كوريا الجنوبية تعزز الإجراءات لمنع إرسال منشورات معادية للشمال عبر الحدود
كوريا الجنوبية تعزز الإجراءات لمنع إرسال منشورات معادية للشمال عبر الحدود
أعلنت حكومة كوريا الجنوبية، اليوم الاثنين، عن اتخاذ مجموعة من التدابير الأمنية والتشريعية الجديدة بهدف منع إرسال المنشورات المعادية إلى كوريا الشمالية عبر الحدود، في خطوة تعكس القلق المتزايد من إمكانية اندلاع توتر عسكري نتيجة هذه الأنشطة.
وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع طارئ عقدته وزارة الوحدة الكورية الجنوبية بمشاركة ممثلين عن عدد من الأجهزة الحكومية والأمنية، تنفيذًا لتوجيهات مباشرة أصدرها الرئيس لي جيه-ميونغ السبت الماضي، دعا فيها إلى "اتخاذ إجراءات صارمة" ضد إرسال هذه المنشورات، التي وصفتها الحكومة بأنها "أعمال غير قانونية تُهدد السلام والأمن القومي"، وفق وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية.
بحسب ما أفادت به وكالة "يونهاب" الرسمية، تعتزم السلطات الكورية الجنوبية نشر وحدات شرطية متنقلة وضباط أمن إقليميين في المناطق الحدودية التي تُستخدم عادة لإطلاق بالونات تحمل منشورات مناهضة للنظام الكوري الشمالي.
وستُكثف الشرطة من دورياتها الليلية والنهارية في المواقع المعروفة سابقًا بنشاطات مماثلة، لا سيما في مناطق كيمبو وباجو ويونتشون القريبة من خط التماس العسكري.
وأعلنت الحكومة أنها تدرس إدخال تعديلات تشريعية محتملة على قوانين من بينها "قانون سلامة الطيران" وقوانين الأمن الحدودي، بهدف فرض عقوبات أكثر صرامة على الأفراد أو المجموعات التي تنفذ هذه العمليات دون ترخيص رسمي.
مخاوف من التصعيد
وجاءت هذه التدابير عقب تقارير أكدت قيام مجموعة مدنية كورية جنوبية مؤخرًا بإرسال بالونات محمّلة بمنشورات دعائية ضد النظام في بيونغ يانغ، ما أثار مخاوف لدى الحكومة من احتمال قيام كوريا الشمالية برد فعل عسكري قد يُعرّض سكان المناطق الحدودية للخطر المباشر.
ولم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها، إذ لطالما مثّل إطلاق المنشورات أحد الأسباب المتكررة للتوترات المتفجرة في العلاقات بين الكوريتين، حيث ترى بيونغ يانغ في هذه الأفعال أعمالًا استفزازية تشكل تهديدًا مباشرًا لشرعيتها الداخلية، وكانت قد ردّت في السابق بقصف مدفعي على مناطق حدودية نتيجة حوادث مشابهة.
وأكدت وزارة الوحدة، في بيان عقب الاجتماع، أن الحفاظ على السلام في شبه الجزيرة الكورية وحماية سلامة المواطنين يشكلان "أولوية وطنية عليا"، مشددة على أن الإجراءات المتخذة لا تهدف إلى تقييد حرية التعبير، بل إلى "تحقيق توازن دقيق بين الحقوق الدستورية ومتطلبات الأمن القومي".
وأضاف البيان أن الحكومة تسعى من خلال هذه التدابير إلى خلق بيئة مستقرة تسمح بتقدم الحوار بين الكوريتين، وتعزز مناخ الثقة الضروري لأي تحرك دبلوماسي مستقبلي باتجاه المصالحة أو نزع السلاح النووي.
حرية التعبير والاستقرار الحدودي
وتبقى قضية إرسال المنشورات عبر الحدود واحدة من أكثر الملفات حساسية في العلاقات الكورية–الكورية، حيث تختلف الآراء داخليًا في كوريا الجنوبية بين من يدافع عن حرية التعبير حتى في إطار الصراع مع الشمال، ومن يرى ضرورة فرض قيود مشروعة لحماية أرواح المواطنين ومنع اندلاع مواجهات عسكرية قد تكون كارثية.
وتسعى حكومة الرئيس لي جيه-ميونغ، منذ توليه السلطة، إلى اعتماد نهج حذر ومتوازن إزاء كوريا الشمالية، يقوم على الانفتاح المشروط والتصعيد المضبوط، مدعومًا بتعزيز المنظومة الدفاعية، بالتوازي مع خطوات دبلوماسية تسعى إلى إعادة التواصل بين الجانبين عبر قنوات رسمية وإقليمية.