سلوفاكيا تفتح باب استهلاك لحم الدببة وسط انتقادات بيئية حادة
سلوفاكيا تفتح باب استهلاك لحم الدببة وسط انتقادات بيئية حادة
سمحت الحكومة السلوفاكية، رسميًا، باستهلاك وبيع لحم الدببة داخل البلاد، في خطوة أثارت سخطًا واسعًا لدى نشطاء البيئة والمنظمات المعنية بالحفاظ على الحياة البرية، الذين اعتبروا القرار بمثابة تشجيع للصيد الجائر وتطبيع لانتهاك حقوق الحيوانات المحمية.
وأثار هذا القرار ردود فعل غاضبة من قبل منظمات بيئية، على رأسها منظمة "نحن الغابة"، التي وصفته بأنه "عبثي وغير مسؤول"، معتبرة أن وزارة البيئة، المفترض أن تكون حامية للدببة البنية، تحولت إلى منصة لتشريع الاتجار بالحيوانات البرية، بحسب ما ذكرت وكالة “فرانس برس”، اليوم الخميس.
وصرّح الناشط البيئي البارز ماريان هليتكو بأن هذا الإجراء يمثل رسالة خطيرة، قائلاً: "إذا أرسلت الدولة رسالةً مفادها أنها لا تكترث بحماية الحيوانات، فلن يهتم الصيادون بالعواقب أو العقوبات، وسنشهد تصاعدًا في الصيد غير المشروع".
وجاء القرار بعد تصريحات وزير الدولة لشؤون البيئة فيليب كوفا، المنتمي إلى حزب "SNS" اليميني المتطرف، قال فيها على فيسبوك إن الدولة ستُجيز بيع لحم الدببة "لأنه صالح للاستهلاك البشري"، في موقفٍ بدا وكأنه يبرر الصيد لأغراض تجارية.
طوارئ ومخاوف أمنية
وجاءت هذه الخطوة بعد إعلان حالة طوارئ بيئية في سلوفاكيا خلال شهر أبريل الماضي، عقب تسجيل أكثر من 1300 حالة رصد لحيوانات برية "غير مرغوب فيها"، بينها دببة اقتربت من المناطق السكنية، بل وسُجلت هجمات على المواطنين.
ودعا رئيس الوزراء روبرت فيكو إلى إجراءات حازمة، قائلا: "لا يمكننا العيش في بلد يخشى فيه الناس دخول الغابات".
وقد وافقت الحكومة، المؤلفة من ائتلاف يضم عدة أحزاب قومية وشعبوية، على إعدام 350 دبا كخطوة لحماية السكان، وسط انتقادات من خبراء بيئيين اعتبروا أن الحلول الوقائية البديلة لم تُنفذ بالشكل الكافي.
ممارسات أوروبية مشابهة
وتُعد الدببة البنية من الأنواع المحمية في الاتحاد الأوروبي، لكن سلوفاكيا، كغيرها من بعض الدول مثل سلوفينيا، تستفيد من استثناءات قانونية تسمح بقتل بعض هذه الحيوانات تحت شروط خاصة، مثل الدفاع عن النفس أو الأذى المباشر للممتلكات.
وبحسب منظمة "نحن الغابة"، تم قتل 92 دبا خلال عام 2024، فيما قُضِي على 52 دبا آخر في حوادث مرورية أو نتيجة صيد غير قانوني، ما يعكس التحديات البيئية التي تواجه الدولة ذات الـ5.4 مليون نسمة.
وتعهدت الحكومة بأن تُصدر شهادات توثق قانونية الصيد للحيوانات المذبوحة، وتُلزم معالجة لحم الدببة قبل طرحه للاستهلاك لتجنب انتشار الطفيليات.
السياحة والهوية البيئية
ويحذر النشطاء من أن تحويل لحوم الدببة إلى سلعة تجارية قد يؤثر سلبًا على الهوية الطبيعية لسلوفاكيا، المعروفة بغاباتها وحياتها البرية الغنية، ويهدد أيضًا قطاع السياحة البيئية، الذي يجتذب زوارًا لمشاهدة الحيوانات في بيئتها الطبيعية.
وقال أحد مسؤولي المنظمة البيئية: "بدلًا من الاستثمار في التوعية والتقنيات غير الفتاكة لحماية السكان، اختارت الدولة طريقًا قصير المدى ستكون كلفته فادحة على التنوع الحيوي".
ويُظهر هذا القرار بوضوح الصراع المحتدم بين المخاوف الأمنية والضرورات البيئية، حيث تسعى الدولة إلى تهدئة مخاوف المواطنين من هجمات الحيوانات، فيما يُنبه النشطاء إلى خطر تفكيك منظومة الحماية الطبيعية والتشجيع الضمني على تجارة الحيوانات البرية.