"الصحة العالمية": النظام الصحي في السودان ينهار وسط أكبر أزمة نزوح بالعالم
"الصحة العالمية": النظام الصحي في السودان ينهار وسط أكبر أزمة نزوح بالعالم
حذّرت منظمة الصحة العالمية من انهيار وشيك للنظام الصحي في السودان، في ظل أزمة نزوح غير مسبوقة تتفاقم مع استمرار النزاع المسلح، مشيرة إلى كارثة إنسانية تهدد حياة الملايين داخل البلاد وفي الدول المجاورة.
وقالت المنظمة في بيان صدر يوم الثلاثاء، إن أكثر من 14.5 مليون شخص اضطروا للنزوح من منازلهم منذ اندلاع الحرب، بينهم نحو أربعة ملايين لاجئ عبروا إلى دول مجاورة مثل: مصر، جنوب السودان، تشاد، إثيوبيا، ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
أزمة ممتدة تتخطى الحدود
ما بين يناير ومارس 2025، عبر أكثر من 200 ألف شخص من السودان إلى جنوب السودان، الذي يواجه بدوره صراعًا داخليًا متصاعدًا. وبهذا، تجاوز العدد الإجمالي للاجئين والعائدين إلى جنوب السودان منذ بداية الحرب مليون شخص، بحسب بيانات المنظمة.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن العبء الإنساني المتزايد يهدد قدرات أنظمة الصحة العامة في دول الجوار، التي تواجه تحديات داخلية وتعاني من محدودية الموارد أصلاً.
الكوليرا وسوء التغذية ينتشران بسرعة
وأشارت المنظمة إلى أن الهجمات المتكررة على المرافق الصحية في السودان تُعوق الاستجابة الطبية العاجلة، موضحة أن هذا الوضع أسهم في تفاقم انتشار الأمراض.
وتم تسجيل قرابة 60 ألف حالة إصابة بالكوليرا منذ بدء النزاع، أسفرت عن أكثر من 1640 حالة وفاة. كما تُعد الملاريا، وسوء التغذية، والإسهال المائي الحاد، والتهابات الجهاز التنفسي الحادة من أبرز المشكلات الصحية في مناطق النزوح وداخل مخيمات اللاجئين في شرق تشاد.
وفي إثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى، تتواصل جهود المنظمة لمكافحة تفشي الكوليرا والملاريا والتهاب الكبد الوبائي (هـ)، وسط بيئة صحية هشة.
مصر تواصل الاستجابة رغم الضغط
ذكرت منظمة الصحة العالمية أن مصر تواصل تقديم الرعاية الصحية للاجئين السودانيين الوافدين حديثًا، من خلال برنامج دعم مخصص. وبحلول نهاية أبريل، تم تسجيل 1.5 مليون وافد سوداني جديد داخل البلاد.
وأكدت أن هذه الأرقام تمثل ضغطًا هائلًا على البنية التحتية الصحية في مصر والدول المجاورة الأخرى، ما يستدعي استجابة دولية عاجلة.
تحديات معقدة تهدد الاستجابة
حذّرت المنظمة من أن فجوة التمويل المتفاقمة تعرقل قدرة الشركاء الإنسانيين على مواصلة تدخلاتهم، حيث اضطرت بعض المنظمات إلى تقليص أو تعليق أنشطتها بسبب نقص الموارد.
كما أشارت إلى أن الأعمال العدائية المتواصلة، خاصة الهجمات المتكررة على منشآت الرعاية الصحية، تعوق الوصول إلى المتضررين وتفاقم النزوح وتزيد من تعقيدات الوضع.
وأكدت المنظمة أن غياب أنظمة إنذار مبكر فعالة في السودان وبعض الدول المضيفة يُعوق رصد انتشار الأمراض والسيطرة عليها، كما يعوق اتخاذ قرارات طبية تستند إلى البيانات، ويُضعف الاستجابة الوقائية.
انهيار الكوادر وغياب البنية الأساسية
قالت منظمة الصحة العالمية إن هناك نقصًا حادًا في الكوادر الصحية ومقدمي الرعاية في العديد من المناطق المتضررة، فضلًا عن ضعف توفر المياه النظيفة ومستلزمات النظافة الشخصية، ما يزيد من خطر تفشي الأمراض المعدية.
وأضافت أن استمرار هذه الظروف بدون تدخل دولي كبير وفعّال قد يؤدي إلى كارثة صحية وإنسانية شاملة في السودان والمنطقة ككل.
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023 بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، دخلت البلاد في دوامة من العنف والانهيار المؤسسي، تسببت في نزوح الملايين داخليًا وخارجيًا، وتسببت في تدمير مرافق حيوية، بما في ذلك المستشفيات ومراكز التغذية، ما جعل الأزمة الصحية في البلاد واحدة من الأكثر تعقيدًا وخطورةً في العالم اليوم.