بأوامر ترامب.. محمود خليل صوت فلسطيني اعتقلته أمريكا لدعمه غزة
بأوامر ترامب.. محمود خليل صوت فلسطيني اعتقلته أمريكا لدعمه غزة
أصبح اسم محمود خليل، الناشط الفلسطيني وطالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا، لامعًا في المشهد السياسي والاجتماعي في الولايات المتحدة، خاصة في ظل تصاعد التوترات حول القضية الفلسطينية وحقوق الإنسان المتعلقة بها، ولا سيما الحق في إبداء الرأي والتعبير.
خليل الذي يُعد صوتًا بارزًا للحركة المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي، يواجه الآن تحديات قانونية وسياسية كبيرة، بعد اعتقاله من قبل السلطات الفيدرالية الأمريكية، وهو ما أثار جدلاً واسعًا حول حرية التعبير وحقوق المهاجرين في الولايات المتحدة.
وُلد محمود خليل في سوريا لعائلة فلسطينية هُجِّرت قسرًا من مدينة طبريا في فلسطين التاريخية خلال حرب 1948، التي يُطلق عليها الفلسطينيون اسم "النكبة" طبريا، المدينة التي كانت -ذات يوم- موطنًا لليهود والعرب على حد سواء، أصبحت جزءًا من إسرائيل بعد الحرب، ما أدى إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين.
نشأة خليل
نشأ الطالب الفلسطيني محمود خليل في سوريا لاجئًا، حيث عاش تجربة اللجوء بكل ما تحمله من تحديات اقتصادية واجتماعية.
رغم الظروف الصعبة، تمكّن خليل من تحقيق نجاحات أكاديمية مبكرة، فقد حصل على درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر من الجامعة اللبنانية الأمريكية، وهي خطوة مكنته من بناء أساس قوي لمستقبله المهني.
بعد التخرج، عمل في مجال التنمية الدولية، حيث شغل مناصب في مؤسسات مرموقة، منها مكتب الخارجية والكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة. هذه التجربة المهنية وسّعت آفاقه وأكسبته مهارات في التفاوض والقيادة، وهي مهارات ستفيده لاحقًا في نشاطه الطلابي.
بداية فصل جديد
في عام 2023، قرر خليل مواصلة تعليمه العالي في الولايات المتحدة، حيث التحق بجامعة كولومبيا لدراسة الماجستير في الإدارة العامة بكلية الشؤون الدولية والعامة، اختياره هذا المجال يعكس رغبته في التأثير على السياسات العامة، والدفاع عن حقوق الإنسان على المستوى الدولي.
وفي جامعة كولومبيا، وجد خليل المنصة المثالية للتعبير عن آرائه ونشاطه، خاصة في ظل تاريخ الجامعة الطويل في احتضان الحركات الطلابية المناهضة للحرب والمنادية بالعدالة الاجتماعية.
مع اندلاع الصراع بين إسرائيل وحماس في أكتوبر 2023، أصبحت جامعة كولومبيا مركزًا للاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين.
وقاد خليل تحالفًا طلابيًا تحت مظلة "التخلص من الفبصل العنصري"، والذي طالب الجامعة بقطع علاقاتها المالية مع إسرائيل والضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة.
خلال هذه الفترة، برز خليل كواحد من أبرز المفاوضين الذين يمثلون المتظاهرين الطلاب في المحادثات مع إدارة الجامعة.
في مقابلة مع “CNN” في الربيع الماضي، قال خليل: "كوني طالبًا فلسطينيًّا، أعتقد أن تحرير الشعب الفلسطيني والشعب اليهودي مرتبطان ببعضهما، ولا يمكنك تحقيق أحدهما دون الآخر".
وأضاف: “تحركنا هو تحرك من أجل العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة للجميع” هذه الرؤية التي تجمع بين الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، ورفض معاداة السامية، جعلت خليل هدفًا للانتقادات من قبل بعض الجهات التي تتهمه بدعم حماس ومعاداة إسرائيل.
اعتقال خليل
السبت الماضي، اعتقلت السلطات الفيدرالية الأمريكية محمود خليل بعد أن ألغت إدارة ترامب بطاقته الخضراء (الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة).
ووفقًا لمحاميته، إيمي غرير، اعتُقل خليل في حين كانت زوجته -وهي مواطنة أمريكية- حاضرة، بالإضافة لكونها حُبلى في الشهر الثامن، وقد أثار الاعتقال موجة من الغضب والاستنكار بين الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وقالت غرير في بيان: "لقد اختير خليل مثالًا لخنق المعارضة القانونية، في انتهاك للتعديل الأول"، مشيرة إلى أن هدف الحكومة واضح بقدر ما هو غير قانوني، وأضافت أن خليل "بصحة جيدة، وروحه المعنوية لم تتأثر بما يجري".
من جهة أخرى، وصفت إدارة ترامب نشاط خليل بأنه "معاداة للسامية" ودعم لحماس.
وكتب الرئيس دونالد ترامب على منصة “Truth Social”.. "بعد أن وقعت أوامري التنفيذية، اعتقلت وكالة الهجرة واحتجزت محمود خليل، طالب أجنبي متطرف مؤيد لحماس في حرم جامعة كولومبيا".
وأضاف ترامب: "هذه أول عملية اعتقال وهناك الكثير على الطريق".
ردود الفعل والاحتجاجات
أثار اعتقال خليل موجة من الاحتجاجات في نيويورك وخارجها، تجمع المئات خارج مبنى "جيكوب ك" الفيدرالي في نيويورك، حيث يوجد مكتب ميداني لدائرة الهجرة، للاحتجاج على اعتقاله، وهم يهتفون: "نريد العدالة، تقولون: كيف؟ أطلقوا سراح محمود خليل الآن!".
كما وقع أكثر من 1.7 مليون شخص على عريضة تطالب بالإفراج الفوري عن خليل.
من ناحية أخرى، أشادت بعض الجهات، ومنها رابطة مكافحة التشهير، بإدارة ترامب لجهودها في "كبح معاداة السامية" في حرم الجامعات، ومع ذلك يرى كثيرون أن اعتقال خليل يمثل انتهاكًا لحرية التعبير وحقوق المهاجرين.
حرية التعبير وحقوق المهاجرين
قضية محمود خليل تثير أسئلة أوسع حول كيفية تعامل الولايات المتحدة مع النشطاء المؤيدين للفلسطينيين وحقوق المهاجرين، في وقت تدعي فيه الولايات المتحدة أنها حامية للحريات وحقوق الإنسان، فإن اعتقال خليل يُظهر التحديات التي يواجهها أولئك الذين يرفعون أصواتهم ضد الظلم.
خليل، الذي قال في مقابلة سابقة: "نحن محظوظون لأننا وصلنا إلى هنا للتحدث بالنيابة عن شعبنا الذي يتعرض للاضطهاد في فلسطين"، يمثل رمزًا للكفاح من أجل العدالة الاجتماعية والحرية.
ومع استمرار الجدل حول قضيته، يبقى محمود خليل مثالًا للناشطين الذين يرفضون الصمت في وجه الظلم، حتى في مواجهة التحديات القانونية والسياسية الكبيرة.
رمزية محمود خليل
قصة محمود خليل ليست مجرد حكاية لناشط فلسطيني يواجه الاعتقال والترحيل، بل هي قصة عن الصراع من أجل العدالة والحرية في عالم يزداد تعقيدًا، سواء كان يُنظر إليه بطلًا للقضية الفلسطينية أو هدفًا لانتقادات سياسية.
ويبقى خليل شخصية مثيرة للجدل، تذكرنا بأن الكفاح من أجل الحقوق الإنسانية لا يخلو من التحديات والأخطار.