محققون بريطانيون يستمعون للناجين من حادث غرق مهاجرين بالمانش عام 2021

محققون بريطانيون يستمعون للناجين من حادث غرق مهاجرين بالمانش عام 2021
قارب هجرة غير شرعية- أرشيف

بدأت في العاصمة البريطانية لندن جلسات استماع لجنة التحقيق في حادثة غرق قارب مهاجرين في بحر المانش، والتي تُعد الأسوأ من نوعها خلال السنوات الأخيرة. 

وأسفر الحادث الذي وقع في 24 نوفمبر 2021 عن وفاة 31 مهاجراً، بينما لا يزال أربعة آخرون في عداد المفقودين، وفق موقع "مهاجر نيوز". 

وتُعقد الجلسات التي بدأت الاثنين، على مدى ثلاثة إلى أربعة أسابيع، حيث يدلي الناجون والشهود بشهاداتهم حول ملابسات الكارثة.

شهادة الناجين وتفاصيل المأساة

وفي اليوم الثاني من التحقيقات، استمعت اللجنة إلى عيسى محمد عمر، أحد الناجيين الوحيدين من الحادث، والذي اتهم فرق الإنقاذ بالتقاعس عن أداء مهامها بسبب هوية الضحايا كلاجئين

وقال عمر، وهو صومالي يبلغ من العمر 31 عاماً، إنه غادر بلاده عام 2006 بسبب الحرب، وانتقل إلى اليمن حيث واجه العنف مجدداً، قبل أن يحاول عبور القنال الإنجليزي. 

وأوضح أن المهاجرين أطلقوا نداءات استغاثة متكررة، لكن المساعدة لم تصل في الوقت المناسب، مشيراً إلى أن "نصف الضحايا على الأقل كان يمكن إنقاذهم لو تم التدخل بسرعة".

وأكد عمر أن القارب كان يحمل عدداً أكبر من 33 شخصاً، وهو الرقم الذي نقلته مصادر عدة. 

وقال إن الأطفال لم يُحتسبوا في العدد الرسمي، موضحاً أن القارب كان مكتظاً للغاية، حيث جلس 14 بالغاً على كل جانب، بينما تمركزت العائلات مع أطفالها في المنتصف.

إخفاقات فرق الإنقاذ

وكشفت التحقيقات القانونية ووسائل إعلامية عدة عن إخفاقات خطيرة في عمليات الإنقاذ، حيث تبيَّن أن السلطات الفرنسية لم تتدخل رغم نداءات الاستغاثة المتكررة، في حين انتظرت فرق الإنقاذ الفرنسية عبور القارب إلى المياه البريطانية قبل اتخاذ أي إجراء. 

وأفادت صحيفة "لوموند" بأن قارب الدورية التابع للبحرية الفرنسية لم يكن يراقب ترددات الاستغاثة الدولية، كما تجاهل أربع رسائل تنبيه أطلقها البريطانيون لمطالبة جميع السفن في المنطقة بمساعدة القارب.

ويتقاطع هذا مع شهادة الناجي الصومالي، الذي ذكر أن سفينة تابعة لخفر السواحل الفرنسي تبعت القارب المنكوب لمدة ساعة ونصف الساعة دون التدخل، كما أشار إلى أن نداءات الاستغاثة التي وجهت إلى فرق الطوارئ البريطانية لم تلقَ أي استجابة.

توتر بين لندن وباريس

وفي جلسة الاستماع، حمَّل محامي الوكالة البحرية وخفر السواحل البريطاني، جيمس ماكسويل سكوت، الجانب الفرنسي مسؤولية التأخير في تبادل المعلومات، مؤكداً أنه "لو تصرفت السلطات الفرنسية بشكل مختلف، لكان من الممكن أن تتطور الأحداث بطريقة أخرى".

وتتركز التحقيقات الجارية في بريطانيا على دور السلطات المحلية في الحادثة، ومن المتوقع أن تصدر اللجنة توصيات بشأن تحسين إجراءات الإنقاذ. 

يأتي ذلك بالتوازي مع التحقيقات الجنائية الجارية في فرنسا، حيث وُجِّهت اتهامات لسبعة جنود بالفشل في مساعدة أشخاص في حالة خطر، بالإضافة إلى محاكمة 11 شخصاً بتهمة تهريب المهاجرين.

نداءات لتحقيق العدالة

في جلسة استماع أخرى، كشف عيسى محمد عمر عن تفاصيل مرعبة للحظات الأخيرة قبل غرق القارب، موضحاً أن المهاجرين استخدموا هواتفهم كمصابيح لمحاولة جذب انتباه فرق الإنقاذ، بينما دوَّت صرخات الأطفال في الظلام. 

وتحدث عن امرأة اتصلت بزوجها لتوديعه قبل أن تغرق، وأكد أن المهربين ضللوا المهاجرين بإخبارهم أنهم على بُعد كيلومترين أو ثلاثة فقط من مدينة دوفر البريطانية.

وروى عمر كيف بقي متشبثاً بحطام القارب لمدة تجاوزت عشر ساعات في المياه الباردة، حتى أنقذه صيادون فرنسيون، لكنه استيقظ لاحقاً في المستشفى، حيث استغرق شفاؤه أربعة أشهر. 

وشدد على أنه قرر الإدلاء بشهادته لتحقيق "العدالة" ولإيصال "صوت" المهاجرين الذين لقوا حتفهم في البحر.

ضحايا الهجرة عبر المانش

وتأتي هذه التحقيقات في وقت تشهد فيه عمليات الهجرة عبر بحر المانش ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الضحايا. 

وأعلنت السلطات الفرنسية أن 78 مهاجراً لقوا مصرعهم خلال محاولتهم عبور القناة إلى بريطانيا في عام 2024، وهو أعلى رقم منذ بدء موجة القوارب الصغيرة في 2018، كما لقي خمسة مهاجرين آخرين حتفهم منذ بداية العام الجاري.

وتسعى منظمات حقوقية، مثل الجمعية الإنسانية "يوتوبيا 56"، إلى تسليط الضوء على أوجه القصور في عمليات الإنقاذ، حيث أكد محامي الجمعية، ميتر داوود، أن هذه الجلسات "ستمكن من كشف الحقيقة بوضوح وتسليط الضوء على نقص الموارد البشرية والمادية الذي يؤدي إلى هذه المآسي المتكررة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية