غارات إسرائيلية مكثفة على لبنان وسط تصاعد التوترات
غارات إسرائيلية مكثفة على لبنان وسط تصاعد التوترات
استشهد ثمانية أشخاص، بينهم طفلة، السبت، جراء غارات جوية إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، وجاءت هذه الضربات ردًا على إطلاق صواريخ باتجاه شمال إسرائيل، في تصعيد خطير للأوضاع على الحدود بين البلدين.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في البداية تنفيذ ضربات محدودة ضد أهداف تابعة لحزب الله، قبل أن يوسع عملياته ويشن "سلسلة ثانية من الضربات ضد عشرات الأهداف"، بحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية.
نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على بلدة تولين، ما أدى إلى استشهاد 5 أشخاص، بينهم طفلة، وإصابة 11 آخرين، بينهم طفلان، كما طالت الغارات مدينة صور الساحلية، حيث لقي ثلاثة أشخاص مصرعهم وأصيب آخرون، وفق وزارة الصحة اللبنانية.
وأكد المنسق الإعلامي لوحدة إدارة الكوارث في صور، بلال قشمر، لوكالة فرانس برس أن "الغارة استهدفت شقة في مبنى سكني بحي الرمل"، وذكر مصدر عسكري أن أحد مسؤولي حزب الله كان هدفًا محتملًا للهجوم، لكنه لم يؤكد ما إذا كان من بين القتلى.
وفي شرق لبنان، تعرضت بلدة حوش السيد علي في الهرمل لغارة أسفرت عن إصابة 5 أشخاص بجروح، وفق الوكالة الوطنية للإعلام.
إسرائيل توعدت بالرد
أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، اعتراضه ثلاثة صواريخ أُطلقت من جنوب لبنان باتجاه الجليل، فيما أكد مسؤول إسرائيلي لاحقًا أن "ستة صواريخ أُطلقت، ثلاثة منها دخلت الأراضي الإسرائيلية وتم اعتراضها".
ونفى حزب الله أي مسؤولية له عن إطلاق الصواريخ، مؤكدًا في بيان أنه "ملتزم باتفاق وقف إطلاق النار ويقف خلف الدولة اللبنانية في معالجة التصعيد".
التوترات تزايدت رغم الهدنة
أوقف اتفاق لوقف إطلاق النار في 27 نوفمبر الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، والتي استمرت شهرين بعد اندلاع القتال في غزة، ورغم الاتهامات المتبادلة بحدوث انتهاكات للهدنة، أبقى الجيش الإسرائيلي قواته في خمسة مواقع استراتيجية على طول الحدود مع جنوب لبنان.
وتعهد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، برد "قوي" على الهجمات، مشددًا على أن "لبنان يتحمل مسؤولية احترام الاتفاق"، كما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن "الحكومة اللبنانية مسؤولة عن إطلاق الصواريخ من أراضيها"، وأصدر أوامر للجيش بالرد.
وقال كاتس: "وعدنا سكان الجليل بالأمن، وهذا ما سيحصل.. مصير المطلة هو نفسه مصير بيروت"، في إشارة إلى التصعيد المحتمل ضد لبنان.
تفكيك منصات إطلاق صواريخ
أعلن الجيش اللبناني، السبت، عن تفكيك ثلاث منصات صواريخ بدائية الصنع في منطقة شمال نهر الليطاني، بعد عمليات مسح وتفتيش عقب إطلاق الصواريخ.
وحذر رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، من خطورة تجدد العمليات العسكرية، مشددًا على أن الحكومة ستتخذ جميع الإجراءات الأمنية والعسكرية "لضمان أن الدولة وحدها تمتلك قرار الحرب والسلم".
ردود فعل دولية
أدان الرئيس اللبناني، جوزاف عون، التصعيد العسكري، مؤكدًا أن "ما يحدث في الجنوب هو اعتداء مستمر على لبنان وضرب لمشروع إنقاذ البلاد".
وأعربت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) عن "قلقها من تصعيد محتمل للعنف"، داعيةً جميع الأطراف إلى "تجنب تقويض التقدم المحرز نحو التهدئة".
وفي موقف داعم للبنان، دعا وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إلى "تحرك دولي فوري لوقف العدوان الإسرائيلي"، مؤكدًا أن الأردن "يقف بشكل كامل إلى جانب لبنان"، وشدد على ضرورة احترام القانون الدولي وقرار مجلس الأمن رقم 1701.
استمرار القتال في غزة
جاء هذا التوتر بعد أيام قليلة من استئناف إسرائيل هجماتها في غزة، ما أدى إلى مقتل القيادي في حماس، صلاح البردويل، وزوجته في غارة إسرائيلية استهدفت خيمة تؤوي نازحين في خانيونس، وفق ما أفاد مصدر قيادي في الحركة.
وأفاد سكان غزة، السبت، بأن "سبعة أشخاص استشهدوا في غارة على منزل عائلة المشهراوي، بينهم شقيقان وزوجتاهما وأطفالهما".
أزمة النازحين تفاقمت
عندما بدأ إطلاق الصواريخ من لبنان تضامنًا مع حماس في أكتوبر 2023، كان حزب الله لاعبًا رئيسيًا في الساحة السياسية اللبنانية، وتطور التصعيد لاحقًا إلى حرب مفتوحة، أدت إلى نزوح مليون شخص من جنوب لبنان، ما يزال 100 ألف منهم مشردين، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.
وفي إسرائيل، نزح 60 ألف شخص من شمال البلاد بسبب قصف حزب الله، ولم يعد سوى جزء صغير منهم، رغم سماح السلطات الإسرائيلية بعودتهم اعتبارًا من 1 مارس.
وسط هذا التصعيد العسكري المستمر، تتجه الأنظار إلى التطورات المقبلة، في ظل غياب أي مؤشرات على احتواء الموقف، ومع تصاعد المخاوف من اندلاع مواجهة أوسع بين إسرائيل وحزب الله، قد تمتد تداعياتها إلى المنطقة بأكملها.