دمج وكالات وتجاوز أزمات التمويل.. غوتيريش يسعى لإعادة هيكلة "الأمم المتحدة"
دمج وكالات وتجاوز أزمات التمويل.. غوتيريش يسعى لإعادة هيكلة "الأمم المتحدة"
أوصت مجموعة عمل تابعة للأمم المتحدة بإجراء إصلاحات كبيرة في هيكل المنظمة، تشمل دمج وكالات رئيسية وتحديث آليات العمل، سعياً لتعزيز الكفاءة والاستجابة للتحديات المالية والسياسية المتزايدة، وفق مذكرة داخلية بحسب ما نشرته، وكالة “فرانس برس”، اليوم السبت.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أطلق في مارس مبادرة "الأمم المتحدة 80" (UN 80)، في محاولة لمعالجة الأزمة المالية المستمرة التي أثقلت كاهل المنظمة.
وازدادت حدة خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قاد حملة تقليص تمويل عدد من الوكالات الأممية.
تداعيات نقص التمويل
تزايدت أهمية هذه المبادرة في الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد إعلان عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة، من بينها برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، عن تقليص كبير في خدماتها وتسريح بعض موظفيها، نتيجة انخفاض الموارد المالية.
وتُظهر المذكرة، التي تمتد على ست صفحات، انتقاداً صريحاً لتضخم البنية البيروقراطية داخل المنظمة، حيث أشارت إلى "تكاثر تدريجي" للهيئات والصناديق والبرامج، ما أدى إلى نظام إنمائي "مشرذم"، يتّسم بتداخل في الاختصاصات، وسوء استخدام للموارد، وتقديم خدمات غير متناسق.
وأبرزت المذكرة أيضاً ما وصفته بـ"أساليب عمل عفا عليها الزمن"، إلى جانب "تضخم" في عدد المناصب العليا، ما يضعف الفاعلية ويزيد من كلفة الإدارة، في وقت تشهد فيه المنظمة ضغوطاً مالية كبيرة وتراجعاً في الدعم الدولي للمساعدات الخارجية.
ورأت مجموعة العمل أن التحولات الجيوسياسية وتراجع ميزانيات المساعدات تشكل تهديداً مباشراً لشرعية وفعالية الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن الوضع يتطلب تحركاً عاجلاً نحو "منظمة أكثر انسيابية وتأثيراً، وأكثر مسؤولية من الناحية المالية".
دمج إدارات ووكالات رئيسية
ومن بين المقترحات التي وردت في المذكرة، دمج إدارات الأمانة العامة مثل "إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام" مع "إدارة عمليات السلام"، في خطوة تهدف إلى تقليص التكرار وتعزيز الانسجام في العمل السياسي.
وتقترح المذكرة إنشاء "كيان إنساني موحد"، من خلال دمج مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، إضافة إلى أفكار بدمج برامج بيئية وتنموية مثل برنامج الأمم المتحدة للمناخ مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وشملت المقترحات أيضاً ضم صندوق الأمم المتحدة للسكان، الذي يُعنى بصحة الأم والطفل، إلى هيئة الأمم المتحدة للمرأة، في محاولة لتوحيد الجهود المرتبطة بحقوق النساء والفئات الهشة ضمن آلية أكثر تركيزاً وتأثيراً.
وعلّق ريتشارد غوان، الخبير في شؤون الأمم المتحدة لدى مجموعة الأزمات الدولية، على الوثيقة بالقول إنها "تتناول تغييرات جذرية بدرجة كبيرة"، لكنه لفت إلى أن تنفيذ إصلاحات هيكلية كبرى من هذا النوع سيستلزم موافقة الجمعية العامة وهيئات حاكمة أخرى داخل المنظمة.
مصالح الدول قد تعرقل التنفيذ
وحذّر غوان من أن العملية برمتها قد تصبح "فوضوية جداً"، نظراً لتضارب مصالح الدول الأعضاء في قطاعات ووكالات مختلفة داخل منظومة الأمم المتحدة، ما قد يؤدي إلى عرقلة تنفيذ بعض المقترحات الطموحة.
وأضاف غوان أن غوتيريش، الذي يقترب من نهاية ولايته، قد يكون مستعداً "للخروج بشكل لافت" عبر التقدم بهذه الإصلاحات إلى الأمام، رغم العقبات المحتملة، مشيراً إلى أن الأمين العام سيطلع الدول الأعضاء قريباً على تفاصيل هذه الجهود الإصلاحية.
تأسيس الأمم المتحدة
تأسست منظمة الأمم المتحدة عام 1945 عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، بهدف الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وتعزيز التعاون بين الدول في مجالات التنمية وحقوق الإنسان والعمل الإنساني. تضم المنظمة حالياً 193 دولة عضواً، ويقع مقرها الرئيسي في نيويورك.
تتكوّن الأمم المتحدة من عدد كبير من الأجهزة والوكالات والبرامج، أبرزها: مجلس الأمن، والجمعية العامة، ومجلس حقوق الإنسان، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الصحة العالمية. ومع مرور الزمن، توسعت مهام المنظمة لتشمل قضايا المناخ، والهجرة، والمساعدات الطارئة، وتمكين المرأة، وغيرها.
رغم إنجازاتها، تواجه الأمم المتحدة انتقادات بشأن البيروقراطية وتداخل الصلاحيات وضعف فاعلية بعض أجهزتها، ما دفع إلى مطالبات متكررة بإجراء إصلاحات عميقة في بنيتها وآليات عملها.