عواصف وفيضانات.. تغيّر المناخ يغرق ساو باولو في دوامة من الفوضى (صور)

عواصف وفيضانات.. تغيّر المناخ يغرق ساو باولو في دوامة من الفوضى (صور)
عواصف وفيضانات في البرازيل

تُواجه ساو باولو، العاصمة الاقتصادية للبرازيل، آثارًا متصاعدة للتغير المناخي مع توالي العواصف الرعدية والفيضانات، ما يعمّق من معاناة سكانها البالغ عددهم 12 مليون نسمة، ويكشف هشاشة البنية التحتية في وجه الظواهر الجوية المتطرفة التي باتت أكثر عنفًا وتكرارًا.

وأنقذت ثوانٍ معدودة كلًا من كريستيان أندرادي وزميلتها راكيل ناسيمينتو من كارثة حتمية، بعدما سقطت شجرة ضخمة على الزجاج الأمامي لسيارتهما بفعل عاصفة مباغتة، مما استدعى تدخّل عناصر الإطفاء لإخراجهما. 

وتصف أندرادي تلك اللحظة قائلة: "كانت لحظة ذعر حقيقية.. في لحظة، تحوّل كل شيء إلى كابوس"، أما ناسيمينتو فتلخص مأساة المدينة بقولها: “في ساو باولو، قد يكون الطقس جميلاً، وفجأة تصبح السماء سوداء، ولا تعلم ماذا سيحدث بعدها”.

عواصف وفيضانات في البرازيل

مناخ شبه استوائي

يُحمّل العلماء مسؤولية هذا الانقلاب المناخي للتغير المناخي الناتج عن الاحتباس الحراري والتوسع العمراني غير المنضبط. ويوضح سيزار سواريس، عالم الأرصاد في مركز "كليمتامبو"، أن مناخ المدينة أصبح أشبه بالمناخ شبه الاستوائي، بعد أن كان أقرب إلى مناخ لندن المعروف بالرذاذ الخفيف.

وبحسب بيانات المعهد الوطني للأرصاد الجوية (INMET)، شهدت ساو باولو 10 موجات مطرية تجاوزت فيها كميات الأمطار 100 ملم في يوم واحد خلال العقدين الماضيين، وهو ما يمثل ضعف عدد تلك الحوادث خلال العقدين السابقين، ويُعد تجاوز هذا الحد خطرًا كبيرًا.

منذ مطلع عام 2025، أودت العواصف بحياة 6 أشخاص وفُقد آخر، ثلاثة منهم من سائقي الأجرة، الذين يُعتبرون الأكثر عرضة لمخاطر الفيضانات وسقوط الأشجار. 

وعبّر أنطونيو سيارا، رئيس نقابتهم، عن حجم الخسائر قائلاً: "نحن لا نخسر سياراتنا فقط، بل زملاءنا أيضًا." وأفادت البلدية بأن أكثر من 2000 شجرة اقتُلعت منذ بداية العام بفعل العواصف.

عواصف وفيضانات في البرازيل

فيضانات واختناقات مرورية

في يناير الماضي، شهدت المدينة ثالث أسوأ فيضان منذ 1961، وتجاوز طول الازدحامات المرورية 1174 كيلومترًا في يوم واحد. 

كما أدى تساقط الأمطار الكثيفة إلى انقطاع الكهرباء عن مليون منزل في أكتوبر 2024، في حادثة فريدة من نوعها خارج موسم الصيف الجنوبي.

وتُهدد هذه الظواهر الأنشطة الاقتصادية في المدينة، حيث تتعطل سلاسل التوريد، وتتوقف الأعمال، مما يزيد العبء الاقتصادي إلى جانب الكوارث البيئية.

جهود وتأقلم إجباري

تحاول سلطات ساو باولو مواجهة الأزمة عبر إرسال تنبيهات مناخية مبكرة لسكان المدينة، حيث تلقوا 14 تحذيرًا منذ ديسمبر الماضي. 

وتبذل جهودًا لزيادة المساحات الخضراء من 15% إلى 26% بين 2021 و2024، وتحديث البنية التحتية لتصريف المياه، لا سيما في المناطق الفقيرة مثل حي جارديم بانتانال، حيث تطفو السيارات والمواطنون في القوارب المؤقتة عند كل فيضان.

ورغم ذلك، تبقى الإجراءات محدودة أمام تسارع التغيرات المناخية، ويقول الناطق باسم الدفاع المدني، الملازم ماكسويل دي سوزا: "لا يمكننا إجلاء الجميع مع كل فيضان، على المجتمعات أن تتعلم كيف تكون أكثر صمودًا."

السكان يرفضون المغادرة

ويرفض سكان الأحياء المنكوبة مغادرة منازلهم رغم دعوات السلطات، ويقول بيدرو جيديس، زعيم محلي يبلغ من العمر 66 عامًا: "نحن بحاجة إلى العمل.. لا يمكننا فقط أن نرحل".

وتُظهر هذه الشهادات حجم التحديات أمام التكيف مع مناخ جديد، تُصبح فيه الحياة اليومية محفوفة بالمخاطر والتهديدات غير المتوقعة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية