" للتنمية الاقتصادية، أن التحول الذي شهدته المنطقة أسس لما يُعرف بـ"نموذج تسييا" للاقتصاد الدائري في الصين، وهو نموذج يُركز على استدامة الموارد وتحقيق النمو الاقتصادي من خلال إعادة التدوير.
وأشار تشانغ إلى أن خطة العمل التي أعلنها مجلس الدولة في مارس 2024، والتي تهدف إلى تحديث المعدات على نطاق واسع واستبدال السلع الاستهلاكية القديمة بأخرى جديدة، تُعد دفعة قوية لنمو قطاع إعادة التدوير في المنطقة.
ووفقاً للخطة، من المتوقع أن يتضاعف تقريباً عدد السيارات الخردة المعاد تدويرها في الصين بحلول عام 2027 مقارنة بعام 2023، كما يُتوقع أن تزيد نسبة إعادة تدوير الأجهزة المنزلية القديمة بنسبة 30% خلال الفترة نفسها.
أرقام قياسية في إعادة التدوير
سجلت الصين في عام 2024 رقماً قياسياً في إعادة تدوير السيارات الخردة، إذ أعادت تدوير 8.46 مليون سيارة، بزيادة بلغت 64% على أساس سنوي، كما ارتفعت نسبة المواد المعاد تدويرها في إجمالي إمدادات الموارد، ما يعكس نجاح السياسات الحكومية في تعزيز الاقتصاد الدائري.
وضع حي جينغهاي، الذي يضم منطقة "تسييا"، خطة متكاملة تهدف إلى تعزيز الصناعة وتحسين جودة المنتجات، إضافة إلى دعم الشركات الرائدة وتوسيع سلاسل الإنتاج وتحديد معايير صناعية جديدة لضمان كفاءة عمليات إعادة التدوير.
واستضافت منطقة "تسييا" 938 شركة متخصصة في إعادة التدوير، وحققت هذه الشركات مجتمعةً إيرادات تجاوزت 17 مليار يوان في عام 2024، ومنذ عام 2007، نجحت المنطقة في معالجة عشرات الملايين من الأطنان من الموارد المعاد تدويرها سنوياً، بما في ذلك 1.5 مليون طن من النحاس والألمنيوم.
وأسهمت المنطقة في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 20 مليون طن، وهو ما يعادل توفير 40 مليون طن من الفحم القياسي، ما يعكس دور الاقتصاد الدائري في تحقيق الاستدامة البيئية وتقليل الأثر الكربوني للصناعات الثقيلة.
رؤية مستقبلية للتوسع
وضعت منطقة "تسييا" أهدافاً طموحة لمواصلة ريادتها في الاقتصاد الدائري، حيث تسعى خلال السنوات الخمس المقبلة إلى جذب 35 سلسلة صناعية متكاملة على الأقل، ما يعزز قدرتها على تحقيق استدامة الموارد وتحفيز النمو الاقتصادي من خلال حلول مبتكرة لإعادة التدوير.