آبل تواجه اختبارات في مؤتمرها السنوي وسط تأخرها بسباق الذكاء الاصطناعي
آبل تواجه اختبارات في مؤتمرها السنوي وسط تأخرها بسباق الذكاء الاصطناعي
تواجه شركة "آبل" الأمريكية، غداً الاثنين، أحد أصعب عروضها السنوية خلال مؤتمرها العالمي للمطورين، والذي يُعقد في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا، إذ تجد نفسها مضطرة إلى إثبات قدرتها على اللحاق بركب منافسيها في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وسط تحديات قانونية وتجارية تزداد تعقيداً، على رأسها الضغط القضائي لتفكيك منظومتها المغلقة، وتنامي الأخطار المرتبطة بالرسوم الجمركية الأمريكية على منتجاتها المصنعة في الصين.
وتسعى "آبل" خلال المؤتمر إلى إقناع الحضور والمطورين والمراقبين بأنها لم تتأخر في مواكبة الثورة التقنية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، رغم أن الإعلان الذي قدمته قبل عام تحت اسم "Apple Intelligence" لم يُترجم حتى اليوم إلى ميزات متقدمة قابلة للاستخدام العملي، وفق وكالة "فرانس برس".
وأكد محللون من شركات متخصصة مثل "إيماركتر" أن وعود الشركة لم تتحقق بعد، لا سيما فيما يتعلق بتحسين المساعد الصوتي "سيري" ليصبح قادراً على أداء مهام معقدة بناءً على فهم السياق، كتحليل البريد الإلكتروني والبحث في الصور أو تنظيم المواعيد بمرونة.
واعتبر المدون التقني جون غروبر أن ما عُرض العام الماضي لم يكن سوى فيديو دعائي يفتقر إلى التنفيذ العملي، مشيراً إلى أن هذا النمط من العروض غالباً ما يكون مؤشراً على وجود صعوبات عميقة داخل الشركة.
عمالقة الذكاء الاصطناعي
ورغم هذه الانتقادات، يُتوقع أن تكشف "آبل" خلال المؤتمر عن خطوات جديدة تشمل تحديثات كبرى لنظام التشغيل iOS، وربما دمج خصائص للذكاء الاصطناعي في سماعات "إيربودس"، مثل الترجمة الفورية.
وتنتشر شائعات عن تعاون محتمل مع "غوغل" أو شركة "بيربليكسيتي" الناشئة، ما قد يعزز موقف "آبل" في منافسة عمالقة القطاع مثل "أوبن إيه آي"، و"ميتا"، و"أمازون".
وأشار خبراء من شركة "ديب ووتر أسيت مانجمنت" إلى أن "آبل" تعاملت في البداية باستخفاف مع الطفرة في الذكاء الاصطناعي، ثم بالغت لاحقاً في تصوير قدراتها، وهي الآن تجد نفسها مضطرة إلى محاولة "اللحاق بالركب".
شكاوى من المطورين
وتتزامن هذه التحركات مع تصاعد التوتر بين الشركة والمطورين الذين يشتكون من القيود التي تفرضها "آبل" على نظام تشغيلها، ولا سيما عبر متجر التطبيقات "آب ستور"، الذي يُجبر المطورين على استخدام منصة الدفع الخاصة بالشركة، ما يفرض عليهم عمولة بنسبة 30%.
وكانت الشركة تلقت ضربة قضائية في مايو الماضي، بعد أن أجبرتها محكمة أمريكية، بناءً على دعوى تقدمت بها شركة "إبيك غيمز" المطورة للعبة "فورتنايت"، على السماح للمطورين باستخدام منصات دفع بديلة داخل الولايات المتحدة.
ورغم أن "آبل" أعلنت في تقرير حديث أن أكثر من 90% من مبيعات التطبيقات البالغة 1300 مليار دولار خلال 2024 لم تشمل دفع عمولة لها، إلا أن هذا لم يُهدئ غضب العديد من المطورين الذين يطالبون بمزيد من الانفتاح والعدالة.
علاقة متوترة مع الصين
ولا تقتصر الضغوط على قطاع البرمجيات، إذ تواجه "آبل" أيضاً تحديات متنامية على صعيد سلاسل التوريد، نتيجة التهديدات المتكررة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بإعادة فرض رسوم جمركية جديدة على المنتجات المصنعة في الصين، في حال لم تنقل الشركة جزءاً من إنتاجها إلى الولايات المتحدة.
ورأى المحلل سيفيلا أن العودة إلى تصنيع هواتف "آيفون" بالكامل داخل أمريكا أمر "غير واقعي"، معتبراً أن ذلك "يستلزم إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي بالكامل".
وتُواجه "آبل" ضغوطاً رمزية بعد انتقال مصممها الشهير جوني آيف، العقل المدبر وراء تصميم "آيفون"، إلى شركة "أوبن إيه آي"، حيث يعمل على تصميم أجهزة جديدة للذكاء الاصطناعي.
وعدّ مراقبون هذا الانتقال يمثل ضربة معنوية لآبل، توحي بأن مستقبل الابتكار لم يعد حصرياً داخل أروقتها.
الولاء المستمر رغم التعثر
ورغم هذه التحديات، يرى خبراء أن شركة "آبل" لا تزال تتمتع بميزة حاسمة هي ولاء مستخدميها.
وقالت المحللة كارولينا ميلانيسي من شركة "كرييتف ستراتيجيز"، إن "المستخدمين يريدون فعلاً سيري أكثر ذكاءً، لكنهم سيظلون عملاء لآبل في جميع الأحوال، ويستمرون في شراء منتجاتها".
ويراهن المراقبون على أن مؤتمر المطورين سيكون اختباراً حقيقياً لقدرة الشركة على قلب الطاولة، وتأكيد أنها لم تغب عن مشهد الثورة التكنولوجية بقدر ما كانت تستعد لها بهدوء.