وقود لإشعال الكراهية.. أزمات تواجه المهاجرين في الحصول على سكن لائق

وقود لإشعال الكراهية.. أزمات تواجه المهاجرين في الحصول على سكن لائق
مهاجرون في باريس لا يجدون مأوى

يعاني المهاجرون من ظروف سكن أسوأ مقارنة بالمواطنين، إذ إنهم ضحايا السياسات التمييزية المعادية للمهاجرين وللعنصرية وكراهية الأجانب التي تدفعهم دفعا متواصلا إلى هوامش المجتمع، حيث تنتشر الروايات السياسية والشعبية التي تجعل من المهاجرين كبش فداء يُعزى إليه تفاقم أزمة السكن العالمية، على خلاف الحقيقة.

جاء ذلك في تقرير المقرر الخاص المعني بالسكن اللائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب، وبالحق في عدم التمييز في هذا السياق، بالاكريشنان راجا جوبال، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ58 التي تتواصل فعالياتها حتى 4 أبريل المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.

وقال المقرر الخاص إن المهاجرين يعانون من ظروف معيشية شديدة التقلب، مثل الإقامة في مخيمات غير رسمية ومستوطنات مؤقتة وغابات وحقول ومبانٍ مهجورة ومحطات قطار وغيرها من الأماكن العامة، وتتسم هذه الأماكن بمحدودية فرص الحصول فيها على الغذاء ومياه الشرب الآمنة والصرف الصحي والرعاية الصحية وفرص كسب العيش.

وتتحول مخيمات اللاجئين التي أنشئت في البداية لتكون بمثابة حلول مؤقتة إلى أماكن إقامة طويلة الأمد في أغلب الأحيان مع استطالة أمد النزوح، فثلثا اللاجئين في جميع أنحاء العالم قد نزحوا منذ أكثر من خمس سنوات. 

وعلى الرغم من الأحكام الواردة في اتفاقية عام 1951 التي تمنح حرية التنقل للاجئين، يعيش زهاء 22 في المئة منهم في مخيمات يخضعون فيها في كثير من الأحيان لقيود شديدة على تحركاتهم، مثل منعهم من مغادرة المخيم، أو الاضطرار إلى تقديم طلب إداري لذلك الغرض.

وفي إثيوبيا، يقيم معظم اللاجئين الذين يزيد عددهم على 900 ألف شخص في مخيمات على الرغم من أن السياسات الحكومية المتخذة في الآونة الأخيرة أتاحت خيارات الخروج من المخيمات، فمكّنت مزيدا من اللاجئين من الانتقال إلى بلدات ومدن.

ويعاني اللاجئون في مخيم العيسايطة الذين يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية من قصور في المأوى المناسب وفرص العمل، فضلا عن الجوع.

وفي الأردن الذي يستضيف أكثر من 600 ألف لاجئ سوري، يعيش سكان مخيم الزعتري في مأوى غير ملائم ويعانون من حركة محدودة ومن قصور الرعاية الصحية والغذاء.

وقال المقرر الخاص إنه من المشين أن تسعى جامعات في شمال العالم إلى طرد طلاب من السكن الجامعي كإجراء عقابي بسبب احتجاجهم على حرب الإبادة الجماعية المستمرة في غزة وعلى تواطؤ جامعاتهم من خلال أوقافها.

ويعاني المهاجرون من التشرد بمعدلات مرتفعة ارتفاعا غير متناسب، ويشمل ذلك التشرد في الشوارع. وبالإضافة إلى ذلك، كثيرا ما يواجه المهاجرون التمييز عندما يحاولون الوصول إلى ملاجئ الطوارئ أو ملاجئ المشردين، وهم قد يفتقرون إلى إمكانية الحصول على المعلومات عن هذه الملاجئ بسبب الحواجز اللغوية والافتقار إلى الشبكات الاجتماعية، فيزداد وضعهم المحفوف بالمخاطر تعقيدا. 

وكثيرا ما يعيش المهاجرون في ظروف غير آمنة وخطرة في مساكن غير رسمية، فيتعرضون لمخاطر شديدة.. ومن الأمثلة المأساوية على ذلك ما حدث في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، حيث اندلع حريق مدمر في مبنى مهمل مكون من خمسة طوابق أسفر عن مقتل 76 شخصا على الأقل من أصل قرابة 400 شخص من السكان، كان العديد منهم مهاجرين.

ولا تزال بلدان عديدة تعتمد اعتمادا شديدا على احتجاز المهاجرين، وغالبا ما يكون ذلك تحت مسميات مضللة مثل النقاط الساخنة في اليونان وإيطاليا أو ملاجئ السن الغضة في الولايات المتحدة، وفي كثير من الأحيان، يفتقر الأشخاص المحتجزون في مراكز احتجاز المهاجرين إلى القدرة على الطعن في قانونية احتجازهم، وقد يحدث الاحتجاز دون تحديد مدة زمنية واضحة. 

وغالبا ما يشار إلى المهاجرين، سواء أكانوا لاجئين، أو طالبي لجوء، أو مهاجرين لأسباب اقتصادية أو تتعلق بالعمل بشكل جماعي على أنهم أجانب أو أسوأ من ذلك، وكثيرا ما يلقى عليهم اللوم من قبل السياسيين وفي الثقافة العامة لتدهور ظروف السكن في بلدان المقصد.. وكثيرا ما يستغل السياسيون هذه الروايات لتحقيق مكاسب سياسية استغلالا يغذي الخطاب المعادي للمهاجرين واللاجئين ويؤثر في القوانين والسياسات على الصعد الإقليمية والوطنية والمحلية.

وأسهم هذا الخطاب في ازدياد خطاب الكراهية وجرائم الكراهية ضد المهاجرين ازدياداً ملحوظا أثر سلبا في حقهم في السكن، فعلى سبيل المثال، رغم أن كندا من المدافعين على الصعيد العالمي عن سرديات الهجرة المتوازنة، ألقى بعض السياسيين باللوم على المهاجرين بشأن أزمة السكن في البلاد التي يقال إنها غذت جرائم الكراهية ضد الأقليات الظاهرة للعيان.

ووصف سياسيون بارزون من الهند المهاجرين من بنغلاديش بتعبير النمل الأبيض، فأسهمت هذه اللغة في إيجاد مناخ مواتٍ لخطاب الكراهية والهجمات الغوغائية وعمليات السحل وهدم المنازل عقابا وغياب القانون بوجه عام ضد الأقليات المسلمة في الهند.

وفي بعض البلدان، ومن بينها مملكة هولندا والولايات المتحدة الأمريكية، استخدم سياسيون بارزون الخطاب المناهض للمهاجرين للفوز في الانتخابات التي كثيراً ما تتحول إلى حملات تركز على كيفية معالجة أزمات السكن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية