الأمم المتحدة: المجاعة والدمار والتهجير تهدد ملايين المدنيين السودانيين
الأمم المتحدة: المجاعة والدمار والتهجير تهدد ملايين المدنيين السودانيين
وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الوضع في السودان بأنه "أزمة مذهلة يدفع فيها المدنيون الثمن الأعلى"، وذلك بعد مرور عامين على اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
أدان غوتيريش في بيان له، يوم الاثنين، استمرار الغارات الجوية والقصف العشوائي الذي أودى بحياة المدنيين وتسبب في تشويه المئات، مشيرًا إلى أن الأسواق والمستشفيات والمدارس وحتى أماكن العبادة لم تسلم من الهجمات وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
معاناة إنسانية
أشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى تفشي العنف الجنسي في السودان، مؤكداً أن النساء والفتيات يتعرضن لانتهاكات مروعة في ظل حالة من الإفلات من العقاب، وأضاف أن المدنيين يعانون من انتهاكات جسيمة من جميع الأطراف المتحاربة، ما يزيد من فداحة المأساة اليومية.
وكشف غوتيريش أن السودان يشهد أكبر أزمة نزوح حالياً في العالم، إذ اضطر ما يقرب من 12 مليون شخص إلى ترك ديارهم، منهم أكثر من 3.8 مليون عبروا الحدود نحو دول الجوار، وسط غياب أي أفق لحل قريب.
أفاد غوتيريش بأن أكثر من 30 مليون سوداني بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، وأن أكثر من نصف سكان البلاد -أي نحو 25 مليون شخص- يعانون الجوع الحاد، وتوقع أن تتوسع رقعة المجاعة، التي ظهرت بالفعل في خمس مناطق، مع اقتراب موسم الجفاف.
استهداف العاملين بالمجال الإنساني
أعرب الأمين العام عن أسفه لمقتل 90 من العاملين في المجال الإنساني في السودان منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023، مؤكدًا أن استهداف فرق الإغاثة يعوق عمليات إيصال المساعدات إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها.
وتطرّق غوتيريش إلى الانهيار الكبير في الخدمات الأساسية، مشيرًا إلى أن أقل من ربع المنشآت الصحية لا تزال تعمل، في حين حُرم ملايين الأطفال من حقهم في التعليم، خصوصاً في المناطق الأكثر تضرراً من النزاع.
وأوضح الأمين العام أن الأمم المتحدة تمكنت من الوصول إلى أكثر من 15.6 مليون شخص خلال العام الماضي، إلا أن العمليات الإنسانية تواجه تحديات جسيمة نتيجة انعدام الأمن والعوائق البيروقراطية، إضافة إلى النقص الحاد في التمويل.
انتقد غوتيريش تجاهل الأطراف المتنازعة لحقوق المدنيين، رغم توقيعهم على إعلانات دولية، مثل إعلان جدة في مايو 2023، ودعا إلى تحويل هذه الالتزامات إلى أفعال ملموسة من خلال تحقيقات مستقلة وشفافة بشأن الانتهاكات.
أبدى غوتيريش قلقه العميق إزاء استمرار تدفق السلاح والمقاتلين إلى السودان، مشددًا على ضرورة وقف هذا التدفق الذي يطيل أمد الحرب. ودعا الأطراف المؤثرة إلى استخدام نفوذها للضغط من أجل السلام، بدلاً من تغذية الصراع.
جهود سياسية مطلوبة
طالب الأمين العام بتكثيف الجهود السياسية الشاملة والمنسقة لمنع مزيد من التفكك في السودان، داعيًا المجتمع الدولي إلى إيجاد آليات حقيقية تدعم الشعب السوداني في طريقه نحو عملية انتقالية عادلة ومستقرة.
أكد غوتيريش أن السودان سيظل على رأس أولويات الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن مبعوثه الشخصي رمطان لعمامرة سيواصل جهوده بالتعاون مع القادة الإقليميين والأطراف السودانية لدفع مسارات الوساطة وتعزيز فرص الحل السلمي.
اندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وأسفرت عن آلاف القتلى وملايين النازحين، إلى جانب انهيار شبه كامل في النظام الصحي والتعليمي والخدماتي.
وتواجه الجهود الدولية تحديات أمنية وسياسية متصاعدة في ظل تعثر مساعي التهدئة واستمرار تدفق الدعم العسكري للأطراف المتحاربة.