«فرانس برس»: تعزيزات أمنية في غرب سوريا بعد مقتل نحو 700 مدني
«فرانس برس»: تعزيزات أمنية في غرب سوريا بعد مقتل نحو 700 مدني
أعلنت السلطات السورية، أمس السبت، الدفع بتعزيزات عسكرية إلى منطقة الساحل السوري، وفرض السيطرة على المناطق التي شهدت مواجهات دموية، أسفرت عن مقتل أكثر من 700 مدني من الطائفة العلوية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وشهدت المنطقة الساحلية، منذ يوم الخميس الماضي، عمليات قتل واشتباكات عنيفة بين قوات الأمن ومجموعات موالية للرئيس المخلوع بشار الأسد، في أعنف موجة مواجهات منذ الإطاحة به في ديسمبر الماضي، وفق وكالة “فرانس برس”.
وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 745 مدنيًا علويًا قُتلوا في مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية، على يد قوات الأمن ومجموعات رديفة، منذ اندلاع العنف يوم الخميس.
وأكد المرصد أن الحصيلة الإجمالية للقتلى تجاوزت 1018 شخصًا، من بينهم 273 عنصرًا من قوات الأمن ومسلحين موالين للأسد، مشيرًا إلى أن الأحداث ترافقت مع "عمليات تصفية على أساس طائفي ومناطقي، وإعدامات ميدانية، ونهب واسع للمنازل والممتلكات".
إدانات دولية ودعوات للتحقيق
ونددت فرنسا، أمس السبت، بما وصفته "التجاوزات التي استهدفت مدنيين على خلفية طائفية وسجناء"، داعية السلطات السورية الانتقالية إلى إجراء تحقيقات مستقلة لكشف ملابسات الجرائم وإحالة المسؤولين عنها إلى العدالة.
وأصدرت الكنائس السورية بيانًا مشتركًا أدانت فيه "المجازر التي تستهدف المواطنين الأبرياء"، مطالبة بوضع حدّ لهذه الأعمال المروعة.
شهادات الناجين
روى سمير حيدر (67 عامًا)، من سكان بانياس، كيف فقد شقيقيه وابن أحدهما على يد مجموعات مسلحة تضمنت "عناصر أجنبية"، مؤكدًا أن القتلة أطلقوا النار عليهم مع رجال آخرين.
وقال حيدر، الذي قضى أكثر من عقد من حياته في سجون النظام السابق، إنه تمكن من الفرار في اللحظة الأخيرة إلى حي سني داخل المدينة، وأضاف في اتصال مع فرانس برس: "لو تأخرت خمس دقائق لكنت في عداد الموتى.. أنقذنا الحظ في الدقائق الأخيرة".
تشديد الإجراءات الأمنية
دفعت السلطات بتعزيزات عسكرية وأمنية مكثفة إلى مدن بانياس واللاذقية وجبلة، بهدف "ضبط الأمن وإعادة الاستقرار"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سانا".
وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع، حسن عبد الغني، أن قوات الأمن أعادت فرض السيطرة على المناطق التي شهدت "اعتداءات غادرة ضد رجال الأمن العام".
ودعا عبد الغني، في تصريح مصور عبر "سانا"، جميع الوحدات الميدانية إلى "الالتزام الصارم بتعليمات القيادة العسكرية"، ومنع التعرض لأي شخص داخل منزله إلا وفق الأوامر الصادرة عن الضباط المختصين".
استمرار الاشتباكات
أظهرت مشاهد بثتها وسائل الإعلام الرسمية دخول قوافل عسكرية إلى مدينة بانياس في محافظة طرطوس، فيما أعلنت وزارة الدفاع عن مقتل عنصر أمن وإصابة اثنين آخرين في كمين نصبه مقاتلون موالون للأسد في منطقة اللاذقية.
وأعلن وزير التربية السوري، نذير القادري، إغلاق المدارس في اللاذقية وطرطوس يومَي الأحد والاثنين، بسبب التوترات الأمنية.
وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر باحترام أرواح المدنيين، والسماح لفرق الإسعاف والعاملين في المجال الإنساني بالوصول إلى المتضررين لتقديم المساعدة الطبية ونقل الجرحى والجثامين.
وحث مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، السبت، جميع الأطراف على وقف الأعمال العدائية فورًا، وتجنب استهداف المدنيين.
بداية الاشتباكات
اندلع التوتر يوم الخميس في قرية ذات غالبية علوية بريف اللاذقية، بعد أن أوقفت قوات الأمن أحد المطلوبين، ما أدى إلى اشتباكات عنيفة مع مسلحين موالين للأسد.
وأعلنت السلطات أنها تواجه "مجموعات مرتبطة بسهيل الحسن"، أحد أبرز ضباط الجيش السوري السابق، الذي يُعتقد أنه يُنسق تحركات المقاومة العلوية ضد القوات الحكومية.
ودفعت قوات الأمن بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى الساحل السوري، وفرضت حظر تجول في المناطق الملتهبة، كما أحبطت محاولة للهجوم على المستشفى الوطني في اللاذقية، فجر السبت.
وأكد مصدر في وزارة الدفاع السورية أنه تم إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل، لمنع الفوضى، وضبط الوضع الأمني.
الشرع يحذر المسلحين
وجه الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، رسالة إلى المسلحين العلويين، دعاهم فيها إلى تسليم أنفسهم فورًا "قبل فوات الأوان".
وانتشرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن عمليات قتل طالت عائلات بأكملها، حيث كتبت إحدى الناشطات أن والدتها وأشقاءها "ذُبحوا جميعًا داخل منزلهم".
وشارك ناشطون مقاطع فيديو تظهر عشرات الجثث بملابس مدنية مكدسة في باحات المنازل، بعضها مغطى بدماء، وسط صراخ وعويل النساء.
وأظهر مقطع آخر عناصر عسكريين يأمرون ثلاثة أشخاص بالزحف على الأرض، قبل أن يطلقوا عليهم النار من مسافة قريبة، في حين وثّق مقطع ثالث إعدام شاب مدني على مدخل أحد المباني برصاص مباشر في الرأس.
حملات أمنية متواصلة
نفذت السلطات السورية الجديدة حملات أمنية واسعة لملاحقة أنصار الأسد منذ سقوطه، حيث استهدفت عمليات في وسط البلاد وغربها، ما أدى إلى اشتباكات عنيفة وعمليات إطلاق نار متكررة.
اتهمت السلطات المسلحين الموالين للأسد بتنفيذ عمليات اغتيال واستهداف أمني، في محاولة لزعزعة الاستقرار، مؤكدة أن كل من يثبت تورطه في أعمال عنف أو تجاوزات سيخضع للمحاكمة العسكرية.
تواصلت المنظمات الحقوقية في المنطقة مع الهيئات الدولية، مطالبة بتحقيق مستقل في الأحداث، وتوثيق الجرائم التي ارتُكبت خلال الأيام الأخيرة، في وقت تظل فيه الأوضاع الأمنية في الساحل السوري مرشحة لمزيد من التصعيد.