"فايننشيال تايمز": محاربون قدامى ينددون باستخدام ترامب الجيش لأغراض سياسية

"فايننشيال تايمز": محاربون قدامى ينددون باستخدام ترامب الجيش لأغراض سياسية
جانب من مظاهرات لوس أنجلوس

اعترض عدد متزايد من قدامى المحاربين والضباط الأمريكيين العاملين على قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بنشر قوات من مشاة البحرية والحرس الوطني في مدينة لوس أنجلوس، معتبرين أن هذه الخطوة تُشكل إساءة استخدام للسلطة التنفيذية وتُعرّض حياة الجنود الأمريكيين للخطر.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز"، اليوم الثلاثاء، نددت المحاربة السابقة في مشاة البحرية، والرئيسة السابقة لمؤسسة "فيت فويس" غير الربحية ، جانيسا جولدبيك، بإرسال 700 عنصر من مشاة البحرية ضمن حملة لإحكام القبضة على الهجرة غير النظامية، معتبرة أن القرار "يُعدّ تحوّلًا خطيرًا في العلاقة بين المدنيين والعسكريين، ويُسجّل سابقة تهدد الأعراف الديمقراطية في الولايات المتحدة".

وأكدت جولدبيك، أن قسم الولاء في الجيش الأمريكي يُؤدى للدستور لا لشخص أو حزب سياسي، مضيفة: "الجيش وُجد للدفاع عن الجمهورية وليس لخدمة الطموحات الشخصية".

استخدام الجيش في القمع

أصدر ترامب توجيهًا إلى وزارة الدفاع (البنتاغون)، بإرسال ما لا يقل عن 2000 جندي من الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس عقب اندلاع احتجاجات رافضة لحملات مداهمة طالت مهاجرين يُشتبه في عدم امتلاكهم أوراق إقامة قانونية.

وأثار القرار موجة انتقادات سياسية وقانونية، حيث قدّم حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، دعوى قضائية ضد ترامب، اتهمه فيها بـ"إثارة الخوف والترويع من أجل السيطرة على قوات تابعة للولاية، بما يُلحق الضرر بأسس الجمهورية الأمريكية"، وفق تعبيره.

وأعرب عدد من عناصر الحرس الوطني أنفسهم عن رفضهم لهذا التوظيف العسكري، وصرّح المرشح الديمقراطي للكونغرس والضابط السابق في الحرس الوطني بولاية إلينوي، ديلان بلاها، أن المشهد "يبعث على القلق الشديد"، مؤكدًا أن العسكريين يُقسمون على حماية الدستور، لا تنفيذ أوامر قد تكون غير قانونية.

وصف اللواء المتقاعد بول إيتون، خطوة ترامب بـ"الاستعراض الرئاسي المتهور"، مشيرًا إلى أنها إساءة فاضحة لصلاحيات السلطة التنفيذية.

وأكد إيتون، الذي يعمل حاليًا مع مؤسسة "فيت فويس"، أن "آخر ما يحتاجه الجيش الأمريكي هو أن يُنظر إليه كأداة تُستخدم لفرض إرادة الرئيس على الشعب"، محذرًا من تآكل الثقة بين المجتمع المدني والمؤسسة العسكرية.

وأثار قرار ترامب جدلًا إضافيًا بعد أن حوّل السيطرة على الحرس الوطني من ولاية كاليفورنيا إلى السلطة الفيدرالية، متجاهلًا اعتراضات الحاكم نيوسوم، وهو ما اعتبره منتقدون خطوة تهدد مبادئ الفيدرالية الأمريكية.

انتهاك القانون

اعتبر اللواء المتقاعد راندي مانر، نائب رئيس مكتب الحرس الوطني بالإنابة سابقًا، في تصريح لشبكة فوكس نيوز، أن نشر الحرس الوطني على هذا النحو دون موافقة حاكم الولاية يُعدّ تهديدًا مباشرًا لحرية التعبير وحقوق الولايات.

وأوضح أن الحاكم يملك الصلاحية الأولى في التعامل مع الاضطرابات المدنية، بدعم محتمل من ولايات أخرى، وليس بتدخل مباشر من السلطة الفيدرالية.

وأشار خبراء قانونيون إلى أن آخر مرة استخدم فيها رئيس أمريكي القوات الفيدرالية دون إذن حاكم ولاية كانت خلال حقبة الحقوق المدنية في الستينيات، وهو ما يُبرز حساسية وسابقة القرار الحالي.

وبرّر ترامب تحركه العسكري بالتصدي لما وصفه بـ"التمرد"، وهدّد عبر وزير الدفاع المؤقت بيت هيجسيث، بنشر مشاة البحرية لدعم قوات إنفاذ القانون إذا استمرت أعمال العنف.

وأكد البنتاغون، يوم الاثنين، تفعيل 700 عنصر من مشاة البحرية لحماية "الموظفين والممتلكات الفيدرالية" في منطقة لوس أنجلوس.

وأثار هذا التبرير ردود فعل قانونية، حيث أشار خبراء إلى أن الخطوة قد تُشكّل انتهاكًا لقانون "بوس كوميتاتوس" الصادر عام 1878، والذي يمنع استخدام القوات الفيدرالية للقيام بمهام شرطية داخل الأراضي الأمريكية.

وأوضحت الأستاذة المشاركة في كلية الحرب البحرية الأمريكية والمتخصصة في شؤون القوات المسلحة، ليندسي كوهن، أن إشراك الحرس الوطني في أعمال ضبط الشغب يضعهم في مواجهة مع المواطنين ويخلط بين مهامهم الإنسانية ومهام إنفاذ القانون، وهو ما قد يُقوّض شرعيتهم وفاعليتهم على المدى الطويل.

وأضافت كوهن، متحدثة بصفتها الشخصية، أن مثل هذا التوظيف يُجبر العسكريين على التمييز بين ممارسة المواطنين لحقوقهم الدستورية وخرق القانون، وهو دور لا يتلاءم مع طبيعة تدريبهم ولا مع المهمة التي أُنشئ من أجلها الحرس الوطني.

السيطرة على الحشود

وانتقدت المحاربة السابقة في الحرس الوطني بولايات تينيسي ونيفادا، راشيل هيكس، التي خدمت لمدة 11 عامًا، استخدام قوات الحرس في مهام السيطرة على الحشود، مشيرة إلى أن تدريبهم يتركز على دعم المدنيين، كما في جهود التلقيح خلال جائحة كوفيد-19، وليس في قمع المتظاهرين.

وقالت هيكس إن نشر الجنود في مهام غير مدربين عليها يعرّض الطرفين، المدني والعسكري، لخطر كبير قد يصل إلى حدّ القتل، مضيفة أن "هذه ليست الطريقة التي يجب بها استخدام الحرس الوطني – أبدًا".

ويثير قرار الرئيس ترامب بنشر القوات في لوس أنجلوس أسئلة حرجة حول مستقبل العلاقة بين الجيش والسلطة المدنية في الولايات المتحدة، وحول حدود تدخل السلطة التنفيذية في شؤون الأمن الداخلي، وبينما يرى البعض أن القرار ضروري لحماية الممتلكات العامة، يعتبره آخرون تهديدًا صريحًا للديمقراطية والدستور، ودعوة خطيرة لتسييس المؤسسة العسكرية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية