انتحار مهاجر تونسي يثير الجدل حول «الترحيل القسري» من إيطاليا
انتحار مهاجر تونسي يثير الجدل حول «الترحيل القسري» من إيطاليا
في حادثة مأساوية لاقت تفاعلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، أقدم شاب تونسي يبلغ من العمر 25 عامًا على الانتحار في 19 مارس الماضي، داخل أحد مراكز الاحتجاز الإيطالية، وذلك بعد أن صدر قرار بترحيله إلى تونس.
ووقع هذا الحادث في وقت حساس، حيث تزايدت مؤخرًا عمليات ترحيل المهاجرين التونسيين إلى وطنهم في إطار سياسات أوروبية متشددة تجاه الهجرة غير النظامية، ما دفع إلى فتح نقاشات حول جدوى هذه السياسات ومدى احترام حقوق الإنسان فيها، بحسب ما ذكرت موقع "مهاجر نيوز"، الاثنين.
تعد هذه الحادثة جزءًا من اتفاقيات ثنائية بين تونس ودول أوروبية التي تسهل عمليات الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين، وقد أثار الحادث ردود فعل واسعة داخل تونس وخارجها، حيث تم تسليط الضوء على السياسات الأوروبية المتعلقة بالهجرة، خصوصًا في ظل تزايد عمليات الترحيل الجماعي التي تنفذها دول مثل إيطاليا وألمانيا.
وفي السياق، ذكر النائب السابق في البرلمان التونسي، مجدي الكرباعي، أن هذه الاتفاقيات الموقعة بين البلدين تثير تساؤلات حول إنسانيتها، معتبرًا أنها تقوم على أساس فرض ضغوط شديدة على المهاجرين وتعرضهم لمخاطر نفسية وجسدية.
إحصائيات متزايدة للترحيل
وفقًا لإحصائيات وزارة الداخلية الإيطالية، تم ترحيل 470 مهاجرًا تونسيًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، في إطار حملات ترحيل تشمل رحلات جوية تم تنظيمها خصيصًا لهذا الغرض.
وأظهرت الأرقام أن في عام 2023، من بين 106 رحلات جوية مستأجرة لإعادة المهاجرين إلى أوطانهم، كانت 70 رحلة مخصصة لإعادة التونسيين.
وأكدت التقارير أن نسبة كبيرة من المرحلين كانوا من الشباب، وبعضهم كان يعيش حياة شبه مستقرة في المجتمع الإيطالي قبل أن يُجبر على العودة.
تسريع عمليات الترحيل
منذ توقيع اتفاقية التعاون في مجال الهجرة بين تونس وإيطاليا في عام 2011، تسارعت عمليات الترحيل.
ووفقًا للتقارير، فإن السلطات الإيطالية تسعى إلى تنفيذ رحلتين جويتين أسبوعيًا لإعادة المهاجرين التونسيين، وهو ما أكده رئيس الجمهورية قيس سعيّد في تصريحات له، حيث نفى أن تكون هناك اتفاقيات جديدة بشأن الترحيل، مؤكدًا أن الاتفاقيات الموقعة سابقًا هي نتيجة ضغوطات خارجية.
وأثارت حالات الانتحار والتعرض لانتهاكات حقوقية خلال عمليات الاحتجاز ترحيل المهاجرين التونسيين من إيطاليا، حيث أشارت تقارير منظمة "Statewatch" و"EuroMed Rights" إلى الظروف القاسية في مراكز الاحتجاز الإيطالية.
وتضمنت هذه التقارير ممارسات تمييزية ضد المهاجرين، خصوصًا ضد الأشخاص الذين يعيشون في أوضاع هشة، بما في ذلك العائلات والأفراد الذين اندمجوا جزئيًا في المجتمع المضيف.
كما وثق التقرير تزايد حالات الاكتظاظ وسوء النظافة في مراكز الاحتجاز، مما أثر بشكل كبير على الصحة النفسية للمهاجرين.
دعوات لإلغاء الترحيل القسري
أدى الحادث الأخير إلى دق ناقوس الخطر حول السياسات القسرية التي تنتهجها بعض الدول الأوروبية تجاه المهاجرين غير النظاميين، ودعت منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى ضرورة مراجعة هذه السياسات والتوقف عن استخدام المهاجرين كأداة للضغط السياسي.
وتواصل المنظمات مطالبتها بإلغاء اتفاقيات الترحيل القسري، معتبرة أنها تشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان، وتؤدي إلى زيادة معاناة الفئات الأكثر ضعفًا من المهاجرين.
ولا يقتصر الترحيل القسري على العودة إلى تونس فقط، بل يتعدى ذلك ليشمل مشاكل اقتصادية واجتماعية في بلدانهم الأصلية، حيث يواجه العديد من المرحلين صعوبة في الاندماج مجددًا في المجتمع التونسي بسبب الظروف الاقتصادية المتدهورة والفرص المحدودة المتاحة لهم.