"واشنطن بوست": قيود جديدة على لقاحات كوفيد تُثير قلق الأمريكيين

"واشنطن بوست": قيود جديدة على لقاحات كوفيد تُثير قلق الأمريكيين
قيود جديدة على لقاحات كوفيد

كشفت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) عن خطة جديدة تفرض قيودًا صارمة على توزيع لقاحات فيروس كورونا، ما يهدد بحرمان ملايين الأشخاص من الحصول على جرعاتهم السنوية، تهدف الخطة إلى حصر التطعيمات فقط بكبار السن والأفراد الأكثر عرضة للخطر، بما يشمل من يعانون من أمراض مزمنة كالرّبو والسكري.

ووفقا لـ"واشنطن بوست"، الثلاثاء، تُثير هذه الخطوة قلق الآباء الذين يسعون لحماية أطفالهم، ومقدمي الرعاية للأشخاص ذوي الحالات الصحية المعقدة، إضافة إلى العاملين الراغبين في تقليل احتمالية الإصابة بأعراض كوفيد الطويلة، التي قد تؤثر سلباً على حياتهم المهنية.

تفرض إدارة الغذاء والدواء الأمريكية متطلبات أكثر صرامة على الشركات المُصنّعة، إذ تشترط إجراء تجارب سريرية عشوائية قبل الموافقة على لقاحات للأشخاص الأقل عرضة للمخاطر، وهو ما قد يدفع شركات الأدوية إلى تقليص إنتاج اللقاحات بسبب ضعف الطلب وارتفاع التكاليف.

تداعيات إنسانية واسعة

تسعى أليسون فلين، التي تبلغ من العمر 56 عامًا وتعيش في نيوجيرسي، إلى تلقي اللقاح بانتظام لحماية زوجها البالغ 72 عامًا، وعلى الرغم من تصنيفها ضمن الفئة "منخفضة المخاطر"، تخشى أن تصبح مصدراً للعدوى في منزلها.

وصرّحت فلين، قائلة: "لا أريد أن أكون السبب في إيذائه.. لا يُمكن أن أُمنع من اتخاذ القرار الذي يحمينا".

ولا تزال تفاصيل تأثير التوجيهات الجديدة غير واضحة، لا سيما أن تطبيق السياسة يعتمد على تداخل أدوار عدّة جهات، من بينها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، وشركات التأمين، وشبكات التوزيع الطبية من صيدليات وأطباء.

وطلبت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية من الشركات تحديث لقاحاتها لتستهدف السلالة الأوسع انتشاراً في الولايات المتحدة، لكن التحديثات المطلوبة تزيد من احتمال حدوث نقص في اللقاحات المتوفرة هذا الخريف، خاصةً مع تعقيد الموافقات المطلوبة.

وأبدى عدد من المستشارين والخبراء حيرتهم خلال اجتماع عام عُقد يوم الخميس الماضي، إذ لم تُقدّم الإدارة تفاصيل كافية حول ما يعنيه "تغيير السلالة" في ظل السياسات الجديدة.

وأوضح مدير مكتب أبحاث اللقاحات في الوكالة، ديفيد كاسلو، أن الإدارة "لا تستطيع التحدث عن تفاصيل تتعلق بالمناقشات مع الشركات المُصنّعة"، لكنه أكد استمرار التواصل معهم بشأن التحديثات.

وأكدت المتحدثة باسم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، إميلي هيليارد، أن إدارة ترامب تضع حدًا للموافقة العشوائية على الجرعات المعززة، مشيرة إلى أن الإطار الجديد سيُركّز على الفئات الأكثر عرضة، ويعتمد على بيانات سريرية دقيقة.

جلسة استماع في الكونغرس

تشير تقديرات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن نسبة البالغين الذين تلقوا أحدث جرعة لا تتجاوز 23%، بينهم 40% فقط من كبار السن، و13% من الأطفال.

صرّح مفوض إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، الدكتور مارتي ماكاري، خلال جلسة استماع في الكونغرس، بأن "الاهتمام باللقاحات المعززة منخفض بالفعل"، وأضاف: "الجمهور رفض تلقّي جرعات كوفيد السنوية".

تُقلل السياسة الجديدة من ثقة بعض الأمريكيين في نظام الصحة العامة، لا سيما من يعتمدون على اللقاحات كوسيلة لحماية أنفسهم وأحبائهم، حتى وإن لم يكونوا ضمن الفئات عالية المخاطر.

تسعى كريستينا دانتيكو، المحاسبة المستقلة من سياتل، لتطعيم ابنها البالغ من العمر ست سنوات قبل بداية الخريف، خوفاً من عدم توفر الجرعات لاحقاً، وقالت: "نحن لا نسعى للنجاة من الموت فحسب، بل نرغب في حياة هادئة ومستقرة دون انقطاع عن المدرسة أو العمل".

تعتمد دانتيكو على تلقيح ابنها ليس فقط لحمايته، بل أيضاً للحفاظ على نظام يومها العملي من دون اضطرابات.

وفي المقابل، تحذر لوري برونر، البالغة 54 عاماً والناجية من السرطان، من التمييز في الوصول إلى اللقاحات، وأوضحت: "ليس من المنطقي أن يحصل الشخص المريض على اللقاح، بينما يُمنع أقرب الناس إليه من ذلك، وكأنك تترك جانب العائلة مكشوفاً".

رفض كبير مسؤولي اللقاحات في الإدارة وأحد أبرز معارضي التوصية بالتطعيم السنوي للجميع، الدكتور فيناي براساد، ما يُقال عن فاعلية جرعات معززة للزوار الأصحاء.

وقال براساد في اجتماع مفتوح مع المسؤولين: "لا يوجد دليل قاطع حتى الآن يُثبت أن أخذ جرعة معززة من أجل زيارة جدتك يحميها أكثر من تلقيها هي الجرعة بنفسها".

فرض اللقاحات على الجميع

أجمع مؤيدو السياسة الجديدة على أن البيانات المتوفرة لا تدعم فرض اللقاحات على الجميع، لكن آخرين يرون أن حماية الآخرين عبر تقليل نقل العدوى تبقى منطقية، رغم محدودية الأبحاث الحالية حول ذلك.

وجدت دراسات سابقة أن تحديثات اللقاحات أسهمت في تقليل احتمالية الإصابة المصحوبة بأعراض، كما ساعدت في تقليل الحمل الفيروسي لدى المصابين، ما قلل من فرص انتقال العدوى للآخرين، حتى إن لم يُظهر مركز السيطرة على الأمراض بيانات محددة حول النسخ الأحدث.

واختتمت "واشنطن بوست" تقريرها مؤكدة أن أمام هذا التوجه الجديد، يبقى مستقبل سياسة التطعيم في الولايات المتحدة مفتوحاً على مزيد من الجدل، وسط تباين وجهات النظر بين العلم، والسياسة، ومخاوف المواطنين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية